أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

20% من جرد العاقورة ملكٌ لليمونة؟

الإثنين 26 أيلول , 2016 09:06 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 12,830 زائر

20% من جرد العاقورة ملكٌ لليمونة؟

ما زالت قضية مشاعات جرد العاقورة تتفاعل. لا تكمن المشكلة في مذكّرة وزير المال الذي استثنى أراضي جبل لبنان منها، بل تتمحور فعلياً حول نزاع تاريخي على 20% من مساحة الجرد، يؤكّد أهالي اليمونة أنها سُلبت منهم وضمّت إلى العاقورة التي تتخوّف من نزعها منها في حال حرّرت وسجّلت لصالح الجمهوريّة اللبنانيّة،، وتضاف إليها تعدّيات متنوّعة حوّلت بعضاً من العقارات إلى أملاك خاصّة، فيما استصلحت عقارات أخرى خلافاً للقانون
منذ نحو أسبوعين عُقد اجتماع في مركز استخبارات الجيش في جبل لبنان بين رئيسي بلديتي اليمونة والعاقورة لمتابعة قضيّة المشاعات، بعيداً عن الاستعراضات السياسيّة والطائفيّة، وتقرّر في ختامها إبقاء "خطّ ساخن مفتوحاً" بين البلدتين لمعالجة أي إشكال، إلّا أن اللجنة لم تعقد أي اجتماع منذ حينها ولم تتوصّل إلى أي قرار.

يقول متابعون إن "فارس سعيد (منسّق الأمانة العامّة لـ14 آذار) رفضها، مفضّلاً تكثيف تصريحاته الإعلاميّة التي لا تخلو من نفحة طائفيّة".
لا تختلف قضية مشاعات العاقورة عمّا يحصل في لاسا. يكمن الخلاف حول 20% من مساحة المشاعات تتناحر على ملكيّتها كلّ من اليمونة والعاقورة منذ نحو 80 عاماً. فبعد إعلان دولة لبنان الكبير، وفي 11/12/1921 صدر القرار 1040 عن الحاكم الفرنسي جورج ترابو عيّن بموجبه حدود الألوية (الأقضية) اللبنانيّة، ومن ضمنها لواء جبل لبنان، معتمداً على خرائط المتصرفيّة عام 1860 (يومها كانت اليمونة تابعة لولاية الشام والعاقورة لجبل لبنان).

حكم بو خير قصم ظهر البعير

كان من المفترض في ترسيم الحدود أن يكون نهائياً، لكن المشاكل على أولويّة المراعي بين المناطق المجاورة أدّت عام 1936 إلى تعيين لجنة تحكيم مشاعيّة برئاسة القاضي عبده بو خير، وتضمّ معه كلّاً من قائمقام بعلبك راشد طبارة، والقاضي العقاري رفيق غزاوي، ومدير مصلحة الغابات في وزارة الزراعة أنطوان صالحة لفضّ الخلاف. وصدر القرار رغم معارضة مختار اليمونة آنذاك، وكلّ من قائمقام بعلبك والقاضي غزاوي، كونه استند إلى القرار رقم 1040 الصادر عن الحاكم ترابو، ولكنّه حدّد النقطة الواقعة على ارتفاع 1542 متراً فوق سطح البحر من الجهة الشرقيّة للجبل عند أطراف اليمونة، بدل تحديدها في المقلب الغربي من جهة العاقورة التي استفادت منه لإعادة ترسيم حدودها، فيما سُلبت اليمونة مجالها الحيوي وحقّها في أرضها، ما أشعل فتيل النزاع بين البلدتين (العاقورة واليمونة) منذ ذلك الوقت، وذهب ضحيته مئات القتلى والجرحى.

مستندات البلدتين

يستند رئيس بلدية العاقورة منصور وهبي إلى مجموعة من القرارات الصادرة من أيام السلطنة العثمانيّة لتأكيد ملكيّة العاقوريين لهذه المشاعات، أوّلها قرار المتصرّف الصادر عام 1902 الذي منح العاقورة الدفتر الشمسي المسجّل في دائرة المساحة، ثانيها صكّ المصالحة الشامل المسجّل في الدوائر العقاريّة عام 1906 الذي يحدّد مساحة العاقورة بـ110 ملايين متر مربّع وحدودها مع الجوار وحدودها الداخليّة المتداخلة بين المشاعات والأوقاف والأملاك الخاصّة.
تؤكّد لجنة الحسيني أن المساحة المتنازع عليها ملك لليمونة ثالثها قرار بو خير الشهير عام 1936 ويتوقّف عنده.
يستتبع رئيس بلدية اليمونة طلال شريف مستندات وهبي بمجموعة من المستندات والقرارات التي سبقت ولحقت ذاك القرار، أوّلها سندات طابو صادرة عن السلطنة العثمانيّة تبيّن حدود اليمونة وتؤكّد أن الحدّ الفاصل بينها وبين العاقورة هو مقلب المياه، وثانيها تقرير لجنة مكلّفة من الدولة اللبنانيّة للكشف على المشاعات نقضت حكم بو خير.

اليمونة بلا مجال حيوي

خلص التقرير الصادر عام 1954 عن اللجنة التي ترأسّها شريف الحسيني بعضوية القاضي توفيق شربل والمهندسين زارا بغدراساريان ومحمد رعد، إلى نقض حكم لجنة بو خير، باعتبار أنه قرار مشوب بأخطاء وعيوب فنيّة، وأن غلطة المهندس واضحة وكبيرة، لأنه بعد مراجعة دائرة الهندسة تبيّن أن النقطة على ارتفاع 1542 متراً كانت جبل الكنيسة لجهة المريجات لا لجهة اليمونة، وتالياً فإن مساحة المشاع المتنازع عليها هي ملك لليمونة، وتمّ الاتفاق على إنشاء منطقة حرام وجعلها من أملاك الدولة، وإعلان الحدّ الفاصل بين البلدتين، بحسب الوثائق العقاريّة القديمة والخرائط التفصيليّة في وزارة الدفاع ومصلحة المساحة والقرارات المشاعيّة القديمة، تلّة رام الرأس ومفرق دوما مروراً بطريق الوسط حتى تلّة الرويس، غرباً لأهالي العاقورة وشرقاً لأهالي اليمونة. ويضيف شريف: "هذا القرار تمّ الرجوع إليه والتأكيد عليه مع كلّ مرّة تجدّد فيها الخلاف على المشاعات، على مدار السنوات، وأبرزها عام 1977 التي شهدت اشتباكات مسلّحة فضّها الجيش اللبناني، وجمع فعاليّات البلدتين لتثبيت اتفاق 1954".

تعدّيات متنوّعة

النزاع على المشاعات توازيه تعدّيات متنوّعة أبطالها عاقوريون، بعضهم استصلح أراضي في المشاعات وحوّلها زراعيّة وأنشأ فيها بحيرات ترابيّة من دون امتلاك الحق القانوني في ذلك، وبعضٌ آخر ساهم في تحويل بعضها من ملك لعموم أهالي البلدة إلى ملك خاصّ. وبحسب وزير المال، هناك دعوى ضدّ المسّاح ف.ع. (محسوب على القوات اللبنانيّة) والمختار ب.هـ. (محسوب على سعيد) أمام النيابة العامّة الماليّة، لمساهمتهما معاً في اقتطاع آلاف الأمتار وضمّها إلى عقارات خاصّة. وهي تعدّيات تدفع البعض إلى تأليب الرأي العامّ طائفياً لتأمين حماية مفترضة للمخالفين.
فيفيان عقيقي
الأخبار - مجتمع واقتصاد
العدد ٢٩٩٣ الاثنين ٢٦ أيلول ٢٠١٦
http://al-akhbar.com/node/265328

Script executed in 0.20473408699036