أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

أمي كانت بعين واحدة

الأحد 21 آذار , 2010 05:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,616 زائر

أمي كانت بعين واحدة

أمي كانت بعين واحدة
.
..
لقد كرهتها
..


كانت تسبب لي الكثير من الاحراج
..


كانت تطبخ للطلاب و المعلمين لكي تساند العائلة
..
ذات يوم بينما كنت بالمدرسة المتوسطة قدمت امي لتلقي علي التحية
..
..
لقد كنت محرجاً جداً .. كيف استطاعت ان تفعل هذا بي
..
.

.
لقد تجاهلتها , احتقرتها ... رمقتها بنظرات حقد ... و هربت بعيداً
..

..
باليوم الثاني أحد طلاب فصلي وجه كلامه لي ساخراً
" إيييييييي , امك تملك عيناً واحدة " ..
..
..
أردت ان ادفن نفسي وقتها , و تمنيت أن تختفي امي للأبد
..
..
فواجهتها ذلك اليوم قائلاً :
" أن كنت فقط تريدين ان تجعلي مني مهزلة , فلم لا تموتين ؟ " ..
..


مكثت امي صامتة ... و لم تتفوه بكلمة واحدة
.

..
لم أفكر للحظة فيما قلته , لأني كنت سأنفجر من الغضب

...
..
كنت غافلاً عن مشاعرها
.

..
اردت الخروج من ذلك المنزل , فلم يكن لدي شيء لأعمله معها

..
لذا أخذت أدرس بجد حقيقي , حتى حصلت فرصة للسفر خارج البلاد
..

..
بعد ذلك تزوجت ... و امتلكت منزلي الخاص

....
..
كان لي اطفال .. و كونت اسرتي
..

..
كنت سعيداً بحياتي الجديدة
..

..
كنت سعيداً بأطفالي , و كنت في قمة الارتياح
..
..
في أحد الأيام ... جاءت أمي لتزورني بمنزلي

..
هي لم تراني منذ أعوام ... و لم ترى احفادها و لو لمرة واحدة ..

 

...
..
عندما وقفت على باب منزلي , اطفالي أخذوا يضحكون منها
.. ...
...
..
لقد صرخت عليها بسبب قدومها بدون موعد
" كيف تجرأتي و قدمتي لمنزلي و ارعبت اطفالي ؟ "
... " أخرجي من هنا حالاً "
.
..
جاوبت بصوت رقيق " عذراً , أسفة جداً , لربما تبعت العنوان الخطأ "
..
..
منذ ذلك الحين ... اختفت امي
أحد الأيام , وصلتني رسالة من المدرسة بخصوص لم الشمل بمنزلي ..
..

... ...
لذا كذبت على زوجتي و اخبرتها اني مسافر في رحلة عمل
..


.. بعد الانتهاء من لم الشمل .... توجهت لكوخي العتيق حيث نشأت....
..

كان فضولي يرشدني لذلك الكوخ
احد جيراني أخبرني " لقد توفيت والدتك ! "

...
..
لم تذرف عيناي بقطرة دمع واحدة
..

..
كان لديها رساله أرادت مني أن اعرفها قبل وفاتها
.
...
" أبني العزيز , لم ابرح افكر فيك طوال الوقت , أنا آسفة لقدومي لبيتك و ارعابي لأطفالك , ..

.. لقد كنت مسرورة عندما عرفت انك قادم بيوم لم الشمل بالمدرسة ,
لكني لم اكن قادرة على النهوض من السرير لرؤيتك أنا آسفة ... فقد كنت مصدر احراج لك في فترة صباك ...

.... . . . سأخبرك .... عندما كنت طفلاً صغيراً تعرضت لحادث و فقدت احدى عيناك
. لكني كأم , لم أستطع الوقوف و أشاهدك تنمو بعين واحدة فقط
.... لذا فقد اعطيتك عيني ...
كنت فخورة جداً بابني الذي كان يريني العالم , بعيني تلك
مع حبي لك ... أمك "

Script executed in 0.19020295143127