أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

مصر وإسرائيل: «حلف بارد»

السبت 17 نيسان , 2010 06:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,844 زائر

مصر وإسرائيل: «حلف بارد»

وعلى الرغم من ذلك واجهت مصر توترات سياسية بعد انفجار الانتفاضة الثانية في فلسطين التي واجهتها الحكومة المصرية بسياسة ذات وجهين: تأييد لفظي وإعلامي للانتفاضة، وإبقاء العلاقات عادية مع إسرائيل. وقد وصف شالوم كوهين سفير إسرائيل في مصر في ذلك الوقت العلاقة بأنها «مجمدة في الواقع» لكن المؤرخ الإسرائيلي مايكل أورن يعارضه الرأي ويصف تلك العلاقات بأنها «أفضل من أي يوم مضى» على الرغم من حرب تموز في لبنان عام 2006 والحرب التدميرية على غزة في شتاء 2009.

لقد تابع مبارك جهوده في تحسين العلاقات مع إسرائيل منذ عام 2005 على الرغم من الضغوط الأميركية لإدخال الديموقراطية إلى الحياة السياسية في مصر. وكان ذلك التعاون سياسياً واقتصاديـاً ودبلوماســياً ومخابراتياً، استطاع تجاوز الأزمات الفلسطينية الواحدة تــلو الأخرى. هذا على صعيد الحكم، أما حركات المعارضة وعلى رأسها حركة «كفاية» فقد نظمت في عام 2005 حملة لإلغاء معاهدة كمب ديفيد وجمعت مـئة ألف توقيع، وكانت تتوقع أن ترتفع أعداد الموقعين إلى أكثر من مليون. لكن الحــملة توقفت فجأة ولم تتابع.

في تقييم حديث لإنجازات معاهدة كمب دايفيد يعتبر السيناتور الديموقراطي جيري اكرمان أن تلك المعاهدة هي صمام أمان للاستقرار وتحقيق التنمية الاقتصادية للطرفين المباشرين ونقطة تحول إيجابية للمنطقة ككل، معدداً إيجابيات هذا الانجاز الأميركي في منع نشوب حروب نظامية بين الدول العربية وإسرائيل، فقد أحدثت معاهدة السلام بين مصــر وإسرائيـل تحولات في توجهات دول المنطقة عامة، بمعنى أن الاتفاقية مثـلت نقطـة جذب للدول العربية الأخرى بحيث حل منهج اتفاقيات السلام مع إسرائيل محل منهج استمرار الحرب والمقاومة. وبالنسبة للولايات المتحدة فإن كمب دايفيد أرست قواعد الدور الأميركي الشريك في أي اتفاقية سلام عربية إسرائيلية بعد ذلك. ويؤكد السيناتور اكرمات أيضا أن مصالح الولايات المتحدة ومصر وإسرائيل تحتاج إلى ضمان استمرار هذه الاتفاقية واستقرارها، فهذه العلاقة هي مفتاح سلام المنطقة كلها وان مسؤولية الولايات المتحدة هي ضمان هذا السلام المصري ـ الإسرائيلي.

أما ديفيد كورتزر السفير الأميركي السابق في القاهرة فيرى أن هناك ثقة ما بين الجانبين المصري والإسرائيلي على المستوى العسكري، بالرغم من وجود بعض المشاحنات بين الجانبين لترسيم الحدود. إلا أن المعاهدة لم تكن محل تراجع أحد الطرفين طيلة هذه الفترة، كما جعل حماية الحدود لا تحتاج لوجود عدد كبير من القوات المتعددة الجنسيات والمراقبين. وهو ما ضمن حداً أدنى لتطبيق الاتفاقية واستقرارها على المدى البعيد. ومن ناحية أخرى أصبحت كمب دايفيد نموذجاً في إبرام أي اتفاق مستقبلي مع اسرائيل.

ويقول دايفيد ماكوفيسكي (رئيس برنامج عمليات السلام في الشرق الأوسط في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى) انه بعد 30 عاما من إبرام الاتفاقية وانتفاء ظاهرة الحروب النظامية من الصراع العربي ـ الإسرائيلي فإن العلاقة المصرية الاسرائيلية ما زالت تعاني من حالة «سلام بارد» في إشارة إلى عدم تحلي مصر بما أطلق عليه «روح التطبيع».

ويقول الخبراء الأميركيون إن غياب الأداة الدبلوماسية، أدى إلى تجاهل مصر وإسرائيل والولايات المتحدة قضـايا ذات أبعاد سياسية وأمنية واقتصادية تواجه استقرار المعاهدة، لذا يحتاج الفريقـان إلى مساعدة أميركية لتطوير القدرة الثنائية لمصر وإسرائيل على مواجهــة هذه القـضايا والتعاطي معها، مما يجعل مساحة الاتفاق أكبر. فعـلى المستوى الســياسي هـناك رؤية مشتركة للطرفين تجاه الدعــم الايراني لحماس وحزب الله في لبنان ومعارضتها لبرنامجها النــووي. إلا ان الطرفين لم يكوّنا حــتى الآن رؤية مشتركة للتعامل مع هذه المخاوف.

وهو ما يعني افتقادهما آلية الحوار الاستراتيجي، ومثال على ذلك قلة عدد الزيارات بين كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين.

على المستوى الأمني يشير ماكوفيسكي (المشار إليه سابقاً) الى قضية أنفاق تهريب الأسلحة من سيناء المصرية إلى داخل غزة لمصلحة حركة حماس. وهو يلقي على الجانب المصري المسؤولية في التصدي لهذا التهريب. وقد ازداد الأمر تعقيداً بعد صعود حماس إلى سدة الحكم في غزة (حسم هذا الأمر بإقامة مصر الجدار الفولاذي تلبية لرغبة أميركا وإسرائيل).

منذ العام الماضي والأجواء في مصر تذكر كثيراً بالمناخ الذي كان سائداً منذ عقود عندما وقع الرئيس أنور السادات معاهدة كمب دايفيد مع اسرائيل في 26 آذار 1979. وعلى الرغم الجدل الذي أثارته والتحولات الاقليمية الخطيرة التي أثارتها، لم تكن أشباح معاهدة السلام المصرية ـ الاسرائيلية حاضرة طوال العقود الثلاثة الماضية مثلما هي حاضرة اليوم. وقد أحدثت المعاهدة تحولاً جوهرياً في نظرية الأمن الوطني المصري. 

Script executed in 0.19428682327271