أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

3 أسباب رياضيّة تؤكّد: 13 نيسان باقية باقية باقية

الخميس 15 نيسان , 2010 05:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,817 زائر

3 أسباب رياضيّة تؤكّد: 13 نيسان باقية باقية باقية

لا بل يمكن القول إن مشهد المدينة الرياضية (أو هي مدينة كميل شمعون، في إشكالية هي مكوّن آخر من مكوّنات استمرار 13 نيسان) جاء ليؤكد أن الفارق كبير جداً بين أن تسكت المدافع، وأن يكون سلام.

ثلاث ملاحظات أساسية، تقفز من الملعب الأخضر إلى تواصليّة الذاكرة السوداء. أولها، غياب «الجمهور» عن الحدث. السبب الرسمي المُعطى: الاعتبارات الأمنية، بما يعني أن دولة السلام «الكانطي» (نسبة إلى الفيلسوف إيمانويل كانط) لا تزال عاجزة عن حماية مسؤوليها، حتى ولو كانوا كلهم في «فريق واحد». غير أن سبباً آخر غير معلن، يتراءى للمراقب: «الجمهور» ممنوع من المشاركة، ولو حضوراً، كي لا تتحوّل 13 نيسان 2010، عودة سريعة في الزمن إلى 13 نيسان 1975. أصلاً مَن يصدّق أن ثمّة «جمهوراً واحداً» لذاك «الفريق»؟

ومَن لا يعرف ويعترف أن لهؤلاء اللاعبين عدداً من «الجماهير» يفوق عددهم على الملعب. ذلك أن لكل واحد منهم أكثر من جمهور، بحسب القاعدة الراهنة للتذرُّر السياسي والطائفي والمذهبي. «الجمهور» ممنوع، كي لا نكتشف، ويكتشف اللاعبون، أنهم لا يلزمون «جماهيرهم»، ولا تلتزم بهم. وفي الرياضة، تتنفّس مكبوتات السياسة، فلا يقدر على ضبطها إعلام رسمي، ولا أبواق آخر الشهر.

تماماً كما صار بين مصر والجزائر، أو كما شهدت «حرب الكرة» في الستينيات بين الهندوراس والسلفادور، أو كما تنتفض روح كاتالونيا مع ركلات «البرشا»، أو كي لا نذهب بعيداً، كما حصل مع المنتخب السوري على أرض المدينة الرياضية نفسها، في زمن «المسار والمصير»، أو كما كانت تتفجّر «الروح الرياضية» بين الحكمة والرياضي...

«الجمهور» ممنوع، لأن الحقيقة الكاملة بشأن نوازع الحرب والسلم تكمن في صدره، لا في فيديو كليب، ولا في مباراة «وديّة» حتى الاصطناع، فيما «الجمهور» نفسه محظور حتى في مباراة رياضية حقيقية.

تصوّروا لو أن جمهور سامي الجميّل كان حاضراً، كتفاً إلى كتف مع جمهور قاسم هاشم، حين سجل الكتائبي هدفين في مرمى البعثي... أما كان الجمهوران مستعدين لتحويل «السبت الأسود» ذكرى حلم وردي، مقارنة بثلاثاء الأحمر والأبيض؟

ملاحظة ثانية تقفز من الملعب، لترسم الصورة القاتمة: هل رأيتم مجموع اللاعبين: لنتكلم بصراحة، كأن أحداً لا يسمعنا: مَن منهم تأتمنونه، ولو على كرة من مطاط؟ أو، لنعد صياغة الإشكالية بلغة السياسة: مَن منهم يملك مشروعية وجوده على أرض ذلك «الملعب»؟ مَن منهم وصل إلى «الملعب» باستحقاق عمله، في إطار ديموقراطي صحيح سويّ وسليم؟ مَن منهم ليس صنيعة آخر ما، إمّا أن يكون «الصانع» زعيمه، وإمّا أن يكون الدولة الراعية للزعيم...

ما هي العلاقة بين تلك الملاحظة ورجاء السلام عندنا؟ إنها بكل بساطة معادلة مايكل دوبل الشهيرة بأن وحدها الديموقراطيات لا تتقاتل. والقاعدة المذكورة، إذا كانت تصحّ على واقع لبنان في محيطه، فهي تصحّ أيضاً وقبلاً، على واقعه في داخله. فصحيح أن سلام لبنان مرتبط بدولة الاستقلال في فلسطين، ودولة المعاصرة والحداثة في سوريا، لكنه بالصحة نفسها، مرتبط بدولة الديموقراطية الداخلية، حيث لا يأتي «لاعب» من إخراج قيده العائلي، ولا من دفاتر الشيكات، ولا من أوراق اعتماد التدخلات الدولية... تحت طائلة أن يكون «الفريق الواحد» أفرقاء من ورق...

وحدها الديموقراطيات لا تتقاتل. أمّا القبليات والعشائريات والإقطاعيات والعائليات... فلا يمكن أن تنتج سلاماً، حتى ولو لعبت الغولف، فكيف إذا كبَّرت «طابتها» وتعاملت بالأقدام ركلاً؟!

تبقى الملاحظة الأخيرة، بمعزل عن تشقّقات الجمهور المحظور، خوفاً من زلزال، وبمعزل عن مقدار مشروعية «انتخاب» اللاعبين، هل أقنعكم الأداء؟

يروى أن دبلوماسياً سأل نائباً مارونياً عتيقاً منتصف التسعينيات، وهو من عائلة عريقة، عن سبب استنقاع البلاد في ما هي عليه. فأجابه النائب الطريف: يمكنك أن تستنتج من أحوال طائفتنا، فمؤسسها الأول كان قديساً. اليوم لدينا غبطته. وأول رئيس أوصلته إلى السدّة، كانت مؤلفاته أعلى من قامته، فيما اليوم، لدينا فخامته. وأول زعيم لعائلتنا، كانت تُنسج حوله الأساطير، لحكمته وعلمه وشجاعته، أما اليوم فليس لدينا إلا... محسوبك.

Script executed in 0.20604300498962