أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

إذا استمر توافر عنصر الثقة...عودة الأسواق إلى الصعود المتواصل اعتباراً من سبتمبر المقبل

الخميس 01 أيلول , 2016 09:24 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 51,295 زائر

إذا استمر توافر عنصر الثقة...عودة الأسواق إلى الصعود المتواصل اعتباراً من سبتمبر المقبل

شهد العالم خلال العقود الأخيرة سلسلة من الأزمات الاقتصادية الحادة. هذه الأزمات اختلفت بطبيعتها وأسلوبها وأسبابها وتداعياتها، حتى في درجة خطورتها على الاقتصاد، باستثناء أزمة عام 1930. إن تأثير الأزمات الاقتصادية المتلاحقة -ابتداءً من أزمات البترول 1975، 1979 و1985، أزمة الأوراق المالية الأميركية في بداية العقد الماضي وحتى الأزمة المالية الآسيوية عام 1997 وغيرها- ظل محدودا على الاقتصاد العالمي.
أطل القرن الحادي والعشرون بسلوكه الاقتصادي المختلف: ارتفاع حاد في أسعار البترول، تركيبة معقدة Chaos - stochastics في سلوكيات الأسواق المالية، تأثير معاكس في المؤشرات الاقتصادية حتى داخل البلد الواحد، ثبات نسب التضخم على الرغم من ارتفاع أسعار البترول (وهذا سلوك مخالف لكل أزمات البترول السابقة Blanchard 2008، اتباع سياسات مركزية تركز على ثبات نسب التضخم، واهمال الاعتبارات الاقتصادية الأخرى.
هذه العوامل وغيرها أثرت في الاقتصاد العالمي ككل. بحيث أصبح سلوكه أشبه بالاقتصاد غير المنظم، وذلك بحجة الاقتصاد الحر. حتى أتى عام 2008 وما حمل معه من انذار هدد بأزمة مالية عالمية، ألا وهي أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأميركية. وجاءت الصدمة، أسواق المالية العالمية انهارت بشكل مريب، دول على وشك الافلاس Island. بحيث لا يختلف أحد على وصفها بأنها من أصعب الأزمات التي تعصف بالاقتصاد العالمي منذ الحرب العالمية الثانية.
من حيث المبدأ، لا نختلف على طرق معالجة الأزمة، باستثناء بعض الأصوات التي تطالب بين الحين والآخر بتطبيق النظام الاسلامي وتخفيض سعر الفائدة الى صفر. النظرية الكينزية تقول ان تخفيض سعر الفائدة يساعد على تشجيع العرض والطلب، بالتالي الدورة الاقتصادية ونسبة النمو.. هذا صحيح. ولكن هل يصح هذا على عالمنا الحاضر؟ أليس بالأولى لليابان أن تحقق أعلى معدلات نمو في العالم بفضل تطبيقها سعر فائدة يساوي صفرا؟ ولماذا توجد هناك دول مثل الصين، الهند والبرازيل تطبق سعر فائدة مرتفعا نسبياً وتحقق معدلات نمو مرتفعة أكثر من اليابان؟!
تخفيض سعر الفائدة لا يخرج عن كونه حلا لامتصاص حدة الأزمة وليس معالجة الأزمة أو معالجة اقتصاد. وبالتالي كل الحلول المطروحة أو التي طرحت لا تخرج عن سوى امتصاص حدة الأزمة. بحيث لا أحد يستطيع أن يتوقع متى تخرج اقتصادات العالم من دوامة الأزمة المستفحلة. بعض الاقتصاديين أو المؤسسات الاقتصادية الدولية تعتبر أن عام 2010 هو عام اعادة انطلاق العجلة الاقتصادية الدولية. وبالتأكيد هؤلاء يملكون المعطيات اللازمة للتنبؤ بهذه النتيجة. ولكن في المقابل، هناك مؤشرات لا يمكن تجاهلها. كمؤشر الأسواق المالية التي تعتبر إنذارا مبكرا للاقتصاد.
من هنا سنعتمد على مؤشرات الأسواق المالية الرئيسية في العالم، على اعتبارها انذارا مبكرا للاقتصاد المستقبلي. وسننطلق من فرضية أن المؤشر يعكس حقيقة الوضع الاقتصادي في هذه الدول.
في الرسم البياني (1) هناك خمسة رسوم بيانية لخمسة مؤشرات مالية رئيسية في العالم وهي: CAC40 (فرنسا) - DOW JONES and NASDAQ (الولايات المتحدة الأميركية) DAX (ألمانيا) وNIKKEL (اليابان). هذه الدراسة تمتد ما بين مايو 2008 وأبريل عام 2009.


يتبين من الرسوم البيانية آثار الأزمة الاقتصادية في مؤشرات الأسواق المالية في الدول السابق ذكرها. هناك هبوط حاد خلال فترة الدراسة حتى تبلغ النصف. والملاحظ هنا، أن هناك نقطة تحول في هذه الأسواق ابتداء من عام 2009. عند هذه النقطة، معظم المؤشرات بدأت تأخذ بالارتفاع التدريجي. هل هذا دليل على تعافي الأسواق؟ أو عودة الثقة اليها بعد ظهور البيانات المالية للشركات؟ أليس من المبكر الحديث عن عودة الثقة الى الأسواق؟ أم هذا يعني انتهاء فترة العد التنازلي وانتهاء الأزمة في الأسواق؟
هذه أسئلة مركزية يستوجب الاجابة عنها خصوصاً بعد ظهور دراسات تقول أن الأزمة بدأت بالانحسار التنازلي.

المؤشرات
من هذا المنطلق سوف نتبع تقنية حساب العائد لكل من تلك المؤشرات. ثم تقسيم السلسلة إلى عينتين سلبية وايجابية، وبعدها إلى فترات (شهرية) وتقييمها على أساس المتناقص غير الثابت ومقارنتها. القاعدة هنا لمعرفة ما اذا كان العائد المنتج يتجه صعوداً نحو صفر أو انه يستمر بالهبوط. عند نتائج التقييم. ونلاحظ: 
1- نتائج التقييم تظهر أن العائد المقيم لجميع المؤشرات سلبي من بين فترة مايو 2008 حتى فبراير 2009. وابتداءً من شهر مارس 2009 المقيم يساوي صفر وبعدها يأخذ بالارتفاع (باستثناء Dow Jones).
2- نلاحظ ابتداءً من شهر يناير 2009، الميل التنازلي يتجه نحو صفر، وهذا يعني أن مرحلة الانحسار بدأت منذ تلك الفترة.
3- نستطيع تقسيم الدراسة على أساس جغرافي. نلاحظ أن الأسهم الأوروبية واليابانية بدأت فعلياً بالهبوط ابتداءً من شهر مارس بعكس الأسهم الأخرى، وهذا ما يفسر حقيقة الأزمة في الأسواق الأميركية، أي مركز الاعصار.
4- تشرذم الأسواق وصعوبة توقع ما سيحدث في المستقبل، وهذا يدل على فقدان الثقة في الأسواق.

حساب عوائد المؤشرات
معظم التحليلات تأخذ بالاعتبار عوامل اقتصادية أساسية ومكملة عند التحدث عن النمو أو الركود الاقتصادي. من هذا المنطلق، ان الاقتصاديين يعتبرون أن عام 2010 هو عام اعادة انطلاق العجلة الاقتصادية العالمية، أي مدى مطابقة هذا مع نتائج الدراسة؟ معظم الدراسات تشير إلى أن تأثير الأسواق المالية على الاقتصاد تبدأ مفاعيله بعد 6 أشهر. وهذا يعني أن الانتعاش الجزئي الحاصل في بورصات العالمية سوف تأخذ مفاعيله على امتدادات هذه الدول بعد 6 أشهر أي ابتداءً من الربع الأخير من عام 2009 (تحديداً ابتداءً من سبتمبر ).
ان الأزمة الاقتصادية بهذا الشكل تعود إلى عامل الثقة وعودة الثقة إلى الأسواق تحتاج إلى وقت. وهل فترة 6 أشهر كافية لعودة الثقة إلى الأسواق؟ لذلك نستخلص القول، ان مدى نجاح هذه الدراسة مرتبط بعودة الثقة إلى الأسواق العالمية. وبتوافر الثقة نستطيع أن نحكم على انتعاش في هذه الأسواق.
انطلاقاً من هذه المعطيات، هل من الطبيعي المطالبة بنظام اقتصادي عالمي جديد؟ اذا أخذنا في الاعتبار مفاعيل تأثير أسواق المال على الاقتصاد (6 شهر) يتبين لنا أن اعادة انطلاق الأسواق المالية ستبدأ في أيلول 2009، وهذا يعتبر قياسي لحجم الأزمة الاقتصادية.
اذا كان النظام الاقتصادي العالمي غير كفء وأدى ذلك إلى أزمة اقتصادية صعبة، أوليس بالحري أن نلتفت إلى ديناميكية هذا النظام، ومعدل السرعة القصوى في اعادة انطلاق العجلة الاقتصادية ؟

المستشار الدكتور محمود ملحم دكتور محاضر في الكويت – فرنسا

Script executed in 0.19399905204773