أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

انتحاريو «النصرة» لـ«حزب الله»: إننا قادمون

الجمعة 24 كانون الثاني , 2014 09:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 9,091 زائر

انتحاريو «النصرة» لـ«حزب الله»: إننا قادمون

يوضح هؤلاء لـ«السفير»: «نحن نعرف كيف يفكر تنظيم «القاعدة»، وسبق وراقبنا وعانينا من الثأر لمعركة نهر البارد. النصرة تقول لنا اليوم، من خلال تخصيص فرع في لبنان، إنها لم تحول أرضنا اللبنانية إلى ساحة جهاد بعد، وإنها مستمرة في سوريا. كنا نراهن دوماً على أن النصرة بعيدة من تنفيذ عمليات إرهابية في لبنان، إلى حين انتهاء المعارك في سوريا. اليوم تغيرت المعادلة. الانتحاريون لم يبدأوا بعد. إنهم قادمون للثأر».

يضيف ضباط معنيّون: «سوريا كانت أرض نصرة للقتال في العراق، ثم تحولت إلى أرض جهاد. حتى الساعة، لبنان، بالنسبة لجبهة النصرة، أرض نصرة لسوريا. لكن الثأر من حزب الله والضغط عليه بغية سحب مقاتليه من سوريا، بدأ يُترجم جدّياً لدى النصرة من خلال عمليتي الهرمل وحارة حريك. نحن لا نريد إخافة الرأي العام، لكن تحليلنا يقول إننا مقبلون على عمليات انتحارية أشد من السابقة».

دخول جبهة النصرة على سكة العمليات الانتحارية في لبنان، يعني قرع جرس إنذار الخطر: النصرة و«داعش» كانا متناحرين في شأن الصراع اللبناني، إذ تعتبر الجبهة لبنان ساحة نصرة، بينما تنظيم «داعش» رفض ذلك ونفذ عمليات إرهابية داخل الأراضي اللبنانية. تنظيم «القاعدة» استبعد «داعش» من عباءته، بينما احتوى النصرة معترفاً بأميرها أبو محمد الجولاني. «داعش» يفتقر إلى البنية الهيكلية المنظمة، فيما «جبهة النصرة «معروفة بتشددها التنظيمي. «النصرة» أرادت التفرغ للمعركة السورية ضد النظام وحلفائه، أما «داعش» فقد وضع ذراعاً هنا وأخرى هناك.

بذلك، بدا صادماً للضباط تبني «النصرة - فرع لبنان» العملية الانتحارية التي استهدفت الهرمل أخيراً. لكن الضباط المعنيين في الجيش و«فرع المعلومات»، حينها، حصروا تدخل «النصرة» في لبنان بخانة معينة: هدف العملية هو الإلهاء، بغية شن هجوم لقوات من «النصرة» على منطقتي جوسيه وربله الحدوديتين، وبالتالي فإنها لم تتخذ قراراً جدياً بتنفيذ عمليات انتحارية في لبنان.

لكن بعد انفجار حارة حريك الثاني تغيرت المعادلة لدى الضباط المعنيين، وبدأوا يفكرون جدياً بسؤال يعتبرونه خطراً: هل قررت «النصرة» بدء عمليات إرهابية هنا، وهل تم ذلك بموافقة وإيعاز من أمير «القاعدة» أيمن الظواهري، أم أن الأمر اتخذ وفق قرار فردي ثأري؟

يقول الضباط المعنيون لـ«السفير» إن «جبهة النصرة» لديها خلايا في كل المناطق اللبنانية، لكن ثمة صعوبة في تحديد المنتمين إليها بصورة موثقة، إذ ثمة منهم من يتخذ من الجمعيات الخيرية غطاء لتحركه، وهناك من يستغل صيته بأنه تاجر ومهرب سلاح إلى سوريا، بينما مهمته الأساسية التجنيد ونقل السلاح إلى لبنان. علماً أن ثمة اتفاقاً ضمنياً بين الأجهزة الأمنية اللبنانية، يقضي بعدم توقيف مهربي السلاح إلى سوريا، بل فقط مَن يهرب السلاح إلى لبنان، انطلاقاً من سؤال مفاده: كيف يحق لنا توقيف هؤلاء، بينما «حزب الله» يتوجه علناً إلى القتال في سوريا؟

لا ينكر الضباط تخوفهم من «النصرة» أكثر من «داعش»، وذلك لأسباب عدة أبرزها: آثرت «النصرة» التدخل في لبنان، وحصرت قتالها في سوريا ضد النظام. ما يعني أنها حين تقرر التدخل إرهابياً في لبنان، تكون قد أعدّت العدة وجهزت أهدافها وانتحارييها اثر تغيير استراتيجيتها.

بالإضافة إلى ذلك، تتمتع «النصرة» بمؤيدين وداعمين ولوجستيين ومنتسبين في لبنان، أكثر مما يملك «داعش»، إذ إن «النصرة» تلاقي قبولاً لدى فئات واسعة في مختلف المناطق اللبنانية نظراً لـ«اعتدالها» مقارنة بـ«داعش». ومعروف عنها احترافها في التجنيد والتخطيط والتنفيذ وتشددها في بنيتها التنظيمية، فيما هناك مَن يعتقد بوجود تقاطع مصالح بين «داعش» والنظام السوري.

ليس سراً أن لدى «النصرة» فرعاً في لبنان. لكن السر الحالي يتمثل في الأجوبة عن أسئلة مرتبطة بهذا التنظيم: من هم أفراده اللبنانيون؟ أين يتوزعون؟ مَن هو أميرهم؟ كيف يتنقلون؟ لدى الجيش و«فرع المعلومات» تقارير أمنية ترسم ملامح لأشخاص ينتمون إلى فرع النصرة في لبنان، لكنها تستند إلى معلومات مخبرين غير موثوقين. وبالتالي، ثمة ارتباك لدى الأجهزة الأمنية.

وما يزيد الخوف لدى الأجهزة الأمنية ومنها، هو عدم امتلاكها بنكَ معلومات دقيقاً في شأن أفراد النصرة في لبنان. وأثبتت العمليات السابقة أن الأمن اللبناني لا يملك القدرة على تنفيذ أمن وقائي، لدرجة من السوء بلغت حداً مرعباً: تم تعميم رقم سيارة معينة ولونها ونوعها، مرّت بهدوء على الحواجز العسكرية والأمنية، ثم انفجرت في حارة حريك. بالإضافة إلى ذلك، ثمة متورط ببيع 3 سيارات سبق وانفجرت، اسمه ماهر ط.، لا يتجرأ أحد من الأمن على توقيفه أو استجوابه.

 

من السفارة إلى الحارة

 

لم يتمكن الضباط المعنيون في الجيش و«فرع المعلومات»، حتى الساعة، من الإجابة عن سؤال: لماذا تستهدف «النصرة» الشارع ذاته في حارة حريك الذي سبق واستهدفه انتحاري من «داعش»؟

ثمة ارتباك واضح لدى الضباط المعنيين، في شأن تفجيري الهرمل وحارة حريك. يقولون إن أسلوب تنفيذ عمليتي الهرمل والحارة يكتنفه قاسم مشترك: لا أدلة سريعة تقود إلى هوية الانتحاريين، خلافاً لعمليتي السفارة الإيرانية وانفجار حارة حريك الأول.

حينها، يضيف الضباط المعنيون، تعمد انتحاريا السفارة الإيرانية ترك خيوط تقود إلى هويتهما، فقصدا قبل يوم واحد من تنفيذ العملية، محلاً لبيع الهواتف الخلوية في منطقة الكولا، وتعمّد الانتحاري معين أبو ضهر الاقتراب من عدسة الكاميرا عندما طلب منه صاحب المحل التصوير، ليقول باسماً: «أنا الانتحاري».

بعد ساعات من وقوع التفجير في السفارة، أعلنت «كتائب عبدالله عزام» مسؤوليتها عن العملية، مثلما تبنت «داعش» انفجار الحارة الأول، الذي بدا لافتاً أن منفذه قتيبة الصاطم، لم يلجأ إلى تزوير إخراج القيد الذي كان بحوزته، وذلك ليقول: «أنا الانتحاري».

لكن عمليتي الهرمل والحارة الثانية، تبعهما غموض في شأن هوية الانتحاريين، وصعوبة تتمثل في عدم التمكن، حتى الساعة، من تحديد هويتيهما. بالإضافة إلى ذلك، لا تأكيد أو نفي لدى الجيش و«فرع المعلومات» في ما يتعلق بالبيانين على «تويتر» اللذين تبنيا العمليتين باسم «جبهة النصرة في لبنان»، خلافاً للأدلة التي ترافقت مع إعلان «كتائب عزام» و«داعش» عن عمليتي السفارة والحارة الأولى.

وفيما تردد أن «مجموعة أحمد طه» هي المسؤولة عن العملية الانتحارية، إلا أن مصادر عسكرية وأمنية تنفي علمها بوجود أي دليل يؤكد تورط طه: «الإشكال الذي نعانيه اليوم، يتمثل بوجود تقارير أمنية تستند إلى مخبرين غير موثوقين، بينما المطلوب في حالات مماثلة معلومات تقنية موثقة، وليس تقارير»، يقول ضباط مطّلعون.

المعلومات الموثقة في شأن عمليتي الهرمل والحارة الثانية، تحمل معلومة واحدة مؤكدة: نبيل م. وإسحق ع. باعا سيارتي الانفجارين إلى ماهر ط.، المطلوب بمذكرات توقيف والمتحصن في بلدة بريتال البقاعية. ثم باع ماهر السيارتين إلى تجار سرقة سيارات سوريين، أرسلوا السيارتين إلى منطقة سورية خاضعة لسيطرة المعارضة. في القلمون ثمة وجود لكل من «النصرة» و«داعش». لكن، من اشترى السيارتين من التجار السوريين؟ «النصرة»، «داعش»، أم غيرهما؟ لا معلومات موثقة تجيب عن السؤال، إذ لا موقوفون حتى الساعة سوى نبيل وإسحق.

ويشدد الضباط المعنيون على ضرورة وضع حد لسوق سرقة السيارات وبيعها في بريتال أولاً، والحد من سهولة تحرك المجموعات الإرهابية الآتية من القلمون إلى عرسال، ثانياً. ولا ينكر مسؤلون في جهازين أمنيين أن المطلوب هو وجود غطاء سياسي يسمح بتوقيف ماهر ط. وملاحقة مجموعات عرسال وتوقيفها، وإلا «فإننا، بطريقة غير مباشرة، نساعد الانتحاريين»، يضيف الضباط.

وتشير معلومات «السفير» إلى أن جهازاً أمنياً محترفاً رصد تحركات ماهر، قبل أيام، في منطقة يبرود السورية. لكن لا معلومات موثقة عن سبب توجهه إلى منطقة تحتضن إرهابيين، «إلا أن تحليلنا أنه قصد المنطقة لتوسيع دائرة علاقاته في سوق السيارات المسروقة».


Script executed in 0.2017810344696