أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

سؤال واحد فجّر حفلة جنون دموية.. أهدى ابنه "بومب أكشن" فقتله بها!

الأربعاء 18 تشرين الأول , 2017 08:41 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 66,108 زائر

سؤال واحد فجّر حفلة جنون دموية.. أهدى ابنه "بومب أكشن" فقتله بها!

لم يلعلع رصاص الـ«بومب أكشن» في منطقة زقاق البلاط وحدها صباح أمس. فأن يستفرد صبي في الرابعة عشرة من عمره بأبناء الحي، في حفلة جنون دموية، مردياً والده والناطور وغيرهما بين قتيل وجريح، مؤشر يدفع إلى إعلان حال التأهب الأمني والاجتماعي. إذ لولا نفاد الخرطوش من سلاح علي محمد يونس، من بلدة عين قانا الجنوبية، لكانت الجريمة أكبر والضحايا بالعشرات، وقد استقرت على ثلاثة قتلى وأربعة جرحى.

عند السادسة صباحاً، وفي مبنى قديم مجاور لحسينية زقاق البلاط، بدأ الإشكال تلاسناً بين الابن ووالده، فعلا الصراخ وتطورت المواجهة عندما استلّ الابن سلاح «البومب أكشن» الذي اشتراه له والده، مردياً إياه في حال من هيستيريا دفعته ليصرخ: «قتلتو قتلتو». ثم غادر المنزل تتبعه آثار الدماء على الأرض من حذائه إلى حيث صادف ناطور المبنى، السوري منصور أحمد عبد السلام، فقتله وأصاب زوجته سلوى العلي بكتفها إصابة مباشرة حينما حاولت إنقاذ زوجها. وكذلك قتل السوري محمد عيدان الذي صودف مروره في الشارع. ثم تمترس في المبنى المجاور محاولاً تصيّد من حمله قدره إلى بركان الجنون والدم في زقاق البلاط، وبينهم علي وبسام ومحمد شهاب الذين أصيبوا ونقلوا إلى المستشفى. وبحسب الجيران، فإن علي الذي ترك المدرسة في عامه التاسع، ظل يطلق النار على كل من صادفه من الجيران. وكلما حاول أحدهم تهدئته، كان يقابل بالمزيد من إطلاق الرصاص.

وإذا كان «البومب أكشن» قد أغرى الصبي في الدويّ، وفي الاستعراض وفي الموت المجاني، وأغراه بفوران دمه حين سأله والده: «ليش راجع وج الضو؟»، وحين استعاد واحدة من مشاهد العنف الالكترونية، وما أكثرها في الأسواق، فإن انتفاضته مخيفة مقارنة مع سنوات عمره الـ14، هو الذي غدا مارداً، مجرماً، ميليشياوياً وقاطع طرق، وأكثر من ذلك، إنه في صميم الدور الذي لطالما أتقنه وأدمنه في لعبة الـ«جي.تي.أي - غراند سيفت أوتو»، وفيها المجرم يغدو بطلاً، تراه انتفض على موقف بسيط لم يعجبه، كسؤال أبيه الذي أخرجه من ثيابه فحمل السلاح وأردى الأب محمد قتيلاً. فكم مشروع «مصاص دماء» تخبئ الأحياء والبؤر الاجتماعية الفقيرة، لمجرد أن إشكالاً عائلياً خرج عن طوره؟.

وفي كل جنون القتل ذاك، كان علي يؤدي دور «كارل جونسون» في لعبة «جي.تي.أي»، وقد اختلطت عليه المشاهد بين القتل والتعدي وبين قواعد اللعبة التي تشترط مزيداً من سفك الدماء لغرض الشجاعة والإقدام، فكانت كل تلك الدماء التي سالت شلالات على درج المبنى القديم المجاور لحسينية زقاق البلاط، دماء على غزارتها أذهلت الضابط الذي حضر بمؤازرة القوى الأمنية معايناً، فما كان منه إلا أن أخذ يصفق يده بالأخرى باكياً ولاعناً السلاح المتفلت بين أيدي «القصّار».

ولم تنته اللعبة بانتقال اللاعب إلى المرحلة الثانية. فالفاتورة باهظة والصبي الذي غدا فجراً، مجرماً متمرساً بجريمة باهظة فيها ثلاثة قتلى وأربعة جرحى، يرزح في الزنزانة بعد أن وقع في أيدي شباب الحي ومنهم إلى القوى الأمنية. أما الحلقة الثانية من اللعبة الالكترونية التي غدت واقعاً على الأرض السابحة في دماء الأبرياء، فإنها مفتوحة على سيناريوهات أكثر بشاعة طالما أن السلاح المتفلت يغري ويتكدّس في المنازل ظناً بأنه «الهيبة»، فإن لم يكن للزينة فللاستعراض ولتصفية حسابات قد تكون ببراءة والد انفعل قليلاً بدافع الخوف على إبنه، ليبادله الإبن بانفعال من نوع الضغط على الزناد.

وبين أن يكون علي «آدمي»، أو «غير طبيعي» أو تحت تأثير المخدر وفورة الغضب، فإنّ الجريمة «العائلية» قد وقعت وأصابت عائلات أخرى في المقتل بفعل توافر الأداة الجرمية في أيدي أفراد العائلة، صغيرها قبل كبيرها. فإلى متى الأرواح رخيصة، وكان من الممكن أن يرتفع عدد القتلى والجرحى لولا أن فرغت بندقية القاصر، فتمكنت مجموعة من الشبان كانوا في قهوة قريبة، من توقيفه؟.

إنه الموت الطائش، والسلاح ما زال طليقاً، تماماً كما هو خيال مراهق سارح في لعبة قتل.. ولا من يضع حداً للعبة، ولا للسلاح، ولا للمخيلة إذا توافرت الأدوات وتعددت الأسباب والخلافات. والحصيلة قتلى وجرحى.. ولعنة على السلاح الفالت وعلى تجار السلاح وأسياده.

حاصباني 

وكان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة غسان حاصباني أوعز «إلى المستشفيات كافة لاستقبال مصابي حادثة إطلاق النار عشوائياً في محلة زقاق البلاط في بيروت وتقديم الإسعافات والاستشفاء اللازم لهم على نفقة وزارة الصحة».

الأمن الداخلي

وأصدرت المديرية العامة لقوى الامن الداخلي ـ شعبة العلاقات العامة بلاغاً أوضحت فيه أنه «في محلة زقاق البلاط، أقدم المدعو (ع. ي.، مواليد عام 2003، لبناني) على إطلاق النار من بندقية صيد باتجاه: والده (ح. ي.، مواليد عام 1958)، وعلى ناطور المبنى المجاور لسكنه (م. ع.، مواليد عام 1977، سوري) وزوجته (س. ع.، مواليد عام 1980، سورية)، وع. م. (مواليد عام 1983، سوري)، إضافة إلى المواطنين: (ب. ش، مواليد عام 1998)، (ع. ش.، مواليد عام 1996) و(ب. ش.، مواليد عام 1988) مما أدى إلى مقتل كل من والده و(ع. م.) والناطور وإصابة زوجة الاخير والمواطنين المذكورين.

وعلى الفور، توجهت دورية من مفرزة استقصاء بيروت في وحدة شرطة بيروت إلى مكان الجريمة وتمكنت من توقيف الفاعل، وتم ضبط السلاح المستخدم.

وسلّم الموقوف والمضبوط إلى فصيلة زقاق البلاط في وحدة شرطة بيروت، والتحقيقات جارية بإشراف القضاء المختص.

(المستقبل)

Script executed in 0.20821785926819