أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

القرعاوي: مسؤول في القاعدة أو...؟!

الخميس 08 نيسان , 2010 10:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,554 زائر

القرعاوي: مسؤول في القاعدة أو...؟!

والحركات القريبة منه أن القرعاوي عميل تابع لجهاز المخابرات السعودية التي سُجن لديها لفترة شهرين قبل أن تُطلق سراحه فجأة عام 2003، بعد أن كان قد توجّه الى الأردن لمدة سنة في زيارة لم تتضح أسبابها ودخل العراق مرات عديدة، وعلى الرغم من معرفة السعودية بنشاطاته الدعوية وانخراطه في النشاط الاعلامي لـ"القاعدة" داخل المملكة بعد احداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر.

ومن اللافت في سيرة الشاب، الذي لم يتخطَّ السابعة والعشرين من العمر، امتلاكه مهارات أمنية عالية المستوى لناحية التزوير والتفجير والتجنيد وإدارة أعضاء التنظيم ما بين العراق ولبنان، ما يشير الى خضوعه لدورات نوعية لا ينطبق عليها واقع تلك التي يخضع لها شباب بهذا العمر في "القاعدة"؛ بحسب مصادر اسلامية.

أما في مضمون خطابه الأخير، فتبرز جملة ملاحظات على الهامش:

- يتزامن هذا الخطاب مع عودة التفجيرات للساحتين العراقية والباكستانية بقوة، في مشهد يعكس رغبة ما في تأجيج الفتنة المذهبية بين المسلمين في هذين البلدين، مع ما لهذا المشهد من تداعيات على الساحات الاخرى.

- بدا وكأن الخطاب جاء من خارج سياق التوجه العام لتنظيم "القاعدة" الذي عاد لينظم صفوفه في الآونة الأخيرة بهدف توجيه ضربات ضد الاميركيين، بحسب ما تُعلن التقارير الاميركية نفسها.

- أعلن القرعاوي مواقفه في مفصل زمني حساس على الساحة اللبنانية، لناحية الجدل الدائر حول المسار الذي تسلكه المحكمة الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري.

- استخدم القرعاوي في خطابه مصطلحات غير متطابقة تماما مع تلك المستخدمة في أدبيات "القاعدة". إذ لم يجرؤ أي قيادي في "القاعدة" حتى الآن ان أعلن صراحة ان "أساس الصراع ليس بيننا نحن العرب واليهود"، كما ان تركيز القرعاوي على نفي تهمة مشاركة جهات اصولية في اغتيال شخصيات لبنانية (وبعضها تعرض في حياته لهجوم عنيف على مواقع القاعدة بسبب آرائه ومواقفه) لا يبدو منسجما مع طروحات "القاعدة" ونظرتها الى الساحة اللبنانية، بل إن استعراضه لطبيعة الخلافات ما بين الموالاة والمعارضة بعيد اغتيال الرئيس الحريري يتماهى والطروحات الغربية. في هذا المجال يقول القرعاوي حرفيا: "بعد مقتل رئيس الحكومة الأسبق الحريري وانسحاب جيش النظام السوري من لبنان انقسمت الساحة اللبنانية إلى قسمين رئيسين، هما ما يسمى بالموالاة والمعارضة، فأحدهما مدعوم مما يسمى بدول الاعتدال العربية، ومن خلفهم الغرب، والآخر من دول الممانعة متمثلة في إيران وسوريا، ولكل جناح منهما أجندته وأهدافه التي يسعى إلى تحقيقها على أرض لبنان، وهي تؤول إلى تحقيق مصالح خارجية للجهات الداعمة، وحصل بين الطرفين صراع مرير ظاهره لبناني، وحقيقته أنه دولي، استخدمت المعارضة فيه أسلوب التصفية الدموية لرموز خصومهم السياسية كما هي عادتها وديدنها، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل قام أصحاب هذه الأعمال بإلصاق أعمالهم بالجماعات الإسلامية في لبنان لكي يضربوا عصفورين بحجر، فهم يصفون خصومهم السياسيين، ويلصقون التهمة بالجماعات الإسلامية ـ الخصم الدائم لهم ـ، فالغرب والحكومة اللبنانية تعلم علم اليقين أن هذه الاغتيالات السياسية ليست من فعل الجماعات الإسلامية، ولكن ماكينة النظام السوري والحزب (الله) الإعلاميتين، مدعومة بالأجهزة العسكرية المسيطَر عليها من قبل المعارضة في لبنان، تزج باسم الجماعات الإسلامية في هذا الصراع وهذه الاغتيالات". كذلك، يخرج القرعاوي مرة اخرى عن سياق البوصلة الرئيسية لخطاب القاعدة الاعلامي ازاء الاميركيين ليعتبر أن تدخلها المباشر في شؤون لبنان "أقل خطورة من تحريكها للدمى التي تمثلها من بعض أبناء لبنان".

وفي معرض حديثه عن الجيش اللبناني الذي تحول الى "أداة من أدوات الحزب لإمرار مشروعه في لبنان؛ ولاية الفقيه" يُفصح القرعاوي عن مفارقة بتبنيه اتهاما تكرره أطراف عديدة مناهضة للحزب، ولم يسبق أن كان محط تركيز لدى قياديي "القاعدة". كما ان تصويبه على دور "الحراسة " الذي يمارسه الحزب على الحدود مع العدو الصهيوني لم يكن يوما ضمن "ملاحظات" "القاعدة" على اداء حزب الله، بل إن اخر خطاب معلن في هذا السياق أدلى به نائب زعيم التنظيم أيمن الظواهري كان دون هذا السقف بكثير.

في الخلاصة، شهدت السنوات الأخيرة تركيزا في دوائر بحثية اميركية على وضع آليات لمكافحة الإرهاب بعد الانتقال من فهم دوافعه واساليبه الى تطويعه ومحاكاته.

في هذا السياق، لم يكن اختيار دايفيد بترايوس قائدا للمنطقة الوسطى في الجيش الأميركي صدفةً؛ فالرجل يُعدّ شخصية نوعية من حيث تخصصه في ادراك وتقديم الحلول العملية لمكافحة التمرد. وقد وقع الاختيار عليه في منصبه عقب اصداره دليلا خاصا بالجيش الأميركي حول هذا الموضوع، قبل ان يُكلف بتنفيذ رؤيته ميدانيا في العراق، حيث نجح الى حد كبير في إضعاف نشاطات "القاعدة" ضد الاحتلال، جرّاء العديد من الاجراءات التي طالت جوانب امنية وعسكرية واجتماعية وسياسية.

ولئن ظلّ الحديث عن اختراق أميركي (وحليف) لتنظيم "القاعدة" عبر عملاء مزدوجين في بيئته التنظيمية او المحيطة، محل تشكيك بسبب عدم وجود ادلة حسية معلنة، فإن قصة العميل الأردني المزدوج الذي فجر نفسه في القاعدة العسكرية في خوست في افغانستان (وبالرغم من انقلابه على الاميركيين) ومن ثم عمليات "التسرب" المتتالية لأعضاء سابقين في التنظيم، تشير بوضوح الى نجاح أميركي (وبريطاني) على الصعيد الأمني في إنشاء آليات أمنية صارت قادرة على تطويع واستخدام وتوجيه بعض العناصر لمصلحة أهداف لم تكن في أولويات "القاعدة" ولا ضمن خطابه الفكري والإعلامي حتى الآونة الأخيرة.

يبدو أن لبنان، بعد العراق وأفغانستان وباكستان، صار واحدا من ساحات الاختبار هذه.

Script executed in 0.18033504486084