أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

«الفراكة‮» عالبلاطة.. تراث لبناني لا يتغير في زمن «المولينكس» و الآلات الحديثة

الأحد 16 تشرين الثاني , 2014 03:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 29,688 زائر

«الفراكة‮» عالبلاطة.. تراث لبناني لا يتغير في زمن «المولينكس» و الآلات الحديثة

فكانت ايضاً محطة اسبوعية مهمة في حياتهم لا تستثنى الا عند المآتم والجنائز كاعلان حداد على فقد عزيز او قريب او جار، فيقال ان مدقة اللحمة الخشبية كانت لا تتوقف عن الضرب الا في هذه الحالات فكان اصحاب العزاء ينقطعون عن اكل اللحوم لمدة اربعين يوماً حتى قال احد الشعراء الطرفاء الذي كان يحب «الفراكة‮» وهو في حال حداد على فقد عزيز حتى قال ابياتاً من العتابا لرفاقه الذي كانوا يمازحونه و يعزمونه على «الفراكة‮»

كـفّــو يا شباب الـمـزح عـنّاي ... عـالفراكـة تـأبـكــي وزيــد عـنّـــاي

انــا لأبكي على المشوي وعالناي.. وعـلــى قراص الصفيحة و الكباب 

هو تراث غزته الحداثة لكن لم تفقده قيمته في المجتمع اللبناني فبقيت تلك الاكلة واحدة من الاكلات الشعبية التي يحن اليها الصغير والكبير، المقيم والمغترب.. في الماضي اشتهرت «الفراكة‮» بمدقة خشبية من سنديان على بلاطة من صخر أو رخام، فكانت اكلة اسبوعية تعتبر من الثوابت الاساسية على المائدة، تتطلب القيام بورشة تحتاج الى عناء، تبدأ من الذهاب الى السوق لشراء اللحم الطازج حتى العودة الى المنزل لتقطيعها و دقها على البلاطة الرخامية لازالة الشوائب منها، ثم اضافة «لية الغنم»  والبرغل البلدي و كذلك اضافة الكمون المجفف و الذي يحتوي على أوراق النعناع والمردكوش والحبق والورد الجوري والفلفل الحار أو الحلو، الأحمر أو الأخضر و البرغل.. على ان تجبل لاحقاً مع اللحمة المغمسة بعض الشيئ بالزيت الزيتون أو بالماء حتى تصبح كالعجين ثم بتحسين منظرها كي تبدو أكثر شهية.

اليوم و مع اختلاف نمط الحياة ودخول الآلات الحديثة، باتت مهمة دق اللحمة سهلة‮ ‬بوجود‮ ماكينات الفرم ان كان عند القصاب او في المنزل لتوفر ربة المنزل عناء ساعات من القيام بورشة ‬رغم‮ ‬فقدانها‮ ‬المذاق‮ ‬الخاص‮ ‬الذي‮ ‬تتميز‮ ‬به‮ ‬تلك‮ ‬المصنوعة‮ ‬يدوياً ‬إلا‮ ‬أنها‮ ‬بالتأكيد‮ ‬باتت‮ ‬حلاً‮ ‬سريعا‮ً ‬يلائم‮ ‬الحياة‮ ‬السريعة‮ ‬ومتطلباتها.

تشير «ليندا» وهي سيدة تعمل في الحقل التربوي باحدى المدارس: «اطلب اللحمة المدقوقة من القصاب فهو يقوم بفرمها على الة خاصة، اضافة الى الكمون الجاهز من عنده مباشرة فتكون جاهزة خلال 5 دقائق.. فوقتي لا يسمحلي القيام بورشة قد تستغرق اكثر من ساعة».

اما الحاجة «ام وسام الاشقر» تؤكد انها تحرص على دق اللحمة الى البلاطة الرخامية اسبوعياً للحصول على «الفراكة‮» وفق اصولها لأن ذلك سيضيف لها مذاق مميز و خصوصاً انها تحبذ دائماً اطعام العائلة من تعبها ومنهم الزوج واولادها المغتربين «ما بتحس بالطعمة إلاّ بس تتعب فيها» تنهي الحاجة ام وسام.

حسن بيضون  - بنت جبيل.اورغ 

Script executed in 0.16609692573547