أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

المرأة: طموحٌ يتحدى الجهل

الأربعاء 03 حزيران , 2015 09:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 9,101 زائر

المرأة: طموحٌ يتحدى الجهل

"المرأة خلقت للمنزل " نسمعها من أم مغلوب على أمرها تحاول إقناع ابنتها بقبول "العريس الجاهز"، والرضا بالأمر الواقع ، لتتخلى عن حلمها لما هو أهم كالتعليم أو العمل أو السفر، أما الأب فقد يقول هذه الجملة التي عفا عليها الزمن لزيادة أعبائه ومصاريفه أملاً في "ستر" ابنته.

بالرغم من اختلاف النظرة للمرأة بالمقارنة بعصر أفلام "الثلاثية" ، بَيْدَ أن هناك كثير من الأسر تعتقد ان مستقبل الفتاة عبارة عن منزل مكون من أربع جدران برفقة رجل ، وهذا هو معنى "الستر" في نظر كثير من الأباء والأمهات الذي يحمي برأيهم الفتاة من الصعوبات التي قد تواجهها في حياتها. 

وفي المقابل تتخلى بعض الفتيات مرغمات عن أحلامهن وطموحهنّ من أجل التخلص من إلحاح الأب والأم وربما الأقارب فترضى بـ "مشروع" زواج ، مما ينشئ ظاهرة الزواج المبكر المنتشرة بالقرى ، لتظهر في المجتمع أمهات "غير الطلب" ، وأطفال في مهب الريح المجتمعيّ. 

لم تقتصر مشكلة هدم طموح المرأة بمعول الجهل في القرى فقط ، ولكن حين يتقدم الشاب للفتاة الحاصلة على أعلى الشهادات ، فيبدأ وقتذاك في " اللعب على الوتر الحساس " لها ، وهي أن المرأة مخلوق رقيق ، مسؤول من الرجل لتلبية كل رغباته ، وكلمة ... فكلمة ، تبدأ الفتاة فى التخلي عن أحلامها في العمل ، ليمر الوقت والزمن وتندم أشد الندم على قرار قبلت به مرغمة تحت وطأة كلام معسول ليس له أساس من الصحة ، الغرض منه الأنانية والسيطرة ليس إلا . 

من ناحية ثانية هناك ظاهرة اجتماعية تتسبب في تفكيك الكثير من الزيجات وهي زواج الفتاة المراهقة من رجُل مسن!هناك من يلقي باللوم على أهل الفتاة ويتهمهم ببيع بناتهم من أجل المال, وهناك من يعتبر الفتاة شريكة في الصفقة في حال قبولها المشروع تحت اغراءات خصوصاً اذا كان الزوج من ذوي الثروة! ومن ناحية أخرى هناك فتيات تظن أنها خلقت لتتزوج، وأن الزواج هو هدف حياتها وهو بداية للحياة التي يجب أن تحياها. تظن أن قيمتها ناقصة إن لم تتزوّج، فيغدو الزواج حلمها، فتختزل كل حياتها في هذا الحلم. هذا مفهوم خاطىء عليك عزيزتي أن تتحرري منه، فأنت إنسانة لها قيمة، لا تنظري نظرة دونية إلى نفسك، فأنت لم تخلقي لأجل الزواج فقط، ولا تكمن قيمتك في الزواج. يقول المجتمع أن الزواج سترة، ستر منن؟ هل المرأة عار لا يسترها إلا الزواج؟

ويأتى السؤال هل تصبح المرأة فاشلة أسرياً إذا نجحت فى مجال العمل أو في أي مجال آخر إذا كانت زوجة وأم ؟ وهل بالضرورة لتنجح المرأة كزوجة ان تتفرغ تماماً لرعاية أسرتها..؟

أن المرأة الناجحة في عملها، ناجحة أيضا في بيتها لأن نجاحها هذا يشعرها بكيانها ويمنحها الثقة بنفسها وينعكس ذلك تالياً على أطفالها حيث تغرس فيهم بذرة الثقة في أنفسهم ليشبوا وهم أكثر صلابة في مواجهة المشكلات، وذلك على اعتبار أن فاقد الشئ لا يعطيه فإذا شعرت الزوجة أنها تابع لن تستطيع أبدا أن تعلم أولادها الاستقلالية والاعتماد على النفس، وذلك عكس الأم العاملة التي تمنح أولادها الفرصة للاعتماد على النفس والسير في طريق النضج بسرعة، وللأسف هناك كثير من الأمهات يؤمن بأن رسالتهن وأهدافهن في الحياة هي تربية أبنائهن، وأن هذه الرسالة تنتهي بانتهائهن من تربيتهم وخروجهم من البيت مـستـقلين بحياتهم، وتعتقد أنها بذلك تمنحهم الاهتمام والرعاية .

المساواة بين الرجل والمرأة

يترتب عن هذا الواقع الكثير من النتائج الإيجابية و والعواقب السلبية فهناك من يتقبل هذا الواقع ويرحب به وهناك من يهاجم نجاح المرأة وفكرة تفوقها على الرجل وهذا ما يدفع نسبة من الرجال الى الغيرة من المرأة وليس عليها. 

أن غيرة الرجل من كفاءة المرأة هو نوع من الغيرة اللاشعورية لأنه لايزال يعيش حبيس أفكار وعقليات الماضي بالنسبة لوضع الرجل في المنزل والحياة الزوجية وليس هو المسؤول الأول عن ذلك، فالرجل يقضي طفولته وشبابه محاطا بتقاليد قديمة تؤمن أن المرأة كائن أقل قيمة لذلك يوجد لدى الرجال شعور دائم بالتفوق لمجرد كونه رجلا ويكره أن تتفوق عليه المرأة في أي مجال ، وهو في الغالب يحجم عن الارتباط بالفتاة الطموحة أو الناجحة في عملها ويفضل المرأة الضعيفة لأنها ترضي غروره وتشعره دائما أنه الأفضل. ولكن نسبة كبيرة من الرجال تعتبر أن المرأة العاملة فخر لزوجها فيؤيّدون (الرجال) اي امرأة طموحة تسعى للأحسن في مجال العمل والدراسة وعلى الزوج أن يشعر فخراً بالمرأة ذات الطموحات العملية لأنها لا ترتقي بنفسها فقط بل بأسرتها أيضاً..

كلمة أخيرة: القناعة وحسن الإختيار وعدم التسرع في اختيار الزوج المناسب بغض النظر عن العمر , فالأساس هو النية في الزواج هل هو زواج مصالح مادية ام هو زواج تكافؤ الفرص لتكوين عائلة تساهم في بناء مجتمع سليم؟! إن الزواج الناجح هو الزواج الذي يحقق الأهداف الرئيسية لعلاقة الرجل والمرأة، ويتضمن ذلك الإشباع النفسي والجسدي والروحي والاجتماعي.

زينب سعد

Script executed in 0.19482898712158