أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

فتنة أم أرباب أحقاد ؟

الأربعاء 06 أيار , 2015 10:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 3,681 زائر

فتنة أم أرباب أحقاد ؟

ولعل أبشع السلاطين جوراً هي أنفسنا متى كتمنا ما نرى من باطل . 

وعليه أبيع جمجمتي لله وأقول :

أني قرأت في التاريخ والحاضر الكثير وما وجدت أعظم جرماً من إثارة الفتن والإيغال في الدماء .

وأقسم بالله وبقدر ما خلق أن الفتنة لا تكون إلا بإثنين يُضاف إليهما ثالث 

أولهما : نفاق علماء

وثانيهما : فجور ساسة

والثالث : غباء عامة 

والجامع الدافع عند الثلاثة أحقاد تولّد منها أطماع أو العكس ولا فرق .

وقد نُقل عن أمير المؤمنين قوله :

إِنَّمَا بَدْءُ وُقُوعِ الْفِتَنِ أَهْوَاءٌ تُتَّبَعُ، وَأَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ، يُخَالَفُ فِيهَا كِتابُ اللهِ، وَيَتَوَلَّى عَلَيْهَا رِجَالٌ رِجَالاً، عَلَى غَيْرِ دِينِ اللهِ، ...

والله عز وجل صدح في كتابه الكريم : ( إنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ).

ونُقل عن الرسول الأعظم (ص) قوله : " لَسْتُ أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي جُوعًا يَقْتُلُهُمْ ، وَلا عَدُوًّا يَجْتَاحُهُمْ ، وَلَكِنِّي أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي أَئِمَّةً مُضِلِّينَ ، إِنْ أَطَاعُوهُمْ فَتَنُوهُمْ ، وَإِنْ عَصَوْهُمْ قَتَلُوهُمْ "

أعد قراءة النصوص الثلاثة وانظر واسأل :

من يبتدع الأحكام ؟ من يُفرّق الدين شِيعاً ؟ من الأئمة المضلين ؟

من يُشيع الفتنة ويُشرِّع القتل ؟

من صنع التاريخ الأسود ، ومن كتبه ، ومن إستخلص منه العقائد والفكر ، ومن جعله مصدر الفقه وأدلته وشواهده ؟

من نسب إلى الرسول الأكرم ما لم يقل ولا يوافق قرآناً ولا خُلقاً عظيماً ؟

ومن حَكَمَ وحَكَّمَ وأطاع الأمير وطَوّعَ له ؟

ومن أغدق على تُجّار الفتوى الذهب ومذهَب لهم مذاهبهم ليكونوا دعائم عرشه وخًدّام نظره ؟

ومن أغرق شعبه في غياهب الجهل والفقر ليسود به ويسوقه شرقاً وغرباً.

ومن من الناس غلب غباءه دينه فإنقاد لهؤلاء وهؤلاء إنقياد النعجة البلهاء إلى الذبح وقد سرّها شُربُ ماء قبل قطع أوداجها ؟.

لذا أقول :

= إن مقولة وجود فتنة سنية شيعية هي كاذبة إلى أبعد حدود الحقيقة .

وصحيح الأمر أن :

جمهرة من منافقي طبقة رجال الدين ( عبدة المذاهب وصُنّاع الأحقاد ) الذين إستساغوا بل إمتهنوا الكذب على الله ورسوله ليركبوا ظهور الناس بدين لم يفقهوا حروفه فكيف بجملته ...

إلتقت مصالحهم وغاياتهم مع :

جمهرة من الساسة الفجرة الذين ما عرفوا يوماً حقاً لإنسان ولا كرامةً بل وكأن ظنهم أن الله خلق البشر ليكونوا موطيء نعالهم القذرة ، قل كأنهم خُلقوا من غير شيء أو كانوا الخالقين ...

وإلتقت مصالح هؤلاء مع :

غربٍ رأى في الشرقِ منابع حضارات وثروات وأنواع من البشر إستحقروا أنفسهم فإستحقرهم وأقسم أن يُمزقهم قِددا ويجعلهم وأرضهم إما عبيداً فوقها وإما جثثاً جوفها .

نعم هؤلاء إلتقوا أيضاً والكيان الحاقد على كل ما خلق الله سواه ، وقال أنه شعب الله المختار. فإستهوت المقالة رُعاة الغرب ، وآمن بها فجرة ساسة الشرق ، ومررها عبدة المذاهب ما دامت تخدم نار أحقادهم على مذاهب غيرهم .

تلك الأحقاد التي لا تقوى على غسلها بحاروأنهار .

وخلفوا من بعدهم خلف رضعوا خبائث نتاجاتهم ونمت عقولهم ومشاعرهم عليها ثم ما لبثوا أن جعلوا أحقادهم أرباباً تعبد

وجعلوا حكم الله بعد أحكامهم ورأي الله بعد آرائهم .

ووزعوا صفات الكفر والنفاق والشرك على من خالفهم .

ونصبوا انفسهم شركاء نافذون للخالق لهم القضاء وعليه الإمضاء .

وما زالوا في غيهم يعمهون .

نابذوا ربهم وفرقوا دينه وتركوا نبيه وخالفوا قرآنه .

أين هم من رب كتب على نفسه الرحمة وأرسل رحمته إلى العالمين .

أين هم من أنبياء ورسل عبدوا الله بترغيب وتهذيب عباد الله العاصين .

أين هم من علماء سلف صالح بذلوا أعمارهم طلباً للعلم ولما شاؤا إيصاله إلى العقول ما وجدوا له آلة إلا المحبة تشق له طريقاً عبر القلوب .

ولو عقل كل من نظر ورأى لعلم :

أن العلم والدين لا يقتلان ولا يُفرّقان 

لكنهم مجرموا العمائم والتيجان

حيث هلك من تابعهم

ونجا من عرف ربّه واهتدى بعقله .

العلامة المحقق الشيخ ابراهيم فواز


Script executed in 0.17533588409424