أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

جنبـلاط فـي دمشـق... الاعتـذار بديـلاً مـن الانتحـار

الخميس 01 نيسان , 2010 06:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,832 زائر

جنبـلاط فـي دمشـق... الاعتـذار بديـلاً مـن الانتحـار

أكثر مما هي مصالحة مع سوريا الرابضة دائماً عند تخوم التحديات الكبيرة في واجهة الصراع العربي ـ الاسرائيلي، وإن اتخذت ـ كما في محطات سابقة، مساراً انعطافياً غالباً ما اتسم بشيء من الحدة، فكان صادماً للخصوم والحلفاء، ومربكاً للمريدين والمناصرين.

يجب الاعتراف أن جنبلاط خسر رهانات ظرفية في «لحظة تخل» على ما قال قبل أيام في لقاء مع قناة «الجزيرة» القطرية، و«التخلي» في موروث طائفة الموحدين الدروز هو اللحظة غير الخاضعة لسلطة العقل، وهي غالباً ما تقود الأفراد إلى التهور والانتحار، لا بل هي تحتمل أيضاً فكرة روحانية بمعنى «تخلي» الانسان في لحظات عابرة ومدمرة عن الإيمان بالله، فكــان الاستدراك ارتداداً إلى منطق التاريخ وموجبــات الجغرافيا وما يتــسق بينهما في الترجمة السياسية، قولاً وممــارسة، واختيارا للاعتذار بديلا للانتحار.

أما إلى أي مدى تقبلت القاعدة التي يمثلها زعيم المختارة هذا التحول؟

هذا السؤال، يحتمل أكثر من إجابة، فالنخب المثقفة استطاعت أن تجاري جنبلاط قراءته منذ إعلان خروجه من قوى 14 آذار في الثاني من آب 2009، وثمة نخب مثقفة أيضاً لم تتقبل فكرة التحول دون خطوات ممهدة على الأقل، لكنها استطاعت اللحاق والمواكبة وانضوت في مسار هذا التحول وأصبحت جزءاً من حركته، فيما ثمة بعض النخب وهي تمثل نسبة قليلة على مستوى الانتليجينسيا في الحزب التقدمي الاشتراكي، وهذه غير قابلة للتسليم حتى الآن بانتهاج جنبلاط طريقاً يجانب توجهات السنوات الأربع الماضية، وتمارس نوعاً من المكابرة، لكنها بدأت تتلاشى دون أن تتمكن من أن تشكل حالة قابلة للحياة.

أما المشكلة القائمة حتى الآن، فهي ما تزال ماثلة لدى شرائح كبيرة من القوى الشبابية التي انضوت في حركة الرابع عشر من آذار، غير الملمة بمراحل النضال الطويل التي قادها وليد جنبلاط جنباً إلى جنب مع سوريا، في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي والأساطيل الغربية ومعارك الدفاع عن عروبة لبنان وإسقاط اتفاق السابع عشر من أيار.
وسط هذا الجو الشبابي ثمة قوى متضررة بدا أنها قادرة في حدود كبيرة على توظيف بعض هذه الشريحة، في حركة عصيان تعبر عن نفسها على مواقع الانترنت جهاراً، وفي مجالس خاصة وعامة، وهي لم تتقبل حتى اللحظة فكرة الانفصام عن شعارات مرحلة «التخلي»، وهذه المرة الأولى التي يواجه فيها جنبلاط حركة رافضة متمنعة على مستوى الحزب وقواه الصاعدة، خصوصاً أن هذه الشريحة قادرة على المحاججة من منظورها الخاص، ومنها من يطرح فكرة المساءلة على رئيس الحزب انطلاقاً من سؤال «لماذا وقفنا في ساحة الحرية سنوات عدة؟».

أما على مستوى نبض الشارع، فثمة ترحيب كبير مع استثناءات قليلة، بينها بعض المجموعات السلفية الدرزية التي بدأت تتغلغل في أوساط معينة وما تزال غير مقتنعة بكل منطق المصالحات في الداخل كما مع دمشق. 

Script executed in 0.19085812568665