أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

قصور المغتربين الجنوبيين طواحين هواء .. ساحل الزهراني الأكثر تواضعا

الثلاثاء 31 أيار , 2016 07:54 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 74,657 زائر

قصور المغتربين الجنوبيين طواحين هواء .. ساحل الزهراني الأكثر تواضعا

 

هبة دنش - بنت جبيل.اورغ 
 

تزهو بلدات ساحل الزهراني بمئات القصور الفخمة والبيوت الأسطورية الشامخة المشرفة على تلال الجنوب، تفوق تكلفة بعضها أكثر من خمسة ملايين دولار أمريكي، بيد أن معظمها غير مأهولة طوال العام، تدبّ فيها الحياة في عطل الصيف حيث يسكن أصحابها فيها أقل من شهر، ثروة مجمدة لا تدرّ نفعاً. يمكن تصنيفها بأنها قصور للتباهي والتفاخر في زمن المظاهر التي يغرق فيها اللبناني، دون أن يفكر ببناء مشروع أو معمل لأهل منطقته يستفيدون منه ويعوّض لهم خسائر الزراعة ومراكب الصيد، وتمنع البطالة والسفر.
تختلف بلدات ساحل الزهراني في ما بينها بنسبة المغتربين وأصحاب الثروات والقصور المهيبة، تماماً كالتفاوت الإجتماعي بين أبناء البلدة الواحدة، الأمر الذي يظهر  جليّاً. «إن تاريخ ساحل الزهراني مع الهجرة متواضع، وأهله لم يسافروا في أيام المجاعة، على نحو أهل الداخل والجبل، أهل الساحل كانت أرضهم غنية، يزرعونها ويأكلون من خيراتها، يصطادون السمك من البحر، وربما لهذا السبب لا نرى الكثير من القصور كما في بلدات جنوبية أخرى» يقول محمد رحيل.
حصة بلدات البابلية والزرارية والغسانية  والخرايب  والغازية في ساحل الزهراني كبيرة من ناحية عدد المغتربين، ممن شيدوا قصورهم وبيوتهم المميزة على الطراز المعماري الحديث، بتكاليف خيالية. أشهر هذه القصور في بلدة البابلية، أول من بناها هم آل حطيط وآل سعادة وشاهين وآل عاصي تباهوا في بناء البيوت الواسعة، وفي الغسانية آل فواز وآل بدير. لكن،  لا صوت ينبعث من خلف البوابات المقفلة في معظم هذه القصور والفيلات غير زقزقة العصافير بسبب غياب أصحابها شبه الدائم.
يقول أحمد عاصي من البابلية: «يحق لنا أن نشيد أجمل المنازل، هذا المال من تعبنا وجنى عمرنا، ومن يبني قصراً بمبلغ ثلاثة ملايين دولار طبعاً يملك بالمقابل عشرات الملايين، يمكنه أن ينشئ أهم مشروع في الجنوب إذا ما اراد ذلك. وهناك نية كبيرة عند معظم المغتربين في أن يعودوا ويبنوا مؤسساتهم الخاصة في الوطن، لكنهم يهربون من الوضع الأمني والسياسي. المغترب الذي غامر بحياته وأفنى نصف عمره في بلاد المهجر، له مطلق الحرية في العودة وبناء بيت أحلامه في مسقط رأسه، يكفي التأثير الإيجابي لأموال المغتربين على بلدهم».
وتشير سنية صالح من بلدة الخرايب المعروفة  بتعداد منازلها الجميلة: «معظم الذين يملكون بيوتاً رائعة هم من فئة المغتربين، في أفريقيا وألمانيا، عائلاتهم تقيم هنا لفترات. كانوا قبلها مسافرين هم وعائلاتهم، وعندما كبر الأولاد، عادوا للاستقرار هنا. وهناك جزء آخر من الذين تابعوا دراستهم وحصلوا ثروتهم في بلادهم وعاشوا مرارة الظروف الصعبة  وسكنوا في بيوت صغيرة مع عائلاتهم، وحين جنوا ثمار تعبهم، كافأ كلا منهم نفسه بمنزل الأحلام، وبنوا مؤسسات وشركات ومحال ضخمة، وعايشين بالضيعة متل آل عز الدين، وآل عكوش".

السكسكية أقل بذخاً في بناء القصور. يلفت علي« البوليس» إلى أن «السكسكية بلدة متواضعة، وفيها عشرون قصراً وفيلا. أما «منازل عدلون فهي متواضعة، إذ توجد في البلدة بيوت كبيرة، لا تعتبر قصوراً أو فللاً، ربما لأن البلدة لم تسجل حركة هجرة واسعة الى الخارج، والشاب الذي هاجر للعمل في أفريقيا أو ألمانيا هو حديث نسبياً في تلك البلاد، ولم يحصّل ثروة طائلة تسمح له الآن في تشييد القصور الفخمة"» يقول محمد غزلة من عدلون.
ويتابع: « إعتمد أهل عدلون في معيشتهم على الزراعة واشتغلوا في البحر والصيد، مثل أبناء الساحل، مع العلم أن هناك نسبة متعلمين كبيرة، ولكن معظم السكان من ذوي الدخل المحدود، ولم يستطيعوا إلا إقامة منازل بسيطة بعكس البيوت المشيدة في البلدات المجاورة».
ثمة أثرياء من الطراز الأول في الغازية وقصورهم تشهد على ثرواتهم، لكنهم ليسوا مغتربين. أسسوا مصالحم في بلدتهم التي تعتبر الثانية بعد جارتها صيدا من حيث المصالح والمؤسسات والمتاجر، وعملوا بجهد وتعب، استفادت من مصالحم اليد العاملة في الجنوب، ورفدوها بمشاريع حيوية ومؤسسات تجارية أخرى، فكان لهم أن شيدوا أبنية «اسطورية» تشبه القلاع أو قصور ألف ليلة وليلة مكافأة للعمل والجهد، وما يميزهم عن مختلف بلدات ساحل الزهراني أنهم يقيمون بقصورهم ودورهم، ويتباهون بها.
ويسجّل محمد حيدر على «من فكّر في بناء القصور الفخمة التي يحاج إلى يومين أو أكثر لكي يجول في غرفها، ولم يفكر في إنعاش المنطقة إقتصاديا وإجتماعياً، على نحو بناء مؤسسات أو معامل أو حتى متاجر كبيرة تدرّ عليه الأرباح وتوفر في الوقت عينه، فرص عمل للمقيمين من أبناء بلداته».

هبة دنش - بنت جبيل.اورغ 

Script executed in 0.19609093666077