أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

مسؤول «خليّة داريا»: هكذا قُتل ولداي

الخميس 28 تموز , 2016 08:07 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 36,950 زائر

مسؤول «خليّة داريا»: هكذا قُتل ولداي

من مصر إلى لبنان مروراً بالعراق، تنقّل الشيخ أحمد الدخاخني. الرحلات بين كلّ هذه البلدان ليست للسياحة، وإنّما للقتال و «الجهاد».
ولأنّه يعتبر أنّ البلدان العربيّة «كلّها بلداننا ومن واجبنا الدّفاع عنها»، قرّر الخروج من مصر بعد أن كان شيخاً ثمّ عسكرياً في جيشها في العام 1976 ومتدرّبا على رمي «ار. بي. جي»، إلى جنوب لبنان حيث قاتل في بلدة أنصار الجنوبيّة في العام 1982 إلى جانب «الحزب الشيوعي اللبناني».
في العام 2003، اضطر، بحسب افادته، أن يسافر إلى بغداد «في عزّ الحرب (الأميركية)»، كي يأتي بمخطوطة من أجل رسالة الماجستير. وبعد أن وجد مكتبة بغداد مقفلة، قرّر أن يستلّ بندقيّة من أحد الشوارع حيث كان «السلاح مرميا في كلّ مكان»، وينضمّ إلى «مجموعة فدائيي صدام» بغية التصدي للقوات الأميركيّة الغازية.
17 يوماً، ثمّ عاد الشيخ إلى لبنان ليتابع تدريسه طلابه في «مسجد الإمام علي» في الطريق الجديدة، ثمّ انتقل من هناك إلى إقليم الخروب.
هكذا عرّف الشيخ المصري عن نفسه الجامع للتناقضات بأنّه قوميّ عربي مسلم حارب إلى جانب «الشيوعيين» وبقايا «البعث» قبل أن ينتهي به الأمر موقوفاً بتهمة الإرهاب وتشكيل «مجموعة جهاديّة» في لبنان.
الكثير من أبناء إقليم الخروب يعرفون «الشيخ أحمد عبد اللطيف»، الذي تنقّل في مساجد المنطقة ومدارسها ومعاهدها الدينيّة كمدرّس شريعة بعد أن سكن في شحيم في العام 1998 قبل أن ينتقل إلى داريا في العام 2000 مع زوجته اللبنانيّة (من حلبا) وأولادهما.
بقي اسم الدّخاخني عند هذه الحدود، إلى أن تحول الى «المرشد الروحيّ لخليّة داريا»، بدءا من 4 آب 2013 حينما دوى انفجار في منزله في داريا ومات ولداه محمّد وعبد اللطيف أثناء تصنيعهما عبوات ناسفة، وجرح السوري محمّد المسعود.
حينها، كان الشابّان يعملان على سحب البارود من المفرقعات الناريّة التي اشتراها المسعود، ثمّ قاما بوضع المادة داخل قساطل حديديّة. ولكن لم تكتمل التجربة، فعند إقدام عبد اللطيف على ثقب القسطل لإخراج الفتيل بعد وضع البارود (حتى يصبح كالرّمانة اليدويّة) تطايرت شرارات ناريّة أدّت إلى مقتل عبد اللطيف فوراً وإصابة شقيقه الذي فارق الحياة بعد أيّام قليلة، وأصيب المسعود بحروق في أنحاء جسمه كافّة.
روي الكثير عن هذه «الخليّة» ومخطّطاتها وتمّ توقيف أكثر من 10 أشخاص بينهم الدّخاخني والمسعود، ولكن يبدو أنّ أسرارها دُفنت عندما تمّ دفن الأخوين الدّخاخني (27 و25 عاماً) في جبّانة داريا.
بالأمس، وقف الدّخاخني الأب ليجيب للمرّة الأولى منذ توقيفه عن أسئلة رئيس المحكمة العسكريّة العميد الرّكن الطيّار خليل إبراهيم. اغرورقت عيناه بالدّموع عندما استذكر ولديه، «رحمهما الله دفعت الضريبة غالية، ولم يخرب بيتي إلا عبد اللطيف».
تراجع الشيخ المصري عنّ إفادته الأوليّة التي أشار فيها إلى أنّه «كان يدعو تلامذته الذين تأثروا به، إلى الجهاد في سوريا ثمّ قام بتأليف مجموعة جهاديّة كان هو مرشدها الروحي وابنه عبد اللطيف هو مسؤولها العسكريّ، وعمل على تجنيد الشبّان وتدريبهم على السّلاح وتصنيع المتفجّرات، طالباً منهم الاستعداد لمواجهة «حزب الله» في حال إقدامه «على الاعتداء على إقليم الخروب».
واعترف عدد من الموقوفين في الملفّ نفسه أنّ الشيخ دعاهم قبل ثلاثة أيّام من الحادثة إلى إفطار في منزله، حيث جلب عبد اللطيف كوع قسطل حديدي وشرح للموجودين كيفيّة صنع عبوات ناسفة.
نفى الرّجل كلّ ذلك تماماً كما نفى إفادات الموقوفين الآخرين، ليلصق كلّ هذه التّهم بابنه عبد اللطيف، مشيراً إلى أنّ الأخير «كان متشدداً وأراد الذهاب إلى سوريا والانضمام إلى مجموعة أحمد الأسير»، مشدّداً على أنّه حاول ثنيه عن ذلك من خلال الكلام أو حتّى الكذب، ليصل به الأمر إلى ضربه!


