أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

335 طفلاً اسيراً في سجون الاحتلال الاسرائيلي

الجمعة 23 تشرين الثاني , 2007 06:56 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 845 زائر

335 طفلاً اسيراً في سجون الاحتلال الاسرائيلي

بعيداً عن الكاميرات ووسائل الإعلام التي نقلت التعذيب فى سجني غوانتنامو وابوغريب كان الطفل الفلسطيني( زياد حمايل ) الذي لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره, يرتجف خوفاً من صرخات المحقق الإسرائيلي الذي أمره بخلع ملابسه واختيار الطريقة التي يريدها للاغتصاب, من دون أن يرتفع صوت واحد في العالم ضد هذه الجريمة.
كان زياد وحيداً, لا ضمير إنساني, ولا حقوق إنسان، باستثناء أربعة جدران ذات لون داكن وغرفة مظلمة في معتقل عوفر وقهقهات الضابط المحقق وصرخاته لم ير زياد شيئاً ، وبقيت قضيته مخفية, مثل قضايا مئات الأطفال الفلسطينيين الذين يتذكرون معاناتهم عند عرض صور العراقيين ويتذكّر كل منهم معاناته الشبيهة وربما أكثر قساوة, شهرين مرّا على الطفل زياد, وما زالت صرخات الضابط ترافقه ليل نهار ، وتردد فى أذنيه .
صرخ ذلك الضابط المحقق, لكن زياد لم يستوعب ما يدور حوله، بكى, توسل, لكن شيئاً لم يجده نفعاً.
"قال الضابط أترى هذه العصا الطويلة، تمعن بها جيداً ثم قرر بأية طريقة تريد أن اغتصبك, بالطريقة العادية أم بهذه العصا".. صرخ الجندي وراح يقهقه، فما كان من زياد إلا أن انهار أرضاً ولم يعد يدري ما يجرى من حوله ، يتذكر ان الضربات واللكمات كانت تصيب كل أنحاء جسمه وكانت صورة زميله الذي اعتقل معه وتعرض للتعذيب وفقد جزءاً من أذنه لا تفارقه .
الدائرة الإعلامية بوزارة الاسرى والمحررين أصدرت تقريراً مفصلاً حول الاسرى الأطفال بمناسبة يوم الطفل العالمي الذى الذي يصادف العشرين من نوفمبر أوضحت فيه بان قصة الطفل (حمايل) تتكرر كثيراً مع الأطفال الاسرى, وهي جزء بسيط من الاعتداءات وأساليب التعذيب التي يتعرض لها الاسرى الأطفال طوال سنوات الاحتلال، ولكنها ازدادت ضراوة بعد اندلاع انتفاضة الأقصى حيث اعتبر كل فلسطيني بغض النظر عن سنة هو مخرب وارهابى بنظر الاحتلال ربما اختلفت الأساليب بين حقبة وأخرى, لكنها جميعها تتمثل بأقسى مراحل المعاناة والتعذيب والتنكيل والمساس بالكرامة.
وأضافت الدائرة بإن سلطات الاحتلال العسكري الإسرائيلي ضربت بعرض الحائط حقوق الأطفال المحرومين من حريتهم، وتعاملت معهم "كمشروع مخربين"، وأذاقتهم أصناف العذاب والمعاملة القاسية والمهينة من ضرب وشبح وحرمان من النوم ومن الطعام، وتهديد وشتائم ، وحرمان من الزيارة، واستخدمت معهم أبشع الوسائل النفسية والبدنية لانتزاع الاعترافات ، والضغط عليهم لتجنيدهم للعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية.
الاسرى الأطفال
واوضح رياض الأشقر مدير الدائرة بان سلطات الاحتلال اعتقلت خلال انتفاضة الأقصى ما يزيد عن (7000) طفل لا يزال منهم ( 335 ) طفلاً معتقلين في السجون الإسرائيلية 85% منهم طلاب مدارس، يعيش معظمهم في سجن تلموند والرملة( قسم هشارون " و"عوفر" و"النقب" و"مجدو" حيث تقوم إدارة مصلحة السجون العامة بحرمانهم من أبسط حقوقهم‘ والزج بهم في غرف تتسم بالبرودة، تنبعث منها روائح كريهة، نتيجة تسرب مياه الصرف الصحي داخلها، إضافة إلى تعريتهم بشكل كامل،عند التنقل والخروج للمحاكم ، والمس بمشاعرهم من خلال تمزيق المصاحف، ومصادرة أدواتهم الشخصية وصور أقاربهم والوثائق الخاصة بهم.
