أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

مرض خطير يهدد الزيتون في جنوب لبنان

الخميس 18 أيار , 2017 08:26 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 70,010 زائر

مرض خطير يهدد الزيتون في جنوب لبنان

من “المن القطني” الذي قضى على أكثر من 90% من نباتات الصبار خلال السنوات الأربع الماضية، إلى “الحشرة القطنية” التي اجتاحت أشجار الزيتون هذا العام، يقف المزارعون في الجنوب اليوم، سيما في أقضية بنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا، مكتوفي الأيدي، “منتظرين قحط الموسم”، كما حصل لمزارعي الصبار سابقاً، والذين لم يستطيعوا حتى الآن العودة الى زراعتهم، التي باتت بحكم المنقرضة، رغم كل الجهود التي لجأت إليها وزارة الداخلية والبلديات واتحادي بلديات بنت جبيل وجبل عامل.

خلال الأيام الفائتة، بدأت أصوات مزارعي الزيتون ترتفع، للمطالبة بتدخل المعنيين لمكافحة هذه الآفة الجديدة، التي بدأت تطال المصدر الثاني الرئيس للمزارعين في الجنوب، إنها “الحشرة القطنية” كما يشير رئيس بلدية عيترون والمهندس الزراعي سليم مراد، الذي بدأ يتنقل بين حقول المزارعين، تلبية لطلبهم، لمعرفة هذه المشكلة، التي اعتبرها ” خطيرة جداً”.

يقول مراد أن “خشية المزارعين حقيقية، فقد تأكدت أنا والعديد من المهتمين أن ما يصيب أشجار الزيتون اليوم، هو ناجم عن انتشار الحشرة القطنية، التي تؤدي الى إصابة أشجار الزيتون بمرض بسيلا الزيتون”، لافتاً الى أن هذا المرض معروف عند خبراء الزراعة، لكنه ينتشر بكثافة ولأول مرة بطريقة مرعبة، هو بدأ يؤدي الى تلف أزهار الزيتون ويباس أغصانها”. ويناشد مراد وزارة الزراعة بالتدخل الفوري والسريع قبل أن تحلّ الكارثة. كون هذه الزراعة هي المصدر الثاني الأساسي للمزارعين في القرى والبلدات الحدودية، في بنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا.

معتبراً أن ” السبب الرئيسي المؤدي الى انتشار هذا المرض هو غياب العدو الطبيعي لهذه الحشرة، وتوافر المناخ الملائم لانتشارها”. وبين المزارع محمد سبيتي، من بلدة كفرا ( بنت جبيل)، أن “العشرات من أشجار الزيتون بدأت أغصانها باليباس، بعد أن أنتشرت على أزهارها مادة قطنية بيضاء، لافتاً الى أن  “ما يحصل يشبه ما سبق أن حصل لنبات الصبار، ورغم كل الإجراءات يبس كل الصبار في البلدة، وعلى الوزارة أن تتحرك بشكل فوري”. موظف في وزارة الزراعة بين أن “أشجار الزيتون تتعرض عادة في المنطقة لأمراض مختلفة، تصيب الجذور أو الأغصان ، إلاّ أن مرض ” بسيلا الزيتون” لم ينتشر بقوة في قرانا، رغم انتشاره سابقاً في فلسطين المحتلة، هو ناجم عن حشرة بنية تبيت  في الشتاء في براعم الأوراق، وفي الربيع، عند بدء ارتفاع درجة الحرارة تنشط، تضع الأنثى البيض على الأغصان القريبة من الأزهار لتولد يرقات جديدة تؤدي الى سقوط الأزهار ويباس الأغصان”.

مبيناً أن ” المطلوب اليوم هو حملة توعية شاملة لتعريف المزارعين على هذه الحشرة الخطرة وكيفية القضاء عليها، لا سيما بالري والتسميد وتنظيف الأرض ورش المبيدات اللازمة”. يذكر أن وزارة الزراعة واتحاد بلديات جبل عامل تمكنوا في السنة الماضية من إنتاج حشرة طبيعية تعرف بـ cryptolaemus لمكافحة الحشرة القرمزية التي أصابت نباتات الصبار باليباس، بمساعدة خبراء أجانب، وتم توزيعها على عشرات المزارعين، لكن النتائج الحقيقية والعملية لم تظهر حتى الأن.