روى ابن الـ62 عاماً عندما سمع صوت الانفجار الذي دوىّ في منزله، بينما كان يقرأ القرآن في الخارج ويرعى الماعز. وعلى عجل، توجّه نحو الغرفة ليجد ولديه مضرجين بالدّماء ويقوم بسحبهما إلى الخارج، فيما كان الدمّ يسيل بغزارة من يد المسعود.
غسل الرجل يديه جيّداً من تهمة الإرهاب، نافياً أي علاقة له بالانفجار أو معرفته بما كان يفعله ولداه، ليصوّر نفسه أنّه «رجل ينشر الخير»... و «أنا أوّل من يحارب الإرهاب إلى جانبكم (الدّولة اللبنانيّة)، فأنا أحبّ لبنان وجيشه وأريد الإسلام المعتدل».
استند الدخاخني على خطاب للأمين العام لـ «حزب الله» السيّد حسن نصرالله، ليؤكّد أنّه لو أراد مقاتلة «حزب الله» لكان ذهب إلى سوريا، مشيراً إلى أنّه يفصل بين «حزب الله» المقاومة وبين «حزب الله» في سوريا، برغم تأكيده أنّه لا يكنّ العداء للحزب.
وإذا كانت لا تتوفر أدلّة حسيّة على تورّطه، فإنّ حروق المسعود تثبت وجوده داخل الغرفة. فيما الموقوف السوريّ أصرّ على أنّه أتى إلى منزل الشيخ كي يتلقّى درساً، برغم أنّه كان يوم أحد وكان الدّخاخني الأب يقرأ القرآن في الخارج، إلا أن المسعود أشار إلى أنّه انتظره في الصالون بناءً على طلب ابنته!
كيف وصلت الحروق إلى يد المسعود؟
لم يستطع الشاب العشريني أن يقنع هيئة «العسكريّة» بأنّ ذلك حصل عندما قام بفتح باب الغرفة بعد دويّ الانفجار، خصوصاً وأنّه وقع ضحية زلّة لسانه لدى استجوابه لاحقاً وأشار إلى أنّ لا حريق شبّ داخل الغرفة ولم تحترق الجدران ولا حتّى الباب!
وبعد استجواب اثنين من الموقوفين وواحد من المخلى سبيلهم، أرجأ العميد إبراهيم الجلسة إلى 19 أيلول.

لينا فخر الدين
السفير بتاريخ 2016-07-28 على الصفحة رقم 3 – محليّات
http://assafir.com/Article/505063

Script executed in 0.19027900695801