ومن بين الأطفال الاسرى 175 طفلاً موقوفون بانتظار المحاكمة، و 155 طفلاً محكومون لمدد مختلفة، و6 أطفال من الأسرى معتقلون إداريا دون تهمة، وهناك أكثر من 500 أسيراً اعتقلوا وهم أطفال وتجاوزوا سن 18 داخل السجن.
يتوزع الأطفال الأسرى، حسب أعمارهم كالتالي: هناك (160) طفل تبلغ أعمارهم 18عام، و(80) طفل تبلغ اعمارهم 17 عام ، و(61) طفل تبلغ أعمارهم 16عام ، و(22) طفل تبلغ أعمارهم 15 عام ، وهناك (10) أطفال لا تتجاوز أعمارهم 14 عاماً ، وهناك طفلين لا تتجاوز أعمارهم العامين وهم، الأسير براء هو ابن الأسيرة سمر صبيح ، الذي أنجبته في السجن. ، والأسيرة عائشة بنت الأسيرة عطاف عليان، والتي ضمتها إليها حيث اعتقلت وبنتها رضيعة.
وقال الأشقر بان الأطفال الأسرى يقضون أحكاماً بالسجن تتراوح بين عدة أشهر وعشرين عاما، وتؤكد الإحصائيات أن 15% من الأطفال المحكومين تزيد فترة سجنهم الفعلي عن ثلاثة سنوات، أمّا أعلى حكم سجن فعلي موجه ضد الأطفال الفلسطينيين فبلغ عشرين عاما، صدر بحق الأسير الطفل مهدي النادي من نابلس وعمره 17 عاما، توجه إليه المحاكم الإسرائيلية تهمة محاولة قتل إسرائيليين، ومن بين الأطفال المعتقلين 9 أسيرات اعتقلن بسبب محاولات قتل تستدعي أحكاماً عالية تزيد عن السنتين، ومن بين هؤلاء سناء عمر التي حكمت أربعة سنوات سجناً إدارياً ، بعد أن قضت عاماً واحداً من السجن الفعلي على تهمة إلقاء حجارة على جيش الاحتلال.
طرق اعتقال الأطفال:
وأشار الأشقر بأنه على الرغم من أن الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وتحديدا اتفاقية حقوق الطفل، شددت على ضرورة توفير الحماية للأطفال ولحياتهم ولفرصهم في النماء والنمو، وقيّدت هذه المواثيق سلب الأطفال حريتهم، وجعلت منه "الملاذ الأخير ولأقصر فترة ممكنة"، إلا أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي جعلت من قتل الأطفال الفلسطينيين واعتقالهم الخيار الأول ، بأنه بعد أن كثّفت قوات الاحتلال الإسرائيلي من عمليات اعتقال الأطفال الفلسطينيين خلال انتفاضة الأقصى، كما أن العقوبة التي يخضع لها الأطفال الأسرى تزداد بشكل مستمر، ما يشير إلى توجه عام نحو تكريس سياسة اعتقال الأطفال ومحاكمتهم بأحكام كبيرة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، وغالباً ما يتم الاعتقال على خلفية إلقاء الحجارة أو التظاهر ضد جنود الاحتلال الإسرائيلي. وعن طرق الاعتقال قال التقرير بان الأطفال غالباً ما يعتقلون من الشارع وذلك أثناء تواجدهم في الشارع للعب أو الوقوف مع أترابهم، أو أثناء التظاهرات، أو أثناء توجه الأطفال إلى المدارس،او خروجهم من المدارس حيث تنتظرهم دوريات الاحتلال على أبواب المدارس لاعتقالهم ، وكذلك يعتقل الأطفال من بيوتهم وفي منتصف الليل، إذ يقوم عدد كبير من الجنود الإسرائيليين المدججين بالأسلحة والعتاد باقتحام بيوتهم بقوة، وبتفتيش منازلهم، والعبث بمحتوياتها،. ثم يتم عصب أعينهم وتقييد أيديهم ونقلهم إلى أماكن الاستجواب والتحقيق معهم على هذه الحالة ودون أية فرصة للنوم أو تناول الطعام أو الذهاب للحمام، وكذلك تعتقل سلطات الاحتلال الأطفال عن الحواجز العسكرية: حيث توضع أسماء الأطفال المطلوبين على قوائم عند نقاط التفتيش أو المعابر الحدودية، ولا يعلم هؤلاء الأطفال أن أسماءهم موجودة على الحواجز، حيث يتم اعتقالهم بمجرد معرفة اقترابهم من الحاجز، فتعصب أعينهم، وتقيد أيديهم انتظاراً للترحيل ومن ثم التحقيق.
 
