أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

هل آن أوان «تحرّر» تحالف «الوسط» من «براثن» 8 و14 آذار؟

الثلاثاء 06 نيسان , 2010 05:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,567 زائر

هل آن أوان «تحرّر» تحالف «الوسط» من «براثن» 8 و14 آذار؟

وإذا كانت صورة المشهد السياسي اللبناني قد تجمّدت منذ خروج رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط من تحالف قوى 14 آذار، فإن خطوات جنبلاط اللاحقة سعت إلى تكريس ذلك الخروج الذي كاد أن يقصم ظهر جبهة 14 آذار، ما ساهم أيضاً في تأكيد ثبات الصورة السياسية التي فرضها موقفه وتموضعه الذي أبرمه عملياً في زيارة دمشق واللقاء مع الرئيس السوري بشار الأسد.

لكن جنبلاط الذي لم يستثمر إلى الآن «موقعه الجديد»، وجّه رسائل واضحة في الشكل ومباشرة في المضمون، قبل أن «يستيقظ» حنينه إلى دمشق وبعده، بأنه يريد مساحة عمل قادرة على التفاعل مع كل «السابقين» من الحلفاء والخصوم، وأنه لا يريد ينقل البندقية من كتف إلى آخر وإنما يريد أن يرمي سلاحه «المتفجّر والأبيض»، ربما ليشتري بثمنه «قبعات زرقاء» له ولنجله ورفاقه وطائفته، تؤمن له الحماية في مرحلة «انتقال السلطة» ممن كان يستثمر «سلطة» قوى 14 آذار التي كان رأس حربتها...

دخل جنبلاط محطة استراحة يتمنى أن لا يطول أوانها كثيراً، لأنه لا يطيق الجلوس على مقاعد الانتظار، ولأنه لا قدرة لديه على التحوّل من صانع للحدث إلى مجرد متفرّج يلوّح من بعيد لأصدقائه، الذين لطالما انتظروه ليستعيدوا حرارة الماضي، أو أولئك الذين يرغبون بأن يقوم الودّ بينهم وبينه...

في محطة قريبة، ينتظر رئيس المجلس النيابي نبيه بري بفارغ الصبر أن ينتهي النقاش على الانتخابات البلدية بإجرائها أو عدمه، بتعديل على القانون أو من دونه، لأنه يريد الانتقال إلى مرحلة جديدة تعيد لحركة أمل خصوصيتها السياسية، وتخرجه من تحالفات اضطر إليها بحكم الحاجة والظروف، وقد تحمّل عبء أوزارها أكثر من مرة، وكادت تدفعه إلى التبرؤ من تلك التحالفات لولا تدخّل شريكه الطبيعي «حزب الله»...

لكن الرئيس بري، كالنائب جنبلاط، يتمنى أن لا يطول انتظاره كي يفك استحقاق الانتخابات البلدية آخر رباط يجمع داخل كل من الاصطفافين المتهالكين، لأن ذلك يسمح بفتح قنوات تواصل جديدة تمسك بزمام المبادرة على أنقاض ما كان من تحالفات، بهدف صوغ إطار جديد يخلط أوراق السياسة ويعيد للعبة بعضاً من الهوامش التي افتقدتها خلال السنوات الخمس الماضية... خاصة وأنه صار يلتقي في عنواني المقاومة والعلاقة مع سوريا اللذين لا يحيد عنهما، مع مروحة من القوى أوسع من تلك المنضوية في خانة 8 آذار وحسب.

والواقع أن الرئيس بري يبدو أكثر حماسة لمشروع سياسي مختلف عن السابق وذلك لاعتبارات عدة، منها الشخصي الذي يمنحه قوة في الشراكة والإدارة السياسية، ومنها الوطني الذي كان الرئيس بري نفسه قد سوّق لمشروع فكرة الكتلة الوسطية في مختلف الأوساط المحلية والإقليــمية والدولية كمخرج يسحب فتائل الأزمة اللبنانية وينهي عهد الانقسام العمودي ـ المذهبي الذي عرفته الساحة على مدى خمس سنوات. في حين أن جنبلاط يريد من هذا المــشروع أن يعبر إياباً من مرحلة سابقة إلى ضفة جسر لا تنقله إلى المقــلب الآخر بالكامل ولا تُفقده بعض حلفائه الرئيســيين السابــقين، وتحديداً رئيس الحكومة سعد الحريــري وتيار المستقبل، لأنه بذلك يكون قد تجاوز مرحلة الخطر وخرج من المعمعة من دون أذى كبير.

في موقع قريب، يحاول الرئيس نجيب ميقاتي تعبئة الوقت في انتظار خروج كل من الرئيس بري وجنبلاط من محطتيهما، فثمة ما يشبه التفاهم غير المعلن على آلية عمل مشتركة، ليس بالضرورة أن تكون في سياق إطار جبهوي أو تحالف معلن، ولكن من خلال أداء سياسي متناغم بينهم، وهو يرى أن «التنسيق» بين القوى التي تريد الاصطفاف إلى جانبه في «الوسطية» أفضل من «التحالف» الذي قد يتحوّل إلى جبهة سياسية تصبح طرفاً فتفقد موقعها، كما أن ذلك يمنح كل واحد من «الوسطيين» هامشاً مريحاً من حرية الحركة بما يحافظ على خصوصية كل طرف.

وكذلك الأمر بالنسبة لنائــب رئيـس الحكومة السابق ميشال المرّ الذي تسمح له صيغة «التنــسيق» بالبقاء على المسافة القريبة من رئيس الجمــهورية العماد ميشال سليمان.

على ذلك يمكن البناء للقول بأن الانتخابات البلدية والاختيارية ستكون آخر عهد الاصطفافات السابقة، وستطلق «حرية» المتحالفين في البحث عن الصيغ الجديدة للتحالفات، خصوصاً أن المواجهات السابقة قد أنهكتهم جميعاً، كما أن المتغيرات الجديدة تفرض عليهم المسارعة إلى حجز مقعد في القطار الذي أقلع بمن حضر...

ولعل الرئيس بري الذي كان أعلن سابقاً أن تشكيل الحكومة برئاسة سعد الحريري قد أنهى مرحلة 8 و14 آذار، ما زال يفتقد إلى الحافز الذي يمنحه الجرأة لنعي تحالفه ضمن 8 آذار، على غرار وليد جنبلاط الذي لم يصدّق حلفاؤه إلى وقت قريب أنه جاد بخروجه المدوّي من 14 آذار، لكن الرئيس بري سرعان ما وجد الفرصة سانحة في خطوة الرئيس عمر كرامي التي نعى فيها تحالفه ضمن 8 آذار، وذهب أبعد من ذلك اعتبار هذا التحالف لم يعد موجوداً، فتنفس رئيس المجلس الصعداء وبدأ يعد العدّة لإطلاق رصاصة الرحمة التي تصيب ما بقي من هيكل متداعٍ في ضفتي 8 و14 آذار.. ولكن بعد البت بالانتخابات البلدية والاختيارية... الا اذا تأجلت في اللحظات الأخيرة. 

Script executed in 0.16306209564209