لفت المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، عن سببه زيارته الكويت، إلى "أنّني أحمل رسالة من رئيس الجمهورية ميشال عون، إلى أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، للاطمئنان على صحّته والدعاء له بطول العمر". وأوضح أنّ "الرسالة هي للاطمئنان، ومحاولة لإيجاد مخارج للاشتراك بين الكويت ولبنان، للمساعدة في الخروج من الأزمة الماليّة والاقتصاديّة الّتي يمرّ بها". وعمّا إذا كانت من نتائج للزيارة، أعرب عن اعتقاده أنّ "الجميع سيعود إلى أمير الكويت ليكون هو الفيصل بما طلبنا واقترحنا من مخارج مشتركة، ونأمل أن تكون النتائج كما يشتهي اللبنانيّون".
وأكّد في حديث إلى صحيفة "الراي" الكويتيّة، أنّ "لبنان يمرّ بمصاعب في الوقت الحاضر، ولم نجد بداً من زيارة الكويت، ليس طلبًا للمساعدة ونحن نعلم جيّدًا ظروف الكويت وما تمرّ به خصوصًا في ظلّ جائحة "كورونا" الّتي تؤثّر على كلّ الدول، ولكن في إطار نقاش بعض الأفكار المشتركة الّتي تُساعد على الخروج من هذه الأزمة"، مبيّنًا "أنّنا نعلم أنّ الكويت على مدى التاريخ لم تُقصّر تجاه لبنان وتجاه الشعب اللبناني. والكويت، كما ذكر رئيس مجلس الوزراء الكويتى الشيخ صباح خالد الحمد الصباح في اللقاء، وقفت إلى جانب لبنان في الأزمات الّتي مرّ بها منذ التسعينيات، ونحن وجدنا بالكويت ملجأً للإعراب عن همومنا وقلقنا على مستقبلنا ومستقبل لبنان، واستقراره".
وعن الخطوط العريضة للحلول المطروحة للخروج من الأزمة الاقتصاديّة، ذكر اللواء ابراهيم "أنّني تركت الموضوع بيد المسؤولين الكويتيّين، وأصبح أمانةً لديهم، وأستطيع أن أقول مثلًا أن تكون عقود بيع محروقات بين الكويت ولبنان، وهي عقود حكوميّة بين الدولتين بشكل مباشر. نحن نريد أن نشتري من الكويت كلّ ما نحتاجه في هذا الصعيد مئة في المئة من دولة لدولة، بعيدًا عن الوسطاء والشركات الّتي تريد الربح، وهذا حقّها. ولكن لبنان لم يعد بوضع مالي يسمح له بإعطاء جهة تمرير العقود من خلال الشركات وأحد البنود هو شراء المحروقات".
وكشف "أنّنا أخذنا وعودًا بنقل الطلبات لأمير البلاد، لأنّه هو الفيصل الّذي سيأخذ القرار النهائي بهذا الجانب، والموضوع تجاري بحت، وآمل ألّا تكون هناك عوائق تقف أمام إتمام هذا المشروع". وعمّا إذا تمّ البحث بأمور أُخرى غير المحروقات، نوّه إلى أنّ "الكويت مدعوّة للاستثمار في لبنان، وهناك جوانب أُخرى قد لا يكون من المفيد التحدّث عنها، ولكن سنتكلّم عنها لاحقًا".
وشدّد على أنّ "اللبنانيّين يعانون من عدم القدرة على تحويل أموال إلى الخارج"، مشيرًا إلى أنّ "كلّ الدول الّتي مرّت بأزمات ماليّة في أوروبا أو العالم العربي، اتّخذت إجراءات لإعادة العافية بالسرعة الممكنة إلى القطاع المصرفي، مثل اليونان وقبرص اللتين تلقّيتا مساعدات من الاتحاد الأوروبي، وأعادتا عجلتهما الاقتصاديّة خلال 5 سنوات. نحن ملجأنا الوحيد الّذي يساعدنا على الخروج هي الأمة العربية، وليس لدينا خيار إلّا أمتنا العربية، وأتمنّى أن نجد كلّ الأبواب العربية مفتوحة".
وعن تأثير العقوبات الأميركية على سوريا في إطار ما يُعرف بـ"قانون قيصر" الّذي دخل حيّز التنفيذ الشهر الماضي وانعكاساتها على الوضع في لبنان، رأى ابراهيم أنّ "قانون قيصر" له انعكاس كبير جدًّا على لبنان مع الأسف، فنحن كنّا نستجