أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

شـراء العقـارات في جزيـن: أيـن الحقيقـة وأيـن الاستثمـار السيـاسـي؟

السبت 20 كانون الثاني , 2007 07:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 3,450 زائر

شـراء العقـارات في جزيـن: أيـن الحقيقـة وأيـن الاستثمـار السيـاسـي؟

هذا الكلام جاء على لسان عدد من السياسيين ورجال الدين وفي بعض وسائل الإعلام. وترافق ذلك مع ظهور متمولين جدد من طوائف غير مسيحية سنة وشيعة مثل خليل ياسين وهو لبناني من بلدة بنواتي المجاورة لبلدة بكاسين في قضاء جزين وعلي تاج الدين وهو رجل أعمال لبناني من بلدة حناويه في قضاء صور اللذين اشتريا عقارات كبيرة في منطقة جزين.
هذا الامر دفع بالاهالي الى التساؤل عن سر كل هذا التهويل والتحريض واستخدام فزاعة التوطين اذا كان هناك من يخشى فعلا على جزين ودورها وأهلها واذا كان ما يجري هو مجرد عمليات بيع عادية وطبيعية من مواطن لبناني الى مواطن لبناني آخر، ام ان طرح الموضوع بهذه الحدة يستهدف فعلا الدور التاريخي والمهم الذي لعبته جزين ومنطقتها بأكثريتها المسيحية بين الجنوب والبقاع والجبل.
ويلفت أهالي المنطقة إلى ان تاريخ بيع الاراضي في منطقة جزين يعود الى أواسط السبعينيات مع انطلاقة شرارة الحرب الاهلية عندما بادر الرئيس الشهيد (رجل الاعمال في حينه) رفيق الحريري الى شراء مساحات عقارية شاسعة وواسعة في منطقة كفرفالوس في منطقة جزين (شرقي صيدا) من آل سالم من بينهم الوزير والنائب السابق نديم سالم. ويومها اتهم الحريري بانه يريد أن «يؤسلم» الارض ويدخل السعودية الى المناطق المسيحية من لبنان، وبالتالي الاطاحة بالخصوصية الديموغرافية لمنطقة جزين. وأدت هذه الحملة الى اقتلاع أهم مشروع حيوي وإنساني وصحي وتربوي وإنمائي واقتصادي من هذه المنطقة وكان الخاسر الاكبر جزين ومنطقتها وأهلها بخصوصيتها الديموغرافية تحديدا والذين يترحمون اليوم على المشروع الذي أصبح مجرد أطلال لأنها المنطقة الوحيدة في لبنان التي بقيت دون مستشفى وجامعة.
ويؤكد الاهالي انه بعد مشروع كفرفالوس حاول البعض ان يحرض الكنيسة وأهالي القرى المسيحية مطلع التسعينيات ضد مشروع عفيف رستم السكني التجاري في كفرجرة (قضاء جزين) في شرقي صيدا من خلال الايحاء بأن هذا المشروع يهدف الى توطين الفلسطينيين وتغيير طابع المنطقة الديموغرافي، لكن أثبتت الايام ان سكان المشروع صيداويون ولبنانيون وبينهم مسيحيون، لكن الاهم ان صاحب المشروع توفي مفلسا بعد أن رهنه للمصارف، والمشروع برمته مطروح اليوم للبيع بالمزاد العلني وفي محكمة جزين البدائية.
في المقابل فإن هناك متمولين مسيحيين قاموا ويقومون بشراء الاراضي من منطقة جزين وبعمليات واسعة أمثال مايك نصار وريمون سمعان والوزير الراحل جورج افرام، أحيانا لا يذكرهم احد من السياسيين ولا من غيرهم بأية حملة وأحيانا اخرى يتعرضون لهم بالشكوك وبأنهم يشترون لصالح غيرهم ولغايات مشبوهة لان هناك من يحاول أن يبقي المسيحيين في منطقة جزين أسرى الهواجس والخوف على المصير والاستفادة من العصبيات الطائفية.
ولان رؤساء وأعضاء المجالس البلدية والاختيارية في منطقة جزين يجب أن يكون عندهم الخبر اليقين بالنسبة لهذا الموضوع، لا سيما أن إشارات معينة وسهاما وجهت الى بعضهم بالتدخل المباشر لإقناع أصحاب العقارات بيبع أراضيهم لقاء مبالغ مالية كبرى.
حول هذه القضية يؤكد رئيس بلدية جزين ورئيس اتحاد بلديات منطقة جزين المحامي سعيد بوعقل انه لطالما شكلت خصوصية منطقة جزين المتمثلة بموقعها الجغرافي الحساس بين مختلف المناطق والطوائف اللبنانية وبتركيبتها الديموغرافية المتنوعة والمتميزة بأكثرية مسيحية، مادة «دسمة» وأرضا خصبة للحديث عن الهواجس والمخاوف من حصول أي تغيير ديموغرافي ينعكس سلبا على طائفة من الطوائف القاطنة فيها أو تلك المجاورة لها.
