أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

15 نيسان موعد الحريري مع ضبط «حكومته»

الخميس 01 نيسان , 2010 04:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,613 زائر

15 نيسان موعد الحريري مع ضبط «حكومته»

وقد يضطر إلى سلسلة اتصالات خارجية، لكشف خلفياتها والدلالات: كلام ميشال سليمان إلى الزميلة «السفير» أول من أمس، وكلام الأمين العام لحزب الله مساء أمس، وأخيراً كلام جنبلاط المقرّر بعد لقائه الأسد، ما لم يطرأ طارئ مؤجِّل...

والكلام المثلّث، على الحريري قراءته في مواجهة موقفه هو بالذات من المحكمة الدولية، الذي أعلنه من صوفيا قبل يومين، والذي أكده بيان لاحق لكتلته النيابية. طبعاً ليست المسألة قصة حيثيات جزائية وأدلّة جنائية وإثباتات بشأن الجُناة في جريمة 14 شباط 2005. بل المسألة، في الأساس، هي في التوجّه السياسي العام، في سياق ما يجري في لبنان ومن حوله.

فالحرب الساخنة التي دارت بين عامي 2001 و2006، تحوّلت بعد ذلك التاريخ حرباً باردة بين معسكرين. في أحدهما تقف سوريا، وفي الآخر تقف السعودية، إلى أن جاءت قمة الكويت في كانون الثاني 2009. يومها، بدا واضحاً أن الرياض قررت الخروج من الحرب الباردة. لم تبدّل معسكرها، لكنها اتخذت موقف الحياد. مضى عام ونيّف، قبل أن يتبلور مضمون هذا الحياد. وهو ما لم يلبث أن انعكس تفاهماً سورياً سعودياً واضحاً في ثلاثة ملفات: بغداد، بيروت ورام الله. في الأولى قامت دمشق بتسليف الرياض، في الثالثة كان نوع من التكافؤ الإيجابي حتى اللحظة، فكان واضحاً أنه في بيروت، الرياض هي مَن سيسلّف دمشق.

كل التطورات اللبنانية منذ عشية الانتخابات النيابية حتى تأليف الحكومة، تؤكد هذا الاتجاه. فيما الحريري يحتفظ لنفسه بهامش متمايز، في ملف واحد ربما، غير أنه جوهري. هذا الهامش المتروك، تقول المعطيات المتقاطعة إنه يتجه إلى الانحسار، أو حتى الإلغاء. فالملاحظات السورية حياله سجلت رسمياً. حتى إنه في الزيارة الأخيرة التي قام بها عبد العزيز بن عبد الله إلى دمشق، سمعها مباشرة من الرئيس السوري، وهو يقرأها له نقطة نقطة، مستعيناً بوريقة صغيرة دوّنها عليها، دلالةً على دقّتها وضرورة تسجيلها من الضيف، وبالتالي متابعتها.

العارفون يقولون إن الملاحظات المذكورة نقلت مباشرة إلى رئيس الحكومة اللبنانية. والعارفون أنفسهم يقولون أيضاً إن الرسالة الأكثر بلاغة ودلالة كانت في «النقل غير المباشر» لتلك «الملاحظات». وفي سياق هذا «النقل»، كان لقاء لمسؤول سعودي بارز برئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي، فيما الأخير يعيد تموضعه ويلتقي السيد حسن نصر الله. وفي السياق نفسه، كان الهمس حول «التقنين» المالي، الذي تردّد أنه بدأ ينعكس في أكثر من مجال.
قبل نحو أسبوعين، بدا أن الحريري يحاول القيام بخطوة للتكيّف مع الرسائل السعودية السورية، فكانت توجيهاته الصارمة إلى فريقه بضبط الكلام المتفلّت حيال دمشق. لكنّ المسألة لم تتوقف عند هذا الحد. ذلك أن المقاربة المتفّق عليها خارجياً، تبدو كأنها رزمة واحدة، وتشمل سوريا، كما تشمل حزب الله، وتشمل أيضاً الوضع الداخلي اللبناني.

في لحظة ما، تولّد انطباع أن الحريري يحاول جسّ النبض الإقليمي حيال معادلة خاصة اخترعها: أعطيكم في الموضوع السوري، مقابل ترك الهامش الداخلي حراً لحركتي. كذلك ظهر كأن الحريري يراهن في هذه المعادلة على «تحالفين موضوعيين» مع كل من ميشال سليمان ونبيه بري.

غير أن سياسة سدّ الثغر كلها لم تلبث أن فاجأته، فقطع رئيس الجمهورية عليه هذا «التقاطع»، بين كلامه أول من أمس وبين ما «باح» به للسفير السوري قبل أسبوع. وينتظر أن يبلغه رئيس المجلس النيابي «القطع» نفسه، انطلاقاً من «الحرص» الذي يكنّه بري للحريري الابن، كما كان لوالده...

هل التقط رئيس الحكومة تلك الرسائل؟ وهل قام بزيارة الرابية قبل يومين، في محاولة لمعالجة ولو جزئية؟ المعلومات المتوافرة تشير إلى معطيين يخالفان تكتيكه هذا، في حال صحته. فمحادثات الرابية، كما تردد، لم تخرج بجديد. كذلك فإن «الهامش اللبناني» المطلوب معالجته يتخطّى مسائل البلديات والموازنة...

بعد كلام سليمان ونصر الله وجنبلاط، سيكون أمام الحريري متّسع أسبوعين من الوقت، لمراجعة ما سمع، وليقرر ما سيُسمِع هو، بعد عودته من دمشق. والخيارات أمامه في هذا المجال كثيرة، تبدأ بقرار منه بضبط العمل الحكومي، كما فعل على المستوى «المستقبلي»، وتنتهي بحريته الكاملة لجهة تقرير خياراته الشخصية في الحياة السياسية والعامة...

Script executed in 0.19148302078247