أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

بين معراب وحارة حريك... حمام زاجل

الثلاثاء 13 نيسان , 2010 03:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 3,201 زائر

بين معراب وحارة حريك... حمام زاجل

 بدأت هذه الأفكار تجتاح عقول مسؤولي القوات اللبنانية، الذين يحاولون فهم ما يحدث من حولهم من تغيّرات و«انقلابات».

لا يأت هذا العرض بأي فكرة جديدة على الصورة السياسية، إلا أنّ الجديد هو حديث أحد المسؤولين المقرّبين من رئيس الهيئة التنفيذية في القوات، سمير جعجع، عن حركة ما بين معراب وحارة حريك. يقول إنّ العلاقة غير موجودة، لكن السعي لإيجادها ممكن ومطلوب ما دامت القوات وحزب الله حزبين لبنانيين عليهما التعايش في مناطق وظروف عديدة. ويؤكد أنّ هذا السعي إلى إيجاد التواصل يعود أشهراً إلى الوراء، قبل أي حديث عن ضغوط أو ممارسات موجّهة سياسياً تجاه القواتيين.

يعكس هذا الموقف وجود نيّة قواتية صريحة للتحاور مع حزب الله، ولو أنها بعيدة عن الإعلام. إلّا أنّ هذه النيّة غير العلنية تتعارض مع المواقف المعرابية المتفجّرة بشأن سلاح المقاومة والخطاب غير المرن المتعلّق بسوريا، وهو ما يثير استغراب أحد المقرّبين من حزب الله بشأن «سكيزورينيا» قواتية.

يباشر المطّلع على أحوال الحزب وصلاته السياسية حديثه بالتشديد على أنّ حارة حريك لا تعلّق الكثير من الأمل على تبدّل جعجع. في الوقت نفسه، يؤكد أنّ عدداً من الصحافيين نقلوا رسائل قواتية إلى مسؤولين في الحزب، تسأل عن سبب شطب التواصل من قاموس الطرفين. تكرّر هذا السؤال دون أن يقدّم حزب الله أي جواب للوسطاء. فلا يزال هذا الحمام الزاجل «لاطياً» بالقرب من حارة حريك في انتظار تزويده برسالة الردّ، إيجابية كانت أو سلبية، على اعتبار أنّ الصمت المستمر يعبّر عن احتقار وفوقية وعدم اكتراث.

يسأل المطّلع على أجواء الحزب بدوره عن الدوافع التي يمكن أن تسمح لقيام هذه العلاقة، ويجيب: «لا شيء». وفي قراءة الحزب التي قدّمها عن أداء القوات منذ إطلاق سراح «الحكيم» حتى اليوم، يشدد على أنّ معراب لم تقم بأي خطوة «إيجابية» تجعلها مقبولة في حارة حريك وعند جمهور هذه «الحارة».

الموقف من سلاح حزب الله لم يتطوّر ولم يعدّل رغم هدوء الأزمة، والتصريحات القواتيّة المتلاحقة في شأن هذا الملف تؤكد أنّ معراب لم تستجب للتسوية الداخلية ولم تتراجع عن أحد البنود «الأكثرية» المشعلة للفتيل الداخلي. وفي موضوع العلاقة مع سوريا، بحسب المطّلع نفسه، لم تقم القوات بأي خطوة إيجابية تساند عودة العلاقات بين البلدين، «بل إنّ المواقف أكثر حدّة، وهو ما ظهر من الاحتفال القواتي الأخير في البيال».

يستند المتحدث إلى الحديث القواتي عن «التطرّف المسيحي» المتواصل في الجلسات والنقاشات الداخلية، معتبراً أنّ القواتيين أخذوا خيار الاستمرار بهذا الموقع المتطرّف، لكون خصمهم المسيحي الأول أخذ موقع الانفتاح. وعند الإشارة إلى تبدّل موقف جعجع من القضية الفلسطينية، يجيب المطّلع على أجواء حزب الله: «لِمَ لا ما دامت هذه القضية لم تعد على تماس مع جعجع. وما الذي يمنعه من الجلوس إلى أبو مازن، وهل هذا الموقع يعني أنه عدّل أفكاره تجاه تحرير فلسطين؟».

هذه الملاحظات وغيرها يسجّلها مسؤولو الحزب في نقاشاتهم الداخلية، إلا أنها لم تمنعهم من التواصل المباشر مع حزب الكتائب الذي يمتلك المقاربات القواتية نفسها من هذه الملفات. يؤكد المطّلع أنّ حزب الله يرى إلى الأول كحزب محصور في منطقة معيّنة، المتن، ويسعى إلى استمرار وجود نفوذ عائلة معيّنة. بينما القوات «طرف يعمل في الأمن والسياسية، وله تحالفاته الخارجية».

ولا يغيب عن هذه القراءة موقع الكنيسة المارونية. ويشير المطّلع إلى أنّ قيادة الحزب اتّخذت قراراً بعدم فتح أي سجال مع هذه الأطراف الثلاثة، ولا سيما القوات، إذ يجعل السجال القوات تظن كما لو أنّ في استطاعتها الوقوف في وجه الحزب.

يستفيض الحديث عن القوات: «تعيش على النقيض»، أي أنها تنتظر صدور مواقف لتبني على أساسها مواقف مضادة، وبالتالي تفتح السجال الذي تشتهيه للاستمرار بمحاولاتها جذب المسيحيين وتقوية موقعها في المعادلة الداخلية.

من المتوقع أن يحمل الحمام هذه العناوين إلى معراب، إذا شاء حزب الله الردّ على الرسائل القواتية، مع العلم بأنّ الرد سيصاغ بلهجة أقسى، نافياً أي إمكانيّة لقيام هذه العلاقة.

Script executed in 0.19286894798279