أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

جــدل الــحرب

السبت 08 أيلول , 2007 05:56 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,742 زائر

جــدل الــحرب
لم يكن وصول الطائرات الحربية الاسرائيلية الى أقصى الشمال الشرقي السوري، خطأ أو صدفة. ربما كان اكتشافها والتصدي لها من قبل الدفاعات السورية هو الذي فاجأ الاسرائيليين. كما كان الاعلان الرسمي السوري أكثر من مجرد تحذير من تكرار مثل هذا الخرق الاسرائيلي البعيد المدى لأجواء سوريا، والاهم من ذلك لأجواء التهدئة التي شاعت في الاسابيع القليلة الماضية بعد أشهر من المناورات والاستعدادات المتبادلة للحرب.
لكن الانتهاك الجوي الاسرائيلي المتعمد، والغادر حسب رد الفعل الرسمي السوري الفوري، لا يبدد فقط أجواء التهدئة، بل انه يشكل رفضا عمليا لجميع عروض التفاوض والسلام التي قدمتها سوريا منذ حرب الصيف الماضي على لبنان.. وآخرها العرض الذي حمله وزير الخارجية الاسبانية ميغيل انخيل موراتينوس وامتنع رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود أولمرت عن تلقيه، مثلما سبق له أن امتنع عن التجاوب مع الوساطة التركية التي قام بها وزير الخارجية التركية السابق ورئيس الدولة الحالي عبد الله غول.
يقال ان ما جرى ليل الاربعاء الخميس الماضي في الاجواء السورية يمكن أن يحرك هذه الوساطات من جديد، بناء على الافتراض الشائع بأن الدولتين لا تريدان الحرب، وبناء على الاقتناع الراسخ بأن مختلف دول العالم تود تفاديها ، وان كان بعضها يتمنى اندلاعها .. لكن «سوء الفهم» للنوايا المتبادلة الذي كان الاسرائيليون والسوريون يخشونه، قد حصل فعلا، ولم يعد بالامكان إعادة الامور الى الوراء، إلا اذا اتخذت احدى الدولتين خطوة دراماتيكية تحرج الاخرى، وتؤدي الى فتح باب التفاوض عنوة. وهو ما لا يبدو متوقعا؟
لكن القفز الى الاستنتاج ان الحرب صارت حتمية، ليس دقيقا. التوتر يتصاعد شيئا فشيئا. لكن بدائل المواجهة التقليدية الشاملة بين الجيشين السوري والاسرائيلي ما زالت متاحة ومتعددة. والحرص المتبادل على تجنبها ما زال شديدا، لأسباب لا علاقة لها بموازين القوى العسكرية أو بحسابات الدمار الواسع الذي يمكن أن يلحق بعمق الدولتين معا.. بل هي تتصل أساسا بالاعتبارات السياسية التي حالت دون اندلاع الحرب أكثر من مرة طوال السنوات الاربع الماضية، والتي لا تزال قائمة حتى الآن، وتستمد مصداقيتها من التجربة العراقية البائسة.
البحث في البدائل الممكنة لن يكون عملية صعبة. ما تنقله المصادر الدبلوماسية الغربية من اسرائيل واضح جدا. ثمة رغبة وربما ايضا خطة لتوجيه ضربة عسكرية أو أمنية الى سوريا، تستهدف إزالة الإحساس بالنصر الذي ساد في دمشق أكثر من بيروت في أعقاب حرب الصيف الماضي، وتؤدي الى تواضع الخطاب السياسي السوري.. أو تستدرج ردا سورياّ لا يخطر في البال؟

Script executed in 0.1882381439209