أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

تل أبيب قلقة من هزيمة "داعش".. ومن استراتيجية لبنان الدفاعية!

الثلاثاء 22 آب , 2017 08:19 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 20,017 زائر

تل أبيب قلقة من هزيمة "داعش".. ومن استراتيجية لبنان الدفاعية!

كتب علي حيدر في صحيفة "الأخبار": ليس أمراً عابراً أن تكشف القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي أن "هزيمة داعش" في مواجهة حزب الله والجيشين اللبناني والسوري، "... تقلق صناع القرارات في تل أبيب، بالتأكيد". إذ لا يخرج هذا الكشف عن إطار المقاربة الإسرائيلية التي حدد معالمها بنيامين نتنياهو، إزاء المعارك التي تستهدف اقتلاع هذا التنظيم. والأمر نفسه ينسحب على المبررات التي أوردتها القناة، أيضاً، في تفسير قلق صناع القرار السياسي والأمني.
إذ أوضحت بأن هذه الهزيمة ستؤدي من منظور إسرائيلي الى سيطرة أطراف محور المقاومة، وبحسب التعابير التي استخدمتها القناة "من الواضح للجميع بأن هزيمة داعش معناها تمركز إيران والحرس الثوري وحزب الله في المناطق التي يخرج منها داعش...". لكن بعيداً عن السيناريو الذي تخيلته القناة لمرحلة ما بعد إنهاء سيطرة داعش، فهي تكشف عن قلق عميق في تل أبيب من التكامل بين الجيش اللبناني والمقاومة، في إطار الثلاثية التي تشكل عنوان الاستراتيجية الدفاعية للبنان: الجيش والشعب والمقاومة.

يتطابق القلق الذي كشفت عنه القناة العاشرة، لدى صناع القرار الإسرائيلي، وخلفياته، مع موقف نتنياهو المعلن من "داعش" والذي لم يتركه ضبابياً، بل روَّج له، وساجل على أساسه القيادات في واشنطن وبقية الدول الأوروبية. وأكد في أكثر من مناسبة تمسكه به، استناداً الى تقدير تعمد تكراره في مناسبات متعددة خلال السنوات الماضية، ومفاده أن القضاء على داعش هو "انتصار في المعركة وخسارة في الحرب".

وما لا يقل أهمية أن موقف نتنياهو في الرهان على الدور الذي يؤديه "داعش"، لم يكن وليدة ظروف استجدت في الأشهر الأخيرة، بل هو خيار انتهجه منذ الأشهر الأولى لتمدد "داعش" في العراق، وبادر الى الكشف عن الرهان الإسرائيلي على هذا التنظيم بعد تمدده في العراق عام 2014، خلال مقابلة مع شبكة "ن. بي. سي." الأميركية، لجهة دوره في إضعاف محور المقاومة. وبرر ذلك في حينه بالتمسك بمبدأ أنه "إذا اقتتل عدواك... عليك إضعاف كليهما".

لكن نتيجة إدراكه أن خيار الإبقاء على "داعش"، والرهان عليه، ينطوي على أثمان جانبية بدأ العالم الغربي، وأطراف إقليمية، يتلمسون بعض نتائجه دعا في حينه الى "كبح داعش"، لكنه وضع لذلك ضابطة بأن "لا يؤدي ذلك الى السماح لإيران بالسيطرة على العراق كما يحصل في سوريا ولبنان" (هآرتس/ 25/6/2014).

أما الآن، فقد انتقل نتنياهو الى مرحلة رفع الصوت محذراً من مفاعيل خيار القضاء على سيطرة داعش. وبرز ذلك خلال كلمة له في مدينة أشدود، مستعيناً بتقدير الموساد الذي قدمه أمام وزراء الحكومة، معلناً: "لقد سمعنا في الحكومة عرضاً من رئيس الموساد، تناول التحديات الأمنية التي نواجهها. وألخّصها بجملة بسيطة: عندما تخرج داعش تدخل إيران" (13/8/2017).

في ضوء ذلك، تتضح حقيقة مهمة وهي أن الحديث عن مصلحة إسرائيلية ببقاء "داعش"، وتحديداً بهدف ضرب محور المقاومة، ليس كلاماً منقولاً عن لسان مصادر مجهولة أو مطلعة، تنسب هذا الموقف الى نتنياهو، ولا نتيجة تحليل (وهو صحيح) يؤكد بناءً على معطيات صلبة أن تبلور حالة "داعش" كان مطلباً ومصلحة إسرائيلية، كونها تؤدي دوراً وظيفياً في سياق الاستراتيجية الإسرائيلية العامة. بل هي مواقف رسمية موثقة بالصوت والصورة، أدلى بها نتنياهو أمام الكاميرات، وأيضاً هي مواقف رسمية تواترت على نقلها كل الصحف الإسرائيلية. ولا يغير من هذه الحقائق كون نتنياهو يغلف مواقفه بوصف تنظيم "داعش" بالإرهابي، أو إدانته للجرائم التي يرتكبها في أوروبا والعالم... وخاصة أن نتنياهو يرى أن بقاء داعش يؤدي دوراً وظيفياً في مواجهة حزب الله وحلفائه في المنطقة، كونهم يحتلون رأس التهديدات الاستراتيجية التي تواجه إسرائيل.

هذا الإطار الحاكم للمقاربة الإسرائيلية إزاء تنظيم "داعش"، والذي حدده نتنياهو بنفسه في أكثر من مناسبة، ينسحب على كل الساحات التي يتحرك فيها هذا التنظيم الإرهابي. لذلك قد لا نحتاج الى "استجواب" نتنياهو لاكتشاف حقيقة موقفه من العمليات العسكرية التي يشنها الجيشان اللبناني والسوري الى جانب حزب الله، بهدف تحرير ما تبقى من أراض لبنانية محتلة من الجماعات الإرهابية.

(الأخبار)

Script executed in 0.21837401390076