فكما هو معلوم ان ما يزيد على 75٪ من سكان منطقة جزين البالغ عددهم حوالى 125 ألف نسمة تقريبا ينتمون الى الطائفة المسيحية، وان هؤلاء استطاعوا في أصعب وأدق الظروف ان يخطّوا لأنفسهم نهجا معتدلا مترفعا عن كل الحساسيات الطائفية والمذهبية وحتى السياسية، فنأوا بأنفسهم وبمنطقتهم عن كل فتنة أو مؤامرة ليشكلوا مع سائر أبناء منطقة جزين المتعددي المشارب والطوائف والمذاهب نموذجا رائعا للعيش الواحد ضمن مفهوم راقٍ للمواطنية الصالحة.
يضيف بوعقل «انطلاقا من هنا نرى، كما الكثيرين، بأنه في المحافظة على هذا النموذج الرائد مصلحة وطنية جامعة وان ذلك يتم عبر منع حصول أي تغيير ديموغرافي جذري في منطقة جزين يمكن أن يطال أي طائفة من الطوائف خاصة المسيحية منها، وربما انطلاقا من هذه القناعة وهذا المفهوم سمعنا وقرأنا في الآونة الأخيرة الكثير عن المخاوف والهواجس من حصول تغيير ديموغرافي في منطقة جزين عبر حصول الكثير من البيع للأراضي في أماكن ومواقع مختلفة من هذه المنطقة ليصل الأمر الى حد القول بوجود مشاريع مشبوهة لها علاقة بتوطين الفلسطينين في لبنان».
ويشدد بوعقل على انه «إذا كان حصول بيع للأراضي في منطقة جزين أمر يستحق التوقف عنده لمعرفة حجمه وأهدافه، إلا أننا نرى وجوب عدم المبالغة وعدم تضخيم الأمور وإثارة المخاوف والقلاقل لأن ذلك من شأنه ان ينعكس سلبا على النموذج الرائع للوحدة والتضامن في هذه المنطقة».
ويشير بوعقل الى ان عملية شراء الأراضي بشكل لافت في منطقة جزين بدأت مع الحرب اللبنانية في العام 1975 ولا تزال مستمرة حتى اليوم من متمولين لبنانيين ينتمون الى مختلف الطوائف اللبنانية منها المسيحية ومنها المحمدية، وان بائعي هذه العقارات لبنانيون أيضا ومن مختلف الطوائف وفي مناطق عقارية مختلفة في قضاء جزين ساحلا ووسطا وجبلا، كما ان المساحات المشتراة من قبل متمولين مسيحيين لا تقل نسبيا عن المساحات المشتراة من قبل متمولين محمديين، وإذا أخذنا هذا الأمر بوجهه الإيجابي نرى بأن عامل الثقة بنهج الاعتدال وبنموذج العيش الواحد السائدين في منطقة جزين يشكل دافعا أساسيا ومهما لهؤلاء المتمولين للاستثمار فيها، هذا الاستثمار الذي ينعكس ازدهارا في منطقة دفعت على مدى خمسة عشر عاما ثمنا باهظا من رصيدها الاقتصادي والسياحي بسبب الاحتلال الإسرائيلي.
ويرى انه «في مقابل ذلك أن الصلة السببية بين هذه «البيوعات» ووجود أي مشروع مشبوه يشكل خطرا على التوزيع الديموغرافي في منطقة جزين بقيت أقله حتى الآن منتفية» بالاستناد الى ما هو ظاهر من منطق ووقائع الأمور.
ووجه بوعقل نقدا ذاتيا الى المراجع المسيحية حين قال «اننا نسجل على المتمولين من المسيحيين وعلى المراجع الدينية المسيحية من باب النقد الذاتي البناء بقاء دورهم دون المستوى المطلوب، خاصة في الحقبة الزمنية الممتدة من العام 1985 وحتى هذه اللحظة في الحد من النزوح السكاني نتيجة الاحتلال الإسرائيلي وما سببه من تهجير وهجرة نحو مناطق لبنانية متعددة، ندعو هؤلاء للاضطلاع بدورٍ أكثر فعالية وجدية على هذا الصعيد».
وخلص بوعقل بالاشارة الى «وجوب العمل على تعزيز صمود المسيحيين في منطقة جزين» معتبرا ان مسؤولية ذلك تقع على عاتق الجميع في منطقة جزين، المحمديون منهم قبل المسيحيين. وإننا كاتحاد للبلديات وكتيار اعتدال في منطقة جزين مستعدون للانطلاق في التأسيس لعمل مشترك مع جميع المراجع الدينية والسياسية والاقتصادية يكون هدفه تعزيز صمود وبقاء أبناء المنطقة فيها وتشبثهم بأرضهم الى أي طائفة انتموا.
