أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

العملية البطولية في خان يونس وخيارات العدو.. قراءة في عبر ما بعدها

الإثنين 29 آذار , 2010 06:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,472 زائر

العملية البطولية في خان يونس وخيارات العدو.. قراءة في عبر ما بعدها

تأتي العملية، الدفاعية بطبيعتها، لتكشف حدود القدرة الصهيونية من جهة، وتؤكد من جديد على توجهات تل ابيب لهذه المرحلة من جهة أخرى، في كل ما يتعلق بالمواجهة مع قطاع غزة.

في اساس الموقف الإسرائيلي، يمكن الإشارة والتأكيد، على أن صاحب القرار، العسكري والسياسي، لم يكن في حالة توثب خاصة باتجاه قطاع غزة، منتظرا مبررا أو ذريعة ما، لشن اعتداء على القطاع، على النقيض من ذلك، صدرت في الاونة الأخيرة إشارات دالة على توجه نحو التهدئة من قبل الإسرائيليين، بل محاولة واضحة جدا لتبرير ما يحصل من تساقط للصواريخ على المستوطنات الإسرائيلية في هذه المرحلة، والاشارة إلى أن "حماس" كجهة مسيطرة في القطاع، لا علاقة لها بهذه "الحوادث".. وهذا يتناقض مع وجود حالة توثب إسرائيلية لمبادرة اعتدائية ما ضد الفسطينيين، أي باتجاه عمل عسكري واسع.

في هذا الاطار، لا يمكن للعملية الدفاعية الفلسطينية الاخيرة، وسقوط قتلى اسرائيليين، أن تغير من موازين القوى بين الصهاينة والفصائل الفلسطينية في القطاع، فما كان مانعا لتل أبيب عن شن اعتداء في مرحلة ما قبل العملية، سيبقى يمنعها عن شن اعتداء في اعقابها.

ويرتبط العمل الاعتدائي الإسرائيلي، تجاه القطاع، أو تجاه أي من ساحات المواجهة، بمدى الكلفة والفائدة المرجوة من اصل الاعتداء.. والعدو في هذه المرحلة، يدرك بان حربا جديدة على قطاع غزة، ستكون لجهة التكلفة أكثر من الحرب الماضية، مع ادراك عدم القدرة على تحقيق النتائج منها.

يضاف إلى ذلك، ان حديث المسؤولين الصهاينة، تصريحا وتعليقا، وتحديدا من قبل وزير الحرب "إيهود باراك" وقائد المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال، "يؤآف غالانت"، كانت منخفضة الوتيرة والحدة، وجاءت كما احاديث المراسلين العسكريين في اعقاب العملية، ويمكن القول أنها كانت موجهة إلى نوع من التبرير لعدم الإقدام على فعل ما واسع النطاق ضد الفلسطينيين.. وقد كان لافتا حديث "غالانت" للتلفزيون الاسرائيلي ، وهو المعروف بعنجهيته واطلاقه الدائم للتهديدات والتحذير ضد الفلسطينيين، أن يتحدث عن "حادث" وليس عن عملية، ووجه مستمعيه من الاسرائيليين إلى نتيجة واحدة: "الصدفة هي التي أدت إلى ذلك".

فوق كل هذا، فان العامل الأميركي، والسجال القائم بين تل أبيب وواشنطن، الذي وصل إلى حدود خطرة بضغط من المؤسسة العسكرية الأميركية، بمعنى ربط ما يحصل في الاراضي الفلسطينية المحتلة بما يحصل للجنود الأميركيين في المنطقة، دور اساسي ومركزي في بلورة القرار الإسرائيلي باتجاه اعتداء على القطاع من عدمه. وفي هذه المرحلة، يدرك الإسرائيلي أن الإدارة الأميركية ستنظر إلى أي حراك عسكري صهيوني تجاه القطاع، باعتباره حراكا عسكريا تجاهها هي، الأمر الذي يلجم تل أبيب ويمنعها من توسعة خياراتها وحدودها، هذا إن كانت في وارد القيام بذلك، في الاساس.. فآخر ما يريده رئيس حكومة العدو زيادة التوتر والازمة مع الأميركيين.

كعامل كابح للاسرائيلي، بمعنى تقلّص منسوب الدافعية لديه، يتوجب التأكيد على أن المقاومين كانوا في موقع دفاعي بحت، أي أن القوة الإسرائيلية هي التي اجتازت حدود القطاع، وبالتالي لا يوجد، على صعيد قواعد اللعبة القائمة بين الجانبين، أي تغيير أو تعديل، يفرض العمل، نظريا، على اعادة تقويمه.

رغم ذلك، لا يعني كل ما ورد هنا أن الإسرائيلي سيبلع خسائره ويكتفي بالتهديد، بل الارجح أن يقوم باعتداء ما، لكنه سيكون محدود وغير واسع، بل لن يقدم على أي اعتداء من شأنه نظريا أن يجر إلى مواجهة واسعة.. علما أن اصل منطق الاعتداء لصيق بالعدو، وجزء لا يتجزأ من طبيعته.

ويظهر من كل ما ورد أن ليس لدى تل أبيب، في هذه المرحلة، توجهات عدائية حيال قطاع غزة، إذ يبرز امامها كثير من الكوابح المانعة لشن اعتداءات واسعة على الفلسطينيين، حتى مع توفر دوافع للانتقام لخسائرها.. لكن في نفس الوقت، من المفيد الإشارة إلى أن العملية الدفاعية للمقاومة الفلسطينية اظهرت استعدادا ويقظة لدى المقاومة من شأنها أن تمنع الإسرائيلي، عن التوغل والتسلل من الآن وصاعدا، بمعنى أن عمليات التسلل والتوغل الإسرائيلية، دخلت بدورها في دائرة حساب الربح والخسارة من ناحية تل ابيب، وهذا يعتبر بذاته، انجازا كبيرا للمقاومين. 

Script executed in 0.19869184494019