أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

الى اين تتجه بوصلة التحالفات السياسية العراقية ؟

السبت 17 نيسان , 2010 09:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 3,219 زائر

الى اين تتجه بوصلة التحالفات السياسية العراقية ؟

وتؤكد مصادر مطلعة قريبة من اجواء المباحثات بين الائتلافين ان المفاوضات شارفت على نهايتها وان الايام القليلة المقبلة ستشهد الاعلان الرسمي عن توحد الائتلافين لتشكيل الكتلة البرلمانية الاكبر التي ستأخذ على عاتقها تأليف الحكومة المقبلة.

وتضيف المصادر ان اعلان ما اسمته بأندماج الائتلافين سيتم في مؤتمر عام بحضور قيادات بارزة من الطرفين وسيشهد توقيع وثيقة تتضمن البرنامج المتفق عليه والاسس التي سيصار الى اعتمادها في المرحلة المقبلة، والتي ستتيح تشكيل الكتلة البرلمانية الاكبر التي تأخذ على عاتقها تسمية المرشح لرئاسة الحكومة الجديدة.

اعضاء من كلا الائتلافين اكدوا ما ذهبت اليه المصادر، فالمتحدث الرسمي بأسم ائتلاف دولة القانون حاجم الحسني يقول "ان الاعلان عن التحالف مع الائتلاف الوطني العراقي سيكون قريبا لاسيما بعد ان قطع الجانبان اشواطا كبيرة في الحوار والتفاوض، وان الطرفين عاكفان على تحديد الخطوط العريضة لهذا التحالف والاسس والبرامج التي سينفذها عند تشكيل الحكومة المقبلة".

اما عضو الائتلاف الوطني العراقي عن حزب الفضيلة جعفر الموسوي فقد اشار الى "ان المحادثات بين الائتلاف الوطني العراقي وائتلاف دولة القانون وصلت الى اللمسات النهائية لاعلان تشكيل جبهة موحدة لتشكيل الحكومة".
وبنفس الاتجاه اكد القيادي في المجلس الاعلى الاسلامي العراقي حميد معله الساعدي "انه في الايام القليلة القادمة سيتم الاعلان عن التحالف بين الائتلافين لتكوين الكتلة الاكبر داخل مجلس النواب الجديد".

وقد كان مقررا الاعلان عن تحالف الائتلافين ظهر يوم الاربعاء الماضي في مؤتمر صحفي بفندق الرشيد داخل المنطقة الخضراء، ولكن يبدو ان بعض التحفظات بشأن نقاط معينة تسببت بأرجاء ذلك الاعلان.

والتحفظات بحسب التسريبات تمحورت حول اليات اختيار رئيس الوزراء، وكذلك حول الضمانات المطلوبة لالتزامه بما يتم الاتفاق عليه.

ولعل اطرافا في الائتلاف الوطني العراقي تتوجس من تكرار الممارسات والسياقات الخاطئة التي رافقت عمل الحكومة الحالية في مرحلة الاعوام الاربعة السابقة، اذا يشير احد قياديي التيار الصدري الى انه من دون وجود التزامات وضمانات قوية، واجراءات عملية للتصدي لاي اخلال او تنصل من الصعب جدا ان نصل الى اتفاق مع ائتلاف دولة القانون.

وقد تكون واحدة من العقد، هي مسألة اختيار رئيس الوزراء، فأئتلاف دولة القانون مازال يصر على تمسكه برئيس الوزراء الحالي نوري المالكي كمرشح وحيد له، رغم ان اسماء اخرى مطروحة للنقاش خلف الكواليس كبدلاء للماكي ، لاسيما وان القناعة باتت كبيرة بصعوبة او استحالة قبول المالكي منمختلف الفرقاء –او الشركاء-السياسيين، وتحديدا التيار الصدري الذي لايدع مناسبة او فرصة الا ووجه انتقادات حادة وصريحة للمالكي، وعلى سبيل المثال لا الحصر ما قاله زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر في الحوار الذي اجرته معه قناة الجزية القطرية الاسبوع الماضي من مقر اقامته في ايران.

والاسماء البديلة المطروحة في داخل اورقة وكواليس ائتلاف دولة القانون اما جزء منه او انها قريبة الى فلك دولة القانون وحزب الدعوة الاسلامية بالتحديد، مثل جعفر محمد باقر الصدر الذي حاز على المرتبة الثانية في قائمة مرشحي دولة القانونببغداد بعد المالكي، ورئيس الوزراء السابق ابراهيم الجعفري، الذي حقق المركز الاول في الاستفتاء الذي اجراه التيار الصدري لقواعده الجماهيرية لاختيار رئيس الوزراء المقبل.

