انها حكومة دياب التي تعمل من "قلب ورب". الحكومة التي اتت في ظروف استثنائية جداً فما لبثت ان وضعت اولى خطواتها الى ان جاءت ظروف استثنائية اكثر من التي سبقتها لتواجهها ولكن "حكومتنا" قبلت المواجهة بصدر رحب وتعمل ليل نهار، في أيام العمل والعطلة لتواجه وباءاً حط رحاله على العالم اجمع ولم تستطع أقوى الدول مواجهته ولكن دياب وحكومته فعلوا ذلك ويفعلون كل يوم لئلا يتربص ذلك المتطفل بالشعب أغنياء وفقراء، مواطنون وحكام.
اذا اردنا ان نصنف عمل الحكومة حتى الآن فما يمكن قوله ان هناك وزارات اثبتت فعاليتها بحق وأبرزها الصحة والعدل والاعلام وهذا ما لم نعتاد عليه كما ان هناك مواقف تُحترم.
لم نعتاد على أخذ حقوقنا وأقل ما نستحقه وصار الواجب بالنسبة لنا انجاز يجب ان نقدر من قام به وهذا ما يحصل اليوم مع هذه الحكومة.
ولكن منذ أيام جاء ما يعكر فرحتنا بحكومة من المفترض اننا ولبنان بشماله وجنوبه، بسهله وبمرجه أيضاً اولويتها وذلك اعلانها بأن العمل في مشروع سد بسري مستمر حتى اشعار آخر، حتى النهاية.
وللتذكير فإن مرج بسري الواقع بين الشوف وجزين هو أحد الحمى الطبيبعة الستة المتبقية في لبنان وهو من اهم الاودية كذلك.
كما يحتوي مرج بسري على 15000 شجرة صنوبر، 25000 شجرة ليمون، وشجر جوز وزيتون وصنوبر وافوكادو وكل أنواع الأشجار المثمرة، كما انه يعيش فيه القط البري الاوروبي والطبسون وغيرها من الحيوانات المهددة بالانقراض ويعتبر ثاني أهم استراحة للطيور المهاجرة في لبنان. كما ان الآثار كثيرة في بسري منها كنيسة مار موسى والقلعة الرومانية الأثرية بين ملتقى النهرين والباروك وجزين، وعدد من النواويس وكنيسة سيدة بسري العجائبية، وهي كانت محطة في رحلة النبي عيسى (ع) وايضا هناك شلالات ومناظر طبيعية خلابة.
اذا اردنا العودة الى معارضة المواطنين للسد الذي تنوي الدولة اللبنانية انشاءه حيث تنفذه وزارة الطاقة عبر مجلس الاعمار والانماء بتمويل من البنك الدولي فهو لأسباب كثيرة أبرزها انه يهدد بتحرك زلزال مدمر لجزين والشوف وكل لبنان، يجر مياهاً ملوثة ومسرطنة من بحيرة القرعون الى بيروت، مخالف للقانون عبر دراسة الأثر البيئي والتنوع البيولوجي، يقضي على 10 مليون متر مربع من الأراضي الزراعية، يقطع اكثر من 300 ألف شجرة وهذا كله يهجر قرى بأكمها ويحمل الشعب اللبناني دين بـ 1.2 مليار دولار ديون.
وما يجب الانتباه له ان 40 بالمئة من مياه السد والتي من المفترض أن تصل إلى بيروت ليشرب منها السكان من نهر بسري، بينما 60 بالمئة منها من سد القرعون، حيث يلتقي مصدرا المياه في محطة التكرير في صيدا، وهناك سيتم تكريرها، إلا أن مياه سد القرعون ملوثة بالسيانوبكتيريا السامة (نوع من الطحالب) ولن تستطيع محطة التكرير التخلص منها.
وفي حديث لـ "موقع بنت جبيل" مع منسق "الحملة الوطنية للحفاظ على مرج بسري" رولان نصور للاطلاع على رأيهم في قرار الحكومة في هذه الأوضاع الدقيقة التي يمر بها لبنان أكد ان هذا القرار نتاج ضغط سياسي بحث وضغط من البنك الدولي من جهة أخرى.
وأضاف ان المبلغ المرصود من الأفضل ان يتم تجهيز مستشفيات به ودعم العائلات المحتاجة والأكثر فقراً والعمل على خطط بيئية وزراعية لتعزيز الأمن الغذائي في هذه الأوضاع الصعبة التي يمر بها العالم أجمع والتي هي أولوية اليوم وليس اهدارها على مشروع لن ينجح بالتأكيد وذلك بالنظر اليه علمياً.
وقال نصور: "لو اليوم المتعهد عم يشتغل كان شافنا عالأرض الحجر الصحي مش رح يمنعنا ونحن بصدد خطوات تصعيدية قريباً والمشروع لن يمر ولو بالقوة".
كما لفت ان دراسة الأثر البيئي انتهت صلاحيتها ويجب إعادتها وان اذا كانت الحجة بالاستملاكات التي دفع ثمنها فيمكن استغلال هذه الاراضي بتحسين الزراعة.
اليوم، من الأفضل أن نخسر ٧٥ مليون دولار وبالتأكيد نحن نخسر كل يوم أكثر من ذلك بسبب الفساد والهدر والسرقة والسياسات الفاشلة بدل أن نستدين مباشرة ٧٠٠ مليون دولار إضافية مقابل مشروع سيفشل حكماً وسيؤدي الى دمار شامل لأجمل المناطق الطبيعية في لبنان وهجرة لناس أحبت هذه الارض وأعطتها من عمرها وتعبها وزرعت أحلامها هناك وانتظرت ان تثمر لا ان يأتي قرار من من لم يتعب بهذه الأرض ولم يعرف عنها شيء ليمحوها وكانها لم تكن.
واذا أردنا ان نردد كما ما قالت فيروز "بتسأل شو بني وشو اللي ما بني"...الجواب واحد هو انك يا لبنان كل اللي بني والمفترض انه جوابك ايتها الحكومة فلو لمرة لا تخيبي ظننا بك وأنقذي مرج بسري من فك المتعهدين والسياسة والأحزاب والسلطة التي افقرت البلد واتركي لنا أملا واحداً كي لا نهاجر ونترك أرضنا وترابنا كما فعل الكثير من شبابنا وبقي القليل ينتظر، حافظي على القلة لنزداد لا لننقرض كما انقرضت ثرواتنا واحلامنا واليوم "مروجنا" وأشجارنا، حافظوا على الفسحة الخضراء المتبقية لنا واتركوا لنا حرية الهرب لها كلما خنقتنا المدن وسياساتكم، اسحبي القرار وواجهي الجميع كما واجهت الوباء وكل من لم يعجبه عملك، انه الوقت الأنسب، الانتظار ليس في صالحنا.