أما رئيس بلدية بكاسين عبد الله سعد فأكد انه لا هو ولا كل أهالي منطقة جزين يرضون بإقامة مشاريع مشبوهة في مناطقهم، لكننا ايضا لن نقبل ان يرمينا أحد بأي سهم، ومن لديه معلومات وأرقام عن عمليات بيع عقارات واسعة وشاسعة في منطقة بكاسين ليتفضل ويفصح عنها. وللعلم ان كل البيوعات في بكاسين محدودة جدا وضئيلة لا تتعدى 7000 متر مربع ولا تتجاوز في أبعد تقدير الـ000,10 متر مربع واشتراها مواطن لبناني اسمه خليل ياسين (مسلم سني) من بلدة بنواتي المجاورة ويدير مشاريعه بنفسه، والشراء تم بشكل متدرج ومنذ عدة سنوات من بينها هذه السنة، والدستور حمى الملكية الفردية وأتاح عملية البيع والشراء من لبناني الى لبناني آخر في كل الاراضي اللبنانية. فماذا يفعل رئيس البلدية امام الدستور؟
ويؤكد سعد ان هذه العقارات ليست متلاصقة بل متباعدة عن بعضها البعض ولا يوجد عقار واحد في بكاسين مساحته خمسون الف متر مربع، وكل عقارات بكاسين صغيرة، واذا كان هناك من مشاريع مشبوهة فهي غير قابلة للتحقيق في بكاسين لان بكاسين ليست القريعة؟!
من جهته رئيس بلدية «بتدين اللقش» نبيل قطار وصف الامر كله «بالحرتقات السياسية ولا أساس لها من الصحة في ما خص البلدة، وهذا نوع من السخافة، والذي اشترى في بتدين اللقش هو خليل ياسين فقط لا غير، يعني ان ابن جزين اشترى في منطقة جزين فلماذا كل هذه الضجة؟ نحن أيام الاحتلال الاسرائيلي كان علينا هجوم أكبر بكثير حتى نبيع أرضنا ولم نبعها ولماذا نبيعها اليوم وما السبب وما هي الدوافع». وأشار قطار إلى أن كل ما في الامر «ان ياسين كان عنده منشار صخر في المنطقة عاد واشترى حوله نحو 20 دنم من الارض ويديرها أبناء البلدة لا غير ولن أرد على أحد المراجع الذي نحترمه ونجله الذي قال ان نصف أراضي «بتدين اللقش» بيعت لكن كنت أتمنى أن يدققوا بالامر قبل إطلاق التصريحات الاعلامية».
أما مختار القطراني كميل فارس فيؤكد أن رجل الاعمال اللبناني علي تاج الدين هو من اشترى في القطراني نحو 400 دنم وفي «شبيل» وهي مزرعة قريبة منها اشترى ايضا نحو 400 دنم والناس هي التي ذهبت اليه في حناويه عرضت عقاراتها للبيع من دون سماسرة أو وسطاء وان سعر المتر تراوح بين دولار ودولارين ونصف الدولار للمتر المربع الواحد، وتتوزع هذه العقارات بين أراض جبلية وعلى الطريق العام وسوف يقيم مشاريع سكنية وإنمائية كمكبس أحجار باطون ومحطة بنزين وشاليهات للمصطافين صيفا وشتاء ومشاريع سياحية وإنمائية وتجارية واقتصادية لتشغيل أبناء المنطقة».
ويؤكد فارس ان تاج الدين ياتي الى المنطقة أسبوعيا وسألناه عن حقيقة ما يثار حول مشاريعه وما اذا كانت مشبوهة كما يقال فأكد قوله «أنا ضميري مرتاح، لن أبيع لفئة معينة من الناس ومشروعي السكني لمن يشاء من اللبنانيين والافضلية لأبناء البلدة وأهالي منطقة جزين»، من جهتنا، يضيف فارس، «أكدنا أن شرطنا بان يكون لبناناي فأهلا وسهلا به وان لا يكون هناك أي مشروع مشبوه كالتوطين وغيره».
ويلفت المختار فارس الى ان حجم «بلوكات» الباطون التي يبنيها هي 3 أو 4 «بلوكات» تضم جميعها نحو 20 شقة سكنية وعددا من المحلات التجارية فقط، كما ان مشروعه الانمائي والاستثماري يتضمن محطة بنزين على خط جزين مشغرة ـ كفرحون بالإضافة الى مجبل باطون لمشاريعه.