أساليب التعذيب
وأكد الاشقر بان سلطات الاحتلال وأجهزة مخابراتها تمارس أنواعاً وأشكالاً متعددة من التعذيب، لا تفرق في استخدامها بين طفل أو امرأة أو مسن، بطريقة منهجية منتظمة ومن أساليب التعذيب التي تستخدمها سلطات الاحتلال مع الأطفال هى: الضرب المبرح، وهو عملية مستمرة منذ لحظة الاعتقال حتى دخول السجن، وغالباً ما يمتد الضرب ليشمل جميع أنحاء الجسم، خاصة في المناطق العليا والرأس، والحرق بأعقاب السجائر، و التهديد بإبعاد العائلة، ونسف المنزل ، و الهز العنيف، و تقييد الأيدي والأرجل وعصب الأعين، واستخدام الصعقات الكهربائية ، و الشبح، حيث يتم ربط الأيدي والأرجل، ووضع الطفل بمحاذاة الحائط وإجباره على الوقوف على أطراف قدميه لفترة معينة ،والحرمان من النوم، والضغط النفسي، و السب والشتم، إذ يقوم الجنود الإسرائيليون بتوجيه أقذع الألفاظ والشتائم للأطفال، ما يشعرهم بالإهانة والخجل الشديد ، وكذلك الهز العنيف ، يتم حمل الطفل وهزه بشكل متكرر، الأمر الذي يعرضه لفقدان الوعي.
ومن اخطر أساليب التعذيب هى الزج بالطفل في غرف العار( غرف العملاء)، من أجل انتزاع اعترافات بطريقة مخادعة ، ومحاولة إسقاطه .
وقد اتهم المركز الاسرائيلى لحقوق الإنسان (بتسيلم ) إسرائيل بتعذيب الأطفال الفلسطينيين فى سجونها، وأنها تستخدم العنف والتنكيل بحق الأسرى الأطفال ممن هم دون سن 18 عاماً، مخالفة بذلك المواثيق الدولية التي تحرم ذلك، وأوضح المركز فى تقرير أعده لإفادات عدد من الأسرى القاصرين انه يتم تعذيب الأسرى الأطفال ساعة الاعتقال وداخل السجون وان إسرائيل استخدمت أساليب تحقيق جديدة مثل رش الأسرى الأطفال بالماء البارد والساخن، وإجبارهم على تناول مكعبات من الثلج، وتغطيسهم بالماء البارد لفترات طويلة فى جو قارص، إضافة إلى تسليط سماعات تصدر اصواتاً مرتفعة على اذنى الطفل المحقق معه.
المحامية السويدية "بيرجيتا الفستروم أقرت بان إسرائيل تتصرف كعصابة إجرام في التعامل مع الأطفال الأسرى، حيث قدمت تقريرها إلى الحكومة السويدية مدعماً بالوثائق والشهادات، وأثبتت تورط الجهاز القضائي الاسرائيلى فى عمليات التعذيب التي تمارسها أجهزة الأمن بحق الأطفال الأسرى وقالت أنها لم تصدق ما رأت وما سمعت حتى أنها لم تتمالك أعصابها بسبب قوة التعذيب الذي يطال أولئك الأطفال، وأكدت بان جميع الأطفال الذين يعتقلون لدى إسرائيل يعانون أمراضاً نفسية وجسدية بعد خروجهم من المعتقلات وقالت "ما شاهدته وسمعته من درجة بشاعة أنواع التعذيب والإرهاب اللذين تمارسهما إسرائيل فى حق أطفال أبرياء تعجز الكلمات عن وصفه
