أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

ترداد الأكاذيب وعدم تصديقها

الأربعاء 14 نيسان , 2010 04:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,699 زائر

ترداد الأكاذيب وعدم تصديقها

ورغم أن التجمّعات المدنية والأهلية اللبنانية تتحدث بخطب متشابهة، فإنّ الشارع الذي يردّد في العلن ما تتحدث به هذه الأقلية المجتمعية، ينفرز دائماً وفي لحظات ضمن معسكراته الشديدة التباين حدّ التناحر، إنه الشارع الذي يلتهب في الدفاع عن انقساماته المذهبية والطائفية ودوره في الدولة والسلطة والمال والنظام، ويردّد مقولات التفوق والأفضلية لكلّ فئة على الأخرى، وسعي كل جهة إلى التغلب على الأخرى بغضّ النظر عن الكلفة البشرية الممكنة.
وفي احتفال اللبناني بنفسه جملة من الأكاذيب التي يردّدها، وهي مفردات خطابية يومية، تخفي النيات الدمويّة الداخلية بين الأطراف المجتمعية المتناحرة، أو الواقفة دائماً على أهبة نحر بعضها لبعض.

قوى المجتمع المدني: هي النخبة من أبناء الجمعيات الباقية على إخلاصها للاسترزاق من مشروعات هامشية تموّلها عادةً الجهات الخارجية التي تتحوّل إلى وسيلة لتوظيف طاقات لا مكان لها في السياق اللبناني العام، وهي تمثّل تقريباً نفسها ومجموعة الموظفين في الجمعيات الأهلية.

اللاجئون اللبنانيون والعملاء: هم مجموعة ممّن تعاملوا مع العدو وقاتلوا لمصلحته، وهم متكوّنون من طوائف لبنانية عدّة، ولكن كون المشروع الأول للتعاون مع العدو أتى ابناً شرعياً للمارونية السياسية لا يزال بعض الأقطاب المسيحيين يحافظون على دورهم في الدفاع عن العملاء، وهم ببساطة مرتزقة وجواسيس وبنادق للإيجار لم يعد لها مكان.

الدفاع عن الأرض: هو الدفاع عن الحيّز الجغرافي للطائفة، بوجه أيّ تمدّد من طوائف أخرى، حتى لو كانت زيارة أو نزهة أو حفلة شواء في الهواء الطلق. وهو مشروع هنا بغضّ النظر عن امتلاك السلاح، وهو هنا غير الدفاع عن الوطن، الذي يفترض أن يتركه المواطنون للجيش، وإلّا فسيعقّدون الأمور ويُدخلون البلاد في نزاعات أهلية لا تنتهي. فأيّ دفاع على مستوى وطني هو أمر يدخل البلاد في التوتر المذهبي، وأيّ دفاع عن الحيّز الجغرافي للطائفة بوجه عناصر من طوائف أخرى، هو أمر مشروع ومطلوب ولو اقتضى الأمر استخدام راجمات الصواريخ.

التخلي عن خطاب الحرب: بعد ثلاثة عقود ونصف عقد لا يزال ترداد التعبير شائعاً، مع ضرورة التمييز بين تذكير الناس بأهوال الحرب التي نفّذها من يمسكون بالسلطة حالياً، وتأكيد جهات لبنانية أنّها إذا ما تكرّرت الأحداث فستقف في الموقف نفسه وتتعاون مع الشيطان للدفاع عن نفسها (بصفتها مجموعات عرقية إثنية أو مذهبية)، وهنا يأتي الاعتذار الفلسطيني من اللبنانيين ومن حزب الكتائب خاصةً بمثابة استكمال لهذه اللوحة الموزاييك، حيث تقدّم الضحية اعتذارها من الجلّاد لمقاومته أثناء الذبح، أمّا وقد جرت عملية الذبح، وتجري كل يوم في وضع اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات فإنّ الجلّاد يبدي استعداده لسماع الاعتذار وتأجيل قبوله. أمّا الإسرائيليّون وفق هذه الخريطة، فليس مطلوباً منهم الاعتذار من اللبنانيّين، بل الهدوء فحسب، والهدوء هنا مطلوب من اللبنانيّين الذين لا يزالون يشاغبون بوجه إسرائيل ويعرّضون السلم في لبنان والمنطقة للخطر.

المربّعات الأمنية: هي المناطق التي تشغلها الشخصيات والأحزاب في لبنان، والمقصود بها تحديداً منطقة المقارّ السابقة لحزب الله، أي مربّع حارة حريك، لكن ولضرورات التوازن الطائفي فإنها تأتي بصيغة الجمع، فتصبح مربّعات مع انتشار ظاهرة إغلاق الشوارع بعد ثورة الأرز، والمدهش أن رئيساً سابقاً للجمهورية يتحدث عن المربّعات الأمنية الخارجة عن سلطة الدولة وخطورتها من مربّع أمنيّ تابع للسفارة الفرنسية، ليس فقط ناسياً المربع الأمني الضخم للسفارة الأميركية، بل ناسياً أين يقف.

الوحدة الوطنية: هي حفظ التوازن المذهبي، والتوازنات الطائفية، ومسافات مناسبة للفصل بين الأطراف المتنازعة، وهنا يأتي دور طاولة الحوار بصفتها المكان الأفضل لتنظيم الاختلافات، وإيصالها إلى لا مكان.

عروبة لبنان: إذا كان كميل شمعون (الجد) هو فتى العروبة الأغرّ، فلا عجب أن نسمع من ورثته السياسيين تأكيدات على عروبة البلاد.

أخذ العبر من 13 نيسان: ليست هي آخر الأكاذيب، ولكنها إحدى أكبرها ولا شك، وإن كانت منظّمات المجتمع المدني الهامشية تعيد تأكيد هذه الكذبة لنفسها، فإنّ من يردّدها من القادة السياسيّين يعلم أنّ عليه مع كل مرة أن يشحذ السكين جيداً، فعودة حواجز الذبح الطائفي قد تأتي في أية لحظة ولا تكون هذه القوى على أكمل استعداد، وهو ما حصل في السابع من أيار.

Script executed in 0.23576211929321