أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

كيف يتخلص الحريري من «التركة الثقيلة» ويؤسس للشراكة الحقيقية؟

الجمعة 09 نيسان , 2010 12:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,530 زائر

كيف يتخلص الحريري من «التركة الثقيلة» ويؤسس للشراكة الحقيقية؟

فثمة ما يربطه بالتركة الثقيلة الماضية التي ولدتها السنوات الأربع العجاف (2005- 2009)، وهو يعبر عن تمسكه بها بطرق مختلفة لكنها طرق تخص الحريري وحده في أسلوب التعبير وفي إيصال الموقف والرسائل السياسية.

من عناوين هذه التركة الثقيلة طريقة التعاطي مع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، إذ يرى فريق سياسي ان الحريري يكتفي بالقول انه يترك ملف اغتيال والده وباقي جرائم الاغتيالات للمحكمة، وانه يقبل بكل ما يصدر عنها، ويتغاضى عن مرحلة التسييس والتضليل التي طالت التحقيق والمحكمة أربع سنوات، وكأن كل المرحلة الماضية من عمل التحقيق والمحكمة التي ظلمت أشخاصاً ومجتمعاً بكامله صارت نسياً منسياً، وثمة من يطالب الحريري بأن يخوض حرباً شرسة ضد كل التسريبات السياسية عن التحقيق والقرارات الظنية المرتقبة والاتهامات لأطراف معينة، تكون بحجم المعركة الشرسة التي خاضها وفريقه السياسي من اجل إنشاء المحكمة ودفاعاً عنها وعن سير التحقيق السابق الذي ضيع الحقائق وأعاد التحقيق والمحكمة الى الصفر.

وثمة من يأخذ على الحريري العلاقة «التي لا يفكها الا الموت» مع اطراف سياسية ضمن ما تبقى من فريق 14 اذار، والالتزام بكل سياسات وتوجهات حكومات فؤاد السنيورة المثيرة للجدل التي ولدت انقسامات خطيرة في البلاد ما زالت تداعياتها قائمة حتى الآن بأشكال مختلفة، لا سيما حول ما يتعلق بالموقف من حق لبنان في المقاومة، وهو الأمر الأساسي للخلاف، عدا السياسات الاقتصادية والمالية والضريبية والاجتماعية وطريقة إدارة الدولة.

ويرى هؤلاء ان علاقة الحريري بالقوى السياسية الاخرى في ما تبقى من مكونات 14 اذار، تبعده عن بناء علاقة سوية وسليمة وواضحة مع القوى الاخرى المكونة لحكومة الوحدة الوطنية، اذ ان الحريري يتعامل ببرودة وضمن البروتوكول مع هذه القوى كرئيس حكومة لا كشريك سياسي في تركيبة سياسية يفترض ان مهمتها انقاذ البلاد والاقتصاد والتصدي للأخطار الاسرائيلية والمتأتية عن المشاريع الخارجية الخطيرة المعدة للبنان والمنطقة العربية.

من عناوين التركة الثقيلة ايضاً طبيعة العلاقة مع سوريا، التي احاطها الحريري بعناية، نظراً لضرورتها له كرئيس حكومة، لكنه حصرها حتى الآن بمواضيع آنية مثل ترسيم الحدود والموقوفين وإعادة النظر بالاتفاقيات المعقودة بين البلدين بناء لمعاهدة الاخوة والتعاون والتنسيق، بينما يرى البعض ان لهذه العلاقة أوجهاً اهم وأبعد تقتضي اولاً إعادة بناء الثقة – كما يقول الحريري- لكن عبر التفاهم على كيفية طي صفحات الماضي ومفرداته التي ما يزال بعضها مستخدما، والتفاهم على رؤية مشتركة للملفات الأمنية وللسياسات الخارجية والدفاعية المتعلقة بالصراع القائم في المنطقة، طالما ان زيارات الرئيسين الحريري وميشال سليمان أدت الى تفاهم مبدئي على حصر العلاقات الثنائية بالمؤسسات الرسمية في البلدين.

ثمة قوى وازنة في الطرف الآخر لم يحسم سعد الحريري طبيعة العلاقة المستدامة معها، بما يؤدي الى حسن ادارة البلد بالتفاهم والتوافق على كل الملفات، فلا نعرف بعد كيف هي طبيعة العلاقة بين الحريري والرئيس نبيه بري او بينه وبين حزب الله او التيار الوطني الحر، ومع قوى ممثلة في البرلمان أو في هيئة الحوار الوطني، فما يعرف عن هذه العلاقات انها باردة وتتخذ الطابع الرسمي والمؤقت لبحث ملفات آنية مطروحة تسهم في تسيير عجلة الدولة جزئياً، بينما لم يجر تأسيس علاقات شراكة ووفاق وتفاهم تجعل الحريري بحق رئيس حكومة كل لبنان وكل اللبنانيين.
المقصود هنا بنظر بعض القوى بناء علاقات تفاهم دائمة تحمي البلاد، لا تديرها مؤقتاً فقط لتمرير مرحلة سياسية معينة في انتظار تطورات أخرى داخلية أو خارجية، يراهن البعض على أنها قد تغير طبيعة الوضع القائم وتوازناته القائمة. فكيف يحمي الحريري الوفاق الداخلي بالابتعاد سياسياً عن هذه القوى الوازنة؟ وكيف يحكم وهو يعتبر نفسه ممثلاً لفريق سياسي على رأس حكومة ائتلافية؟ وكيف يعالج ملفات الاقتصاد والمالية بنظريات اعتمدت أكثر من 15 سنة، وأدت إلى تفاقم أزمات الدين العام والحالة الاقتصادية والاجتماعية للمواطن؟

وكيف يؤسس الحريري لمستقبله السياسي كزعيم وطني وهو غارق في تحالفات ضيقة «لا يفكها إلا الموت»؟ 

Script executed in 0.16776084899902