الأوضاع المعيشيّة للأطفال
وأكد التقرير ان الأوضاع التي يعيشها الأطفال الأسرى في معسكرات الاعتقال والسّجون الإسرائيليّة و مراكز التوقيف والتحقيق، تفتقر إلى الحد الأدنى من المقومات الإنسانية والصحية، فهم يعيشون في غرف لا تتعدى مساحة الواحدة منها 20 متراً مربعاً، حتى أنّ بعض الأسرى شبّه هذه الغرف بعلب السردين والمقابر.
ويعاني الأطفال الأسرى من ظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية تفتقر للحد الأدنى من المعايير الدولية لحقوق الأطفال وحقوق الأسرى.  فهم يعانون من نقص الطعام وردائته، وانعدام النظافة، وانتشار الحشرات، والاكتظاظ، والاحتجاز في غرف لا يتوفر فيه هوية وإنارة مناسبتين، والإهمال الطبي وانعدام الرعاية الصحية، نقص الملابس، عدم توفر وسائل اللعب والترفيه والتسلية، الانقطاع عن العالم الخارجي، الحرمان من زيارة الاهل والمحامي، عدم توفر مرشدين وأخصائيين نفسييين، الاحتجاز مع البالغين، الاحتجاز مع أطفال جنائيين إسرائيليين، الإساءة اللفظية والضرب والعزل، والتفتيش العارى، والعقوبات الجماعية وتفتيش الغرف ومصادرة الممتلكات الخاصة ، وتفشي الأمراض، وكثرة التنقل ،وفرض الغارمات المالية الباهظة ولأتفه الأسباب ، والحرمان من التعليم،واستخدام المكتبة ،والحرمان من الفورة للعقاب
 
الأطفال بعد التحرر
وأوضحت الدائرة الإعلامية بان معاناة الأطفال الاسرى لا تقتصر على فترة وجودهم في السجن، بل تتعداها لمرحلة ما بعد السجن.  وقد رصدت بعض الأعراض الأولية  لناتجة عن تجربة الاعتقال للأطفال ومنها: الخوف من الخروج من البيت والقلق الدائم والتوتر وعدم القدرة على ضبط الانفعال وعدم القدرة على التركيز، والأطفال الذين يقضون بعض السنوات فى السجن لا يستطيعون العودة إلى المدرسة لشعورهم بالحرج من إعادة السنة مع أطفال يصغرونهم سنّا. 
مناشدة
وفى ختام التقرير ناشدت الدائرة الإعلامية المنظمات الدولية وخاصة العاملة فى مجال حقوق الأطفال العمل الجاد على إطلاق سراح الاسرى الأطفال من سجون الاحتلال، لان احتجازهم مخالف لكافة المعاهدات الدولية التي تقوم عليها تلك المؤسسات.
الدائرة الإعلامية
وزارة الاسرى والمحررين

Script executed in 0.1947660446167