علما أن العائلات التي تعتاش من الصبار يناهز عددها 2800 عائلة في المنطقة الحدودية. حتى أن بعض المزارعين عمدوا الى جرف أشجار الصبار من حقولهم خوفاً من المرض. فقد لجأ أهالي بلدة الغندورية الى جرف جميع أشجار الصبار من بلدتهم، دفعة واحدة، بسبب الخوف من تأثير المرض على الإنسان، بعد أن انتشرت شائعة حينها أن ” مرض الصبار يؤدي الى إصابة الأهالي بالطاعون”. يذكر أنه بعد حرب تموز انتشرت أمراض زراعية مختلفة، أصابت التبغ والعنب والنخيل والصبار. حتى أن ” كميات كبيرة من أشجار العنب أصيبت باليباس، لكن عمل المزارعون الى إعادة زراعتها كونها تنمو بسرعة، أما مرض سرطان النخيل، فلا علاج له إلاّ إذا تم اكتشاف سوسة النخيل باكراً”.

يذكر أنه في الصيف الماضي بذلت جهود حثيثة وجدية من أجل دعم المزارعين الجنوبيين، على مستوى نوعية الإنتاج الزراعي وتسويقه، بعد أن بادر “الإتحاد التعاوني الإقليمي في جنوب لبنان  إلى طرح مشروع تجميع زيت الزيتون للمساعدة في حل بعض المشكلات الإقتصادية والإجتماعية للمزارعين. وفي هذا السياق كان الإتحاد الأوروبي وجهة المشروع الذي تم دعمه من وزارة التنمية الادارية، اذ أن المشروع تم تنفيذه من قبل جمعية icu بالتعاون مع الإتحاد التعاوني الزراعي. ويهدف الى “تحسين الظروف الإجتماعية والإقتصادية لمزارعي الزيتون في جنوب لبنان من خلال إصلاح قطاع زيت الزيتون وتطويره، مع التركيز على الجودة وتسويق منتج أكثر جاذبية وتنافسية للمستهلك من حيث النوعية والسعر”. وفي هذا السياق تم ” ترميم مركز تجميع زيت الزيتون في بلدة طيرفلسية، قضاء صور، وتجهيزه وتشغيله، كونه يستفيد منه أكثر من 1000 مزارع، وتنظم في داخله دورات تدريبة لحوالي 100 مزارع و25 عامل من أصحاب معاصر الزيتون، إضافة الى 15 فنّي من موظفي وزارة الزراعة وأعضاء الإتحاد الإقليمي التعاوني”.

مستشار وزير الزراعة السابق أنور ضو فإنه “يوجد 12 مليون شجرة زيتون في لبنان، يعيش من إنتاجها 105 آلاف مزارع”، وأن “50% من أشجار الزيتون قديمة وأصبحت متهالكة، إضافة الى شيوع استخدام الوسائل التقليدية في عملية إنتاج الزيت الباهظ الكلفة نسبياً، في ظلّ مشكلة تصريف الإنتاج وضعف الإستهلاك المحلّي”. وبحسب دراسة لمؤسسة تشجيع الاستثمارات في لبنان، فإنه تشغل أشجار الزيتون 54 % من الأراضي اللبنانية، كما شهدت صادرات زيت الزيتون ارتفاعاً خلال الأعوام الخمسة الماضية، لكن يجب بذل الجهود لدعم انتاج زيت الزيتون وفقاً للمعايير الدولية. وتشير المصادر المختلفة إلى أن 99 % من إنتاج زيت الزيتون عالمياً مصدره حوض البحر الأبيض المتوسط. كما تشير إحصائيات المجلس الدولي للزيتون إلى أن متوسط إستهلاك الفرد لزيت الزيتون في لبنان هو 6.3 كلغ/فرد/عام مقابل 17.9/كلغ/فرد/عام في اليونان و هذه أعلى نسبة إستهلاك عالمياً. وتُشكلّ زراعة الزيتون في لبنان 21% من كافة الأراضي الزراعية وهي بأغلبها أراضي بعلية تعتمد أشجارها على مياه الأمطار فقط. وتُشكّل محافظتي الجنوب والنبطية 40 % من مجموع الأراضي المزروعة زيتون في لبنان. 

داني الأمين - Greenarea

Script executed in 0.19636201858521