ويؤكد فارس أن عمليات البيع ليست جديدة وقبل هذه الموجة «كان الوزير الراحل جورج افرام قد اشترى من القطراني ثلاثة ملايين متر مربع من أرضنا وهو من خارج منطقة جزين. وابن بلدة وادي جزين ريمون سمعان اشترى في القطراني ايضا أكثر من مئتي دونم، فلماذا إذاً أمنع أي لبناني من أن يشتري من أي لبناني آخر، خاصة اذا كانت عملية البيع والشراء مستوفاة الشروط القانونية». ويلفت فارس إلى أن التاجر علي تاج الدين لم يطلب نقل نفوسه ولم يجنس الناس هنا والبيع يحصل لان الناس كانت قد تركت هذه المنطقة منذ عدة عقود وعادت اليها بعد التحرير عام ,2000 وسعر الارض هنا رخيص مع العلم ان مساحة القطراني مع مزرعة داريا ومزرعة شبيل تصل الى 18 الف دونم بيع منها نحو 1200 دونم تقريبا وعدد سكانها نحو 700 نسمة في القطراني بينما شبيل وداريا ليس فيهما سكان.
أما حافظ كيوان مختار الصريرة (قضاء جزين عدد سكانها يصل الى الف نسمة ليس منهم في البلدة سوى 30 في المئة)، فيؤكد ان رجل الاعمال الحاج علي تاج الدين لم يشتر أراضي ضمن المنطقة العقارية للصريرة التي لم يحصل فيها بيع انما البيع الذي تم كان من ضمن خراج أرض مشتركة بين ميدون (البقاع) والقطراني (جزين) العقارية، والذين باعوا هم دروز من الصريرة وتصل الى 400 الف متر مربع أي نحو 400 دونم. وبالنسبة لنا تربطنا بالحاج علي علاقة مودة واحترام لا أكثر.
ويعلن المختار كيوان انه من حيث المبدا وكأهل صريرة ضد بيع العقارات والارض ونتمسك بارضنا ونحرص على العيش المشترك في هذه المنطقة.
وعما اذا كانت عمليات البيع التي حصلت مشبوهة يشير المختار كيوان «بالنسبة لنا لسنا مخولين بمعرفة ماذا كان شراء الارض لعمليات مشبوهة ام لا، إننا نترك هذا الامر للسياسيين، وقبل هذه الضجة التي أثيرت كنا مرتاحين ومبسوطين لان هذه المشاريع سوف تنعش المنطقة كونها مجرد مشاريع تجارية، لكن بعد الضجة الاعلامية أصبحت أشعر بشيء من عدم الارتياح، لا سيما بالنسبة لما واجهه مشروع الحاج تاج الدين من حملة».
أما مختار الغباطية (المجاورة لبلدتي بكاسين وبنواتي في منطقة جزين) انطوان كرم فيشير الى ان اية عملية بيع لم تحصل في الغباطية، متسائلا لماذا تكون عملية الشراء مشبوهة وهي عمليات محدودة وليست بملايين الامتار كما تم الترويج له؟ وفي هذه المنطقة بين بكاسين وبنواتي لم تتجاوز عملية البيع 10 الى 15 دونما لابن بنواتي خليل ياسين «وما عندي مشكلة اذا اشترى ابن بنواتي وهو اشترى قبل هذا التاريخ وأنشأ معصرة زيتون في بنواتي ومعمل صابون ومنشار صخر في بتدين اللقش واستثمر في قطاع البناء كشقق سكنية لأهالي المنطقة وليس للتوطين أو لمشروع مشبوه لأنها محدودة المساحة، والناس هنا تشكره لأنه لم يضر بالمنطقة عدا عن ذلك فإنه يؤمّن فرص عمل للشباب في مناطقهم».
من جهته يؤكد رئيس بلدية عازور انطوان مارون عدم بيع عقارات كبيرة ضمن ضيعة عاوزر لكن هناك منطقة حرشية تسمى «البابا» تابعة عقاريا لعازور اشترى فيها خليل ياسين نحو 20 الف متر مربع وهي عبارة عن وديان ومنطقة زراعية، وأكبر مالك للاراضي في عاوزر هي البلدية ونحن ممنوع ان نبيع متار مربعا واحدا حتى لأبناء الضيعة. لأنه لا أرض لأي مشروع مشبوه في عاوزر.
أما رئيس بلدية الحمصية جهاد الطويل الذي يبدي خشيته من عمليات بيع العقارات فيؤكد ان خليل ياسين اشترى في خراج الحمصية عقارا مساحته 15 دونما وكان يملكه شخص من «بتدين اللقش» وهذا العقار تم تسجيله وإسمه لكن لا نعرف اذا كان هناك من عقارات قد بيعت عبر كتّاب العدل.

Script executed in 0.19403791427612