أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

زرع أول قلب اصطناعي في لبنان.. بنجاح في مستشفى «الأميركية»

الجمعة 04 أيلول , 2009 01:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 7,077 زائر

 زرع أول قلب اصطناعي في لبنان.. بنجاح في مستشفى «الأميركية»
والعمليّة التي أجريت في 28 آب الماضي استغرقت ست ساعات، واعتبرت ناجحة لأن كل الوظائف الحيوية لدى المريض تحسنت خلال الأيام الثلاثة التي تلتها. أشرف على العملية كلّ من رئيس دائرة جراحة القلب والصدر في المركز الطبي الدكتور بيار صفير وهو الجراح الذي أجرى العملية، وطبيب القلب المعالج للمريض الدكتور هادي سكوري وهو اختصاصي في الاعتلالات القلبية وعمليات زرع القلب.
والقلب الاصطناعي الذي زُرع هو كناية عن جهاز يدعى «جهاز مساندة البطين الأيسر»، وهو يحلّ محل البطين الأيسر في القلب الذي هو القسم الرئيسي المسؤول عن ضخ «الدم المؤكسج» (أي حامل الأوكسجين) بانتظام إلى بقية الجسم عبر الشريان الأوُرْطي.
ويوضح صفير أن «العملية كانت الفرصة الأخيرة لنجاة للمريض وقد نجحت تماماً». الأمر الذي يؤكده سكوري شارحاً أن «أعضاء المريض الحيوية تعمل طبيعيا وأن الجهاز يضخ الدم كما يجب».
بعد ثلاثة أيام على الجراحة، وبحسب إعلان المركز الطبي، فإن المريض الذي خضع لعمليّة الزرع بحالة صحية ومعنوية جيدتين في وحدة العناية الخاصة. من جهته، قال الأخير الذي تقدّر مدّة استشفائه بثلاثة أسابيع، وقد تمّ التحفّظ عن هويّته: «حين وصلت إلى هنا، كنت على حافة الموت. كان مجرد رفع يدي يتطلب مجهوداً مضنياً. كنت أتقيأ دماً وأكاد لا أتنفس، لكنه الآن يبدو وكأنه كتب لي عمر جديد. عائلتي سعيدة جداً ووالدي لا يكف عن الابتسام».
المريض هو أب لأربعة أطفال عبّر عن كونه «سعيداً جداً وشاكراً جداً للفريق الطـــــبي الذي حرص على تأمين سلامته». إلى ذلك، شكر «بنك بيبــلوس» (حيث يعمل)، لتكفّل إدارته بمصاريف العملية.
على مستوى العملية، عاون الطبيــــــبين صفير وسكوري فريق طبي متعدّد الاختصاصات بينهم كبير خبراء القلوب الاصطناعية في شـــركة «ثوراتك» الأميركيّة الدكتور لطيف أروسغلو، وهـــو جراح ألماني. تجدر الإشارة إلى أن القلب الاصطــناعي الذي استعمل في العملية هــو من طراز هارتمايت 2 / Heartmate 2 ومن إنتاج «ثوراتك».
وكان سكوري قد أوضح أن تسعين بالمئة من حالات الفشل القلبي مردها إخفاق البطين الأيسر، الأمر الذي يضع الطبيب أمام خيارات عدّة. في أوّلها، يعطى المريض عقاراً يحفّز القلب على ضخ الدم. وإذا فشل هذا الخيار، يلجأ الطبيب إلى جراحة بسيطة يزرع خلالها جهازا ينظّم عملية ضخّ الدم. وإذا فشل هذا أيضاً، يلجـــــأ إلى زراعة القلب كخيار أخير. لكن عدد القلوب المُتبرّع بها قلــــيل جداً، الأمر الذي يضطر المريض إلى الانتظار طويــــلاً، وأحياناً من دون التـــوصّل إلى نتيــجة.
تجدر الإشارة إلى أنه، في منتصف التسعينيات، بدأ يتوافر في الغرب جهاز لمساندة البطين الأيسر في عملية ضخ الدم. وكان هذا الجهاز يُزرع في صدر المريض الذي يُستبقى في المستشفى إلى حين توافر القلب الطبيعي. ولكن جيلاً جديداً من هذه الأجهزة بات في الخدمة منذ خــــمس سنوات، وبدأ استعماله كبديل اصطناعي نهائي عن القـــلب الطبيعي للمرضى غير المرشّحين لزرع قــلب طبيعي.
أما الهدف من زرع هذا الجهاز فيختصره سكوري بالحفاظ على الحياة وإعادة دوران الدم وتأمين ضخه طبيعيا إلى جميع الأعضاء الحيوية وإعادتها إلى العمل بانتظام.
لكن عمليّة زرع «جهاز مساندة البطين الأيسر» لا يمكن أن تجرى لكل المرضى، فهي معقّدة ومكلفة جداً. يضيف صفير: «إذا كان المريض يعاني من أية أمراض مزمنة هامة أخرى، لا نستطيع إجراء العملية له».
من جهته، شدّد رئيس قسم طب القلب في «الجامعة الأميركيّة» الدكتور سمير علم على أن عمليات زرع «جهاز مساندة البطين الأيسر» تبقى العلاج النهائي بعد استنفاد كل الوسائل الأخرى. وعبّر علم عن رضاهم قائلاً: «نحن مغتبطون لتمكننا من توفير هذه الطريقة العلاجية الجديدة لمرضانا، لكنه لا يمكننا سوى التذكير وبإصرار أن هذه العملية معقّدة جداً وتتطلب متابعة».
وعند السؤال عن «مدّة صلاحيّة» القلب الاصطناعي المزروع، أوضحت مصادر الفريق الطبي أنه ولغاية الآن ما زال الأمر مجهولاً. فهذه العمليّة جراحيّة مستجدّة وقد بدأ العمل بها بين العامين 2004 و2005، «لكن يمكن تقدير الصلاحيّة مبدئياً بخمس سنوات حدّا أدنى».
أما كلفة تلك العمليّة الذي أصبحت متاحة لكلّ من ترشّحه حالته فيقدّرها الأطباء بـ«مئات آلاف الدولارات، من دون تحديد رقم ثابت لها كونها تختلف من حــــالة إلى أخرى». وتجدر الإشارة إلى أن «القلب» عندما يستورد للزرع، يرافقه فريق طبي تقني، الأمر الذي يتطلّب بحدّ ذاته كلفة مرتفعة.
(«السفير»)

Script executed in 0.19385004043579