أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

نقاش "علمي" أميركي: الأمن النووي في الشرق الأوسط يساوي إيران!

الإثنين 12 نيسان , 2010 11:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,725 زائر

نقاش "علمي" أميركي: الأمن النووي في الشرق الأوسط يساوي إيران!

وتُظهر مداخلات المشاركين في الندوة، التي شارك فيها ممثلون مرموقون عن معهد " كارنيغي" ومعهد "واشنطن" والحكومة الأميركية، أن المقصود بمصطلح "الامن النووي في الشرق الأوسط" هو الملف النووي الإيراني؛ في موقف يعكس مدى تداخل المصالح الأميركية بمواقف الباحثين والاكاديميين.

الندوة، حضرها غريغوي شولت؛ السفير الأميركي السابق في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والمحاضر في جامعة الدفاع القومي، وجورج بيركوفيتش؛ نائب الرئيس للدراسات، ومدير "برنامج السياسة النووية" في "مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي"، وسايمون هندرسون مدير "برنامج الخليج وسياسة الطاقة" في معهد واشنطن. وقد عكست المداخلات عدم وجود رؤية واضحة حتى الآن ازاء الملف النووي الإيراني، والتركيز على توحيد الجهود الدولية للتعامل مع هذا الملف.

وهنا ترجمة لما جاء في هذه المداخلات:

غريغوري شولت

"قبل عام في براغ، حذر الرئيس الأمريكي باراك أوباما من أن الإرهاب النووي يشكل "التهديد الأكثر إلحاحاً والأكثر تطرفاً على الأمن العالمي"، ووفقاً لذلك، تعهد بقيادة جهد دولي لـ "تأمين جميع المواد النووية غير الحصينة في جميع أنحاء العالم خلال أربع سنوات". إن "قمة الأمن النووي" تنوي تحقيق ذلك الهدف.

وعلى الرغم من أن منع الإرهاب النووي هو على رأس قائمة أولوياتنا المتعلقة بالأمن الوطني، لا ترى الكثير من الحكومات في الشرق الأوسط وأماكن أخرى بأنها قضية رئيسية. وكثيراً ما ينظر إليها دبلوماسيون من البلدان النامية على أنها هاجس أمريكي، ويشعرون بالقلق من أنها ستخلق حاجزاً آخر للاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية. وبالتالي، فإن أحد أهداف الرئيس الأمريكي البسيطة جداً، ولكن الحيوية خلال القمة المرتقبة، سيكون تشجيع الدول الأخرى على أخذ الأمن النووي على محمل الجد. فالشرق الأوسط هو في النهاية ضحية محتملة للإرهاب النووي، وليس فقط مصدراً محتملاً.

ومع سعي المزيد من الدول للاستفادة من الطاقة النووية المدنية، سيصبح الأمن النووي أكثر أهمية في منطقة الشرق الأوسط. لكن المشكلة الأكثر إلحاحاً ليست الأمن النووي في حد ذاته، إنما برنامج إيران النووي! ويبدو أن طهران قد وصلت إلى نتيجة بأن الهيبة والنفوذ والأمن التي توفرها الأسلحة النووية تفوق أي إدانة وعقوبات قد تأتي من المبادرة الدولية الحالية والمتعددة الأطراف، لذلك يجب على الولايات المتحدة بناء خططها ودبلوماسيتها على افتراض أن إيران ستمتلك أسلحة نووية.

وبمجرد امتلاك إيران للأسلحة النووية، قد لا يكون قادة طهران انتحاريين إلى درجة بحيث يشنون هجمات نووية ضد "إسرائيل" أو الولايات المتحدة، أو غيرهما من الشركاء في المنطقة. ومع ذلك، ربما ينخرطون في سياسة تكون على حافة الهاوية النووية؛ أي خطرة وذات سلوك تصعيدي ترمي إلى: إخافة الدول المجاورة أو ردع التدخل الخارجي، أو الحصول على إعجاب جمهورهم. وما يزيد من هذه المجازفة هو الخطر الحقيقي من أن تقرر دول أخرى في الشرق الأوسط الحصول على ترساناتها النووية الخاصة بها، وتشمل هذه الدول المرشحة لنشر الأسلحة النووية في أراضيها، مصر والمملكة العربية السعودية، وربما حتى تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، والتي لها في الواقع حدود مع إيران. ولا يمكن لأي بلد يطمح للوصول إلى القيادة الإقليمية، أن يكون آخر من يحصل على الأسلحة النووية.

لو استطاعت الولايات المتحدة قبل سنوات عدة، التهديد بفرض عقوبات مشلة وتقديم حوافز جدية، لتغير نهج طهران. ولكن للأسف، قد يكون الوقت الآن متأخرا جداً لكي يتم منع إيران من امتلاك أسلحة نووية. ولكن بالتأكيد لم يفت الوقت بعد من أجل بذل جهود متضافرة لاحتواء المخاطر التي يشكلها قيام إيران مسلحة نووياً ومنع جولة أخرى من الانتشار النووي الذي يمكن أن يجعل خطر الإرهاب النووي مخيفاً جداً.

وعلى وجه التحديد، ينبغي على الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي تعزيز قدرتهما الجماعية لحماية أراضي حلف الأطلسي وسكانه ومصالحه الإقليمية. وجنباً إلى جنب مع القدرات التقليدية لنظام "الدفاع الصاروخي المتكيف على مراحل"، لا يزال لدى قوات حلف شمال الأطلسي النووية نوع من الإسهام الذي يمكنها أن تقدمه: أولاً عن طريق ردع قادة إيران من استغلال أسلحتهم النووية، وثانياً بواسطة طمأنة الشركاء الذين قد يسعون بطريقة أخرى للحصول على الأسلحة النووية الخاصة بهم.

إلى ذلك، ينبغي على الولايات المتحدة الاستمرار في محاولاتها عدم تشجيع انتشار التكنولوجيات الحساسة التي يمكن استخدامها لصنع أسلحة نووية، ويجب عليها أيضاً أن تعزز قدرتها على الكشف والتحقيق في الأنشطة النووية السرية.

وأخيراً، ينبغي على واشنطن أن تكثف الجهود الدولية لمنع الاتجار غير المشروع بالمواد النووية، لا سيما بين الدول التي تقع على الطرق البحرية التي تستخدمها كوريا الشمالية، مثل الصين واندونيسيا وماليزيا".

جورج بيركوفيتش

إذا كان "الأمن النووي" يعني أمن المواد النووية، فعندئذ ستكون التوقعات إيجابية نسبياً، فمن بين جميع المعضلات الكبرى في العالم، هذه هي إحدى المشاكل التي يمكن إدارتها بصورة أنجع. إن عدد المواقع التي توجد فيها مثل هذه المواد هو محدود، وتأمينها ليس معقداً.

أما إذا كان "الأمن النووي" يعني فهماً أوسع للأمن، بحيث يحفز الدول على السعي للحصول على الأسلحة النووية، فإن الوضع ليس واعداً كما هو الحال في موضوع أمن المواد النووية. وبالنسبة لإيران، كانت سنوات الثمانينات من القرن الماضي فترة غير آمنة للغاية، حيث وفرت الحرب بين إيران والعراق الدافع الأولي لجهود إيران السرية لتخصيب اليورانيوم والمضي قدماً نحو إنتاج أسلحة نووية.

وعلى الرغم من أن العديد من بلدان العالم تشعر بالقلق من إيران، فإن مؤتمر استعراض "معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية" الذي سيعقد الشهر المقبل سيوضح لواشنطن أن هناك عناصر أخرى من الأمن النووي المدرجة على جدول أعمال المجتمع الدولي. وفي الوقت الذي يجتمع فيه ممثلون من نحو 190 بلداً لمدة شهر في نيويورك لمناقشة القضايا النووية، ستكون هناك على الأرجح إشارات ومراجع يومية حول وضع "إسرائيل" النووي، وما الذي تقوم به الولايات المتحدة لمعالجته.

