أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

الحريري يعود من دمشق حاكماً... أو لا يحكم

الجمعة 02 نيسان , 2010 05:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,982 زائر

الحريري يعود من دمشق حاكماً... أو لا يحكم

في الثالث عشر من نيسان، يحطّ الرئيس سعد الحريري رحاله في دمشق في زيارة، إمّا يعود منها حاكماً أو لا يحكم أبداً. وقد أدرك هذا الأمر جيّداً الثلاثي المحيط بالحريري، أي رئيس فرع المعلومات العقيد وسام الحسن (الذي عرف كيف يبني شبكة دنيا من الأمان لعلاقة الحريري مع دمشق، لكنها شبكة تحتاج إلى الكثير من التطوير بجهد شخصي من الحريري)، والنائب السابق باسم السبع، والمسؤول الإعلامي في رئاسة الحكومة هاني حمّود. ويدرك هؤلاء أيضاً أنه إذا اهتزّت الثقة مع دمشق، فلن تبنى مجدداً إلّا بصعوبة بالغة.

يذهب الحريري وأمامه ملفّان أساسيّان: الأمن والعلاقات الخارجيّة. الأمن يتشعّب ويتوسّع، لكن هناك أساسيّات فيه. المقاومة على رأس هذه الأولويّات، وكذلك المحكمة الدوليّة، وخصوصاً لجهة محاولات توريط حزب الله فيها. وهنا يذكر أحد المقرّبين من دمشق كيف أجاب الرئيس بشّار الأسد موفداً من قبل الملك الأردني عبد الله الثاني، قبل أكثر من عام، حين حاول فتح موضوع حزب الله. يومها، قال له الأسد: هل رأيت عناصر الحرس الجمهوري في الخارج؟ فأجابه الموفد: نعم. فقال الأسد: أهميّة حزب الله هي بأهميّة هؤلاء بالنسبة إلينا. هنا، وكما قال النائب وليد جنبلاط لبعض زوّاره في اليومين الماضيين، على الحريري أن يُبادر إلى قطع رأس الأفعى قبل أن تمتد إلى جسم الوطن. فكلام الأمين العام لحزب الله أول من أمس عن صالونات سياسيّة تُشيع أخباراً عن تورّط أعضاء في حزب الله، وقيام بعضها بتسمية المسؤول العسكري السابق في الحزب الشهيد عماد مغنيّة، إنّما المقصود به بعض الصالونات التي تدور في فلك رئيس الحكومة، ولذلك على الرجل ـــــ كما ينقل زوّار جنبلاط ـــــ التدخّل لوقف هذا الكلام، كما عليه حماية محكمة والده من عمليّة التسييس، أو كما يقول جنبلاط دائماً: حماية لبنان من لعبة الأمم.

وفي الملفّ الأمني، يبرز موضوع المخيّمات الفلسطينيّة، الذي يملك السوريّون صورة واضحة عنه. والمطلوب، وفقاً لزوار دمشق، حماية هذه المخيّمات، وأن لا تُصبح وكراً للمجموعات الجهاديّة الإسلاميّة التي حاولت القيام أو تقوم بأعمال عنفيّة في سوريا. وهنا قام وسام الحسن واللواء أشرف ريفي بدورين إيجابيين جداً، من خلال تبادل المعلومات الأمنيّة حول الإسلاميين وشبكات عملاء إسرائيل، وخصوصاً بين ريفي ورئيس شعبة الاستخبارات العامّة (أمن الدولة) في سوريا اللواء علي المملوك، وهو الأمر الذي كان قد بدأ بين الحسن ورئيس فرع الاستخبارات العسكريّة في دمشق وريف دمشق اللواء رستم غزالة.

أمّا في ما يتعلّق بالعلاقات الخارجيّة، فيرغب السوريّون في أن يعود التنسيق بين البلدين إلى حدوده القصوى، وخصوصاً أن لبنان يشغل اليوم مقعداً غير دائم في مجلس الأمن الدولي. وفي هذه النقطة، يبدو أن الحريري واقع بين شاقوفين: سعودي وسوري، وذلك لجهة العلاقة مع إيران، وخصوصاً أن الاتجاه في السعوديّة هو نحو المزيد من التشدّد في هذا الإطار.

أمّا في الشأن الداخلي اللبناني، فيبدو أن سوريا أعادت إعطاء الحريري فترة سماح في العلاقة، وذلك بسبب عامل الخبرة لدى الرجل، كما يقول مقرّبون منها، رغم أن هناك انزعاجاً سورياً واضحاً من مشاركة خمسة من نواب تيّار المستقبل في مهرجان القوات اللبنانيّة في ذكرى حلّها، وتحدُّث اثنين منهما، أحمد فتفت وعاطف مجدلاني. كما أنّ الحريري لم يُجارِ الرئيسين ميشال سليمان ونبيه بري وقائد الجيش جان قهوجي الذين سحبوا الصفة التمثيليّة عن ممثليهم.

لكنّ ردّ الحريري في هذا المجال واضح: أعطوني مزيداً من الوقت، فإني أحضّر (رئيس الهيئة التنفيذيّة في القوات اللبنانيّة) سمير جعجع صوب هذا الخيار في السياسة. ويستدلّ الرجل على الأمر، بأن خطاب جعجع نفسه تجاه سوريا لم يكن حاداً، ثم حديثه إلى «الأخبار» بأن القوات تزور دمشق عبر الحريري، ولاحقاً ما قاله النائب القواتي أنطوان زهرا عن أن القوات اللبنانيّة لا تُمانع في مرافقة أحد وزيريها الحريري إلى سوريا إذا اقتضى الأمر.

والجدير بالذكر أنّ شبكة الأمان التي نسجها وسام الحسن، أوصلت النقاش مع السوريين إلى التفاصيل الأساسيّة في الملف اللبناني، فطالت ما هو مطروح على النقاش، وخصوصاً لجهة التعيينات الأمنيّة.

ولأن المحيطين بالحريري، وربما هو نفسه، يعرفون مدى أهميّة زيارة 13 نيسان، وأن الحريري يأخذ قبلها وسيتخذ خلالها وبعدها قرارات جريئة، فقد جاءت زيارة النائب عُقاب صقر إلى البطريرك نصر الله صفير ليضعه في جو هذه الزيارة، طالباً غطاءً لها منه، لأن غطاء جعجع لا يكفي مسيحياً، «فكلمة منك أفضل من عشرات الاجتماعات»، كما قال صقر لصفير.

فردّ صفير بأنه لا يُمانع، مع تشديده على عدم عودة النفوذ السوري إلى لبنان. هنا أبلغه صقر ما سمعه في السعوديّة بأن من الأفضل القول إن لبنان يُريد علاقات طبيعيّة ومميزة مع سوريا، على القول إنه لا يُريد عودة النفوذ السوري، لحماية سيادة لبنان، فوعد صفير خيراً.

إذاً، يسعى الحريري اليوم، إلى تعبيد طريق زيارته الثانية إلى دمشق حتى لا يقع في الأخطاء التي تلت زيارته الأولى. هناك من قال له: عليك أن لا تفعل مثل الرئيس أمين الجميّل سابقاً، فهو أكثر رئيس لبناني زار دمشق، لكنها لا تثق به أبداً (وهو حاول أخيراً فتح قناة اتصال جديدة مع دمشق). لكن الحريري، من جهة أخرى، لا يبدو قادراً على مجاراة رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط الذي استطاع سريعاً قطع أشواط، واتفق مع الرئيس بشار الأسد على موعد آخر بعد أسابيع عدّة.

Script executed in 0.18496990203857