لكن ما ينبغي الاشارة اليه هو انه في داخل ائتلاف دولة القانون هناك توجهاتمتقاطعة مع توجهات حزب الدعوة الاسلامية، فكتلة المستقلين التي حصلت على ستةعشر مقعدا تسعى الى ترشيح رئيسها وزير النفط الحالي حسين الشهرستاني لرئاسة الوزراء، وهو مايعكس وجود مواقف وتوجهات متضاربة بين مكونات القائمة القانون.
الى جانب ذلك فأن لدى الائتلاف الوطني العراقي مرشحيه للمنصب، مثل نائب رئيس الجمهورية الحالي الدكتور عادل عبد المهدي، وربما وزير المالية الحالي باقر جبر الزبيدي.

واذا كان امر التحالف بين الائتلاف الوطني العراقي وائتلاف دولة القانون بات محسوما، والمسألة مسألة وقت ليس الا، فأن ذلك لايعني في كل الاحوال ان خطوط ومعالم وملامح الخارطة السياسية للمرحلة المقبلة قد تبلورت وتوضحت، وتشخصت المسارات بالكامل، فهناك عقد ومصاعب واشكاليات كبيرة وكثيرة لابد من تجاوزها ومعالجتها، وحينذاك يمكن القول ان خطوط ومعالم وملامح الخارطة السياسية قد توضحت وتبلورت بالفعل.

فالقائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي، ترى انها الاحق بتشكيل الحكومة، بعد ان حصلت على المركز الاول في الانتخابات(91) مقعدا، وترى ان تفسير المحكمة الاتحادية العليا للكتلة الاكبر غير ملزم لها.

وهي في حال التحالف بين الائتلاف الوطني العراقي وائتلاف دولة القانون ستكون امام اكثر من خيار، اما مقاطعة العملية السياسية بالكامل ولعب دور المعارضة مثلما لوحت بذلك على لسان عدد من اعضائها، او الدخول والمشاركة في الحكومة التي سيكون زمام الامور فيها للتحالف الجديد بين الائتلافين، وعليها في هذه الحال القبول بالامر الواقع من جانب، ومن جانب اخر فرض شروط ومطاليب تتناسب مع حجمها وثقلها البرلماني، أي ان كل الخيارات مفتوحة امامها وفق ما قالت المتحدثة بأسم القائمة ميسون الدملوجي.

وبحسب القراءات الاولية فأن الخيار الثاني قد يكون هو الاقرب الى الواقع، ارتباطا بجملة امور من بينها، ان الائتلاف الوطني العراقي، وتحديدا المجلس الاعلى اعلن بوضوح وصراحة انه لن يشارك في حكومة تغيب عنها القائمة العراقية، وكذلك فأن الاكراد ومن باب الحفاظ على توازنات سياسية مفيدة لهم ربما يصرون هم ايضا على مشاركة العراقية، ومن بين تلك الامور كذلك، ان ثمة قناعة لدى اصحاب القرار في القائمة العراقية مثلما لدى غيرهم، بأن اتخاذ دور المعارضة واختيار البقاء خارج ميدان العملية السياسية بأطارها المتعلق بالجانب التنفيذي-الحكومي يفقد صاحب هذا الاختيار الحضور والتأثير المطلوبين مهما كان ثقله داخل قبة البرلمان، اضف الى ذلك فأن اطرافا عربية واقليمية ودولية قد لاتحبذ بقاء علاوي وقائمته خارج معادلات ادارة شوؤن الدولة العراقية في حال عدم حصوله على منصب رئاسة الوزراء.

ودخول العراقية، سيتطلب وقتا اطول للتوصل الى اتفاقات وتوافقات نهائية، ولكن هذا الخيار مع حصول التأخير افضل من خيار الاقصاء وحسم الامور سريعا، لان طبيعة الوضع العراقي يتطلب توسيع نطاق المشاركة السياسية الى اقصى حد ممكن، والاقصاء يمكن ان يفتح الباب واسعا لخيارات العنف والارهاب والمؤامرات السياسية وتجاذب المشاريع والاجندات الخارجية على الساحة العراقية. 

Script executed in 0.19340491294861