ولكن قد تكون واشنطن خلال هذا المؤتمر في وضع أفضل مما كانت عليه في الماضي. فالشوق الكبير الذي يحظى به الرئيس أوباما على نطاق دولي سيعمل لمصلحة الإدارة الأمريكية. وبالإضافة إلى ذلك، سيكون أوباما قد قام باتخاذ عدد من الخطوات قبل انعقاد مؤتمر "معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية"، والتي ستؤكد رغبة الولايات المتحدة في الحد من الأسلحة النووية ودورها في السياسة الخارجية، مثل التوقيع على تجديد "معاهدة خفض الأسلحة الاستراتيجية" ("ستارت") مع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف، والمشاركة في "مؤتمر القمة للأمن النووي".

وعلى الرغم من أنه ربما يكون قد فات الأوان لمنع إيران من إتقان تكنولوجية تخصيب اليورانيوم، لا يزال المجتمع الدولي قادراً على حمل النظام على التخلي عن التسليح النووي. إن هذا القرار، ومجموعة من الأنشطة اللازمة لصنع الأسلحة النووية تشكل في الواقع خطاً متميزاً؛ وهذه حقيقة لم تغب عن بال طهران. فقادة النظام الإيراني يعرفون أن عبور هذا الخط سيكون خطيراً جداً، وأنهم ربما لم يتخذوا بعد قراراً واضحاً حول ما إذا كانوا يرغبون في القيام بذلك".

سايمون هندرسون

"يعتقد العديد من المراقبين بأنه إذا أصبحت إيران دولة مسلحة نووياً، فإن المملكة العربية السعودية ستطلب من باكستان نوعا من المظلة النووية. إن الفكرة الأكثر ذكراً هي أن إسلام أباد ستقوم بنشر صواريخ نووية في السعودية كوسيلة لردع التهديدات الإيرانية. ويبدو أن مثل هذا الترتيب ليس من شأنه أن يخرق الاتفاقات الدولية، ما دامت الأسلحة النووية تحت السيطرة الباكستانية. إن هذا السيناريو هو محض تكهنات في الوقت الراهن، على الأقل وفقاً للأدلة المتاحة علناً. وفي الواقع، إنه جابه مجموعة من التصريحات التي نفت قيامه. ولكن من الواضح أن هناك علاقة دبلوماسية وثيقة قائمة بين البلدين.

وعلى الرغم من أن العقوبات الاقتصادية والمالية قد تؤخر امتلاك إيران لأسلحة نووية، فإنها لن تغير بالضرورة سلوك طهران. فقادة نظام الجمهورية الإسلامية يسعون للوصول إلى تسليح نووي لأنهم يعتقدون أنه سيضمن أمن إيران في حين يوفر لهم هيبة محلية لأنهم نجحوا في تحويل إيران إلى قوة نووية. وربما يشاطرون أيضاً رأي كوريا الشمالية حول الأسلحة النووية، ويرون فيها وسيلة لردع "البلطجة" الدولية، وخصوصاً من جانب الولايات المتحدة. ولذلك، فإن زيادة الضغوط الأمريكية ستعرض للخطر تعزيز عزم النظام على إنتاج أسلحة نووية.

وبصرف النظر عن الموضوع الإيراني، فإن منع انتشار التكنولوجيا النووية والدراية لصنع سلاح نووي سيكون هو الصداع الدائم. فعلى سبيل المثال، كيف ستؤثر محطات الطاقة النووية، التي تعتزم دولة الإمارات العربية المتحدة إقامتها، على الانتشار الإقليمي؟ فليس لدى "الإمارات" ما يكفي من المواطنين من ذوي المهارات التقنية ذات الصلة للعمل في هذه المنشآت؛ والسؤال هو من أين ستُجنِّد تلك البلاد مثل هؤلاء الموظفين؟ فلدى باكستان، على سبيل المثال، طاقم يعمل في منشآتها النووية يُقدّر عدده بأكثر من 10 آلاف شخص. وحتى لو واصلت الإمارات تخليها عن امتلاك الأسلحة النووية والتكنولوجيات اللازمة لإنتاج البلوتونيوم واليورانيوم العالي التخصيب، لا يزال، للأسف، باستطاعة الفنيين الباكستانيين العاملين هناك رعاية عملية تخصيب إقليمية، تضمن توفير المعرفة والمهارات النووية". 

Script executed in 0.20317006111145