أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

كيف أُجهض التعديل الحكومي والتأجيل البلدي؟

السبت 17 نيسان , 2010 05:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 3,059 زائر

كيف أُجهض التعديل الحكومي والتأجيل البلدي؟

أبرز ما تفيد به المعلومات المتقاطعة والمتطابقة من أوساط هؤلاء، أن الحكومة الأولى للحريري الثاني، نجت من قطوع كبير في الأيام الأخيرة، فيما يعتقد بعض أصحاب المعلومات نفسها، أنها دخلت فعلاً في نفق قطوع أكبر.

في التفاصيل، تشير المعلومات إلى أنه حتى ما قبل أسبوعين فقط، كان هناك توافق على السير بالاستحقاق البلدي إلى التأجيل. وكانت مدة التأجيل المقترح محددة بأشهر قليلة، بحيث ترجأ الانتخابات إلى أيلول المقبل. وتتابع المعلومات أن هذا التوافق الاستئخاري، كان مرتبطاً بمشروع إصلاح القانون الانتخابي بالطبع. لكن الأهم أن المسألة كانت متلازمة في الأساس مع مشروع تعديل حكومي واسع. وتكشف المعلومات المنقولة عن الأقطاب المعنيين، أن خريطة الطريق المقترحة، كانت تلحظ إقرار قانون في المجلس النيابي بالتمديد للبلديات الراهنة، يليه اتفاق بين رئيسي الجمهورية والحكومة على إصدار مرسوم بالتعديل الحكومي المطلوب.

على أن تسبقه خطوة استقالة بعض الوزراء، بعدد يقلّ عن ثلث الحكومة طبعاً. ثم تملأ الشواغر وسط توافق وطني عام على الخطوة.

وبحسب المعلومات نفسها، فإن المطلوب من تلك المسألة كان تكييف موازين مجلس الوزراء، مع موازين الأكثرية والأقلية النيابيتين المستجدة، إضافة إلى «تحسين نسل» بعض ممثلي قوى أساسية، بعدما اكتشف أحدهم خطأ اختيار «موظفين» للتزامل مع سياسيين مجرّبين، فيما اكتشف آخر سلسلة من الهفوات الصادمة له، جراء أداء أحد ممثّليه...

هكذا كان من المنتظر أن تشهد بداية الصيف ولادة الصيغة الحكومية الجديدة، لتشرف على الاستحقاق البلدي في أواخره.

فجأة، تبدّلت أجندة التطوّرات، لا بل تعثّرت وسقطت. وفيما تؤكّد المعلومات نفسها أنّ «طبخ» المشروع، كما «إحراقه»، ظلّا بمعزل عن أيّ تأثير «خارجي»، أشارت إلى أن مسؤولين اثنين من المراجع الأساسية في الدولة، هما مَن تمكّن في اللحظة الأخيرة من ترجيح الخيار الآخر: انتخابات في موعدها، وحكومة على حالها، فيما ظلّ المسؤول الثالث، والأكثر عناية بالقضية، في موقع أقرب إلى عدم اتخاذ موقف واضح من المشروع.

وتجزم المعلومات نفسها بأن الشرارة التي كانت مقررة لإطلاق المسار التعديلي، كانت منتظرة من وليد جنبلاط، وهي كانت معدّة وجاهزة ومكتوبة في بيان منجز، قبل أن تتوالى الاتصالات المكثّفة لتغيير ما كان مقرراً. وهو ما حصل، عقب زيارة جنبلاط إلى أحد المقارّ الرئاسية، يوم 7 نيسان الجاري، ليخرج منه عازماً على المضيّ في المشروع. وهو ما ترجمه فوراً بالاتصال بأحد وزرائه، والطلب إليه عدم توزيع البيان المطلوب، الذي كان قد بات معدّاً للنشر.

طويت الفكرة كلياً في الوقت الراهن، وقفزت إلى الواجهة أولوية انهماك كل الأطراف بورشتهم البلدية. غير أن أصحاب المعلومات نفسها، يذكّرون بسياق مماثل حصل قبل نحو عشرين عاماً. كان ذلك أواخر عام 1991. وكانت حكومة الطائف الثانية، برئاسة عمر كرامي، لم تكمل سنتها الأولى، حين ولد مشروع لتعديلها. وفيما كان المشروع المذكور يبلور أسبابه الموجبة، بين عملية مدريد وعمليات «السلم الأهلي»، انبرى رئيس المجلس النيابي يومها حسين الحسيني، والرئيس عمر كرامي، إلى مواجهة الفكرة، ولم يلبثا أن نجحا في إسقاطها.

وفيما اعتقد الاثنان أنهما اجتازا قطوعاً كبيراً معدّاً لاستهدافهما، اكتشفا بعد أشهر قليلة، أنّهما دخلا فعلاً في ذلك الامتحان، إذ لم تلبث أن ولدت فكرة بديلة من التعديل الحكومي، ألا وهي «التغيير النيابي».

فجأة، أنهى المجلس ولايته الممدّدة، وبدأت عملية التحضير لمجلس جديد، لم تلبث أن أسقطت كرامي في 6 أيار 1992، ومن بعده الحسيني في 20 تشرين الأول من العام نفسه.

كثيرةٌ هي المعطيات التي تبدّلت بين الحقبتين، وإن كان بعض الأسماء لا يزال هو ذاته، لكن الأساس هو أن ثمة سياقات عامة لا تتغيَّر، في الجغرافيا السياسية لأيّ بلد، والسيكولوجيا والديموغرافيا لأيّ شعب.

Script executed in 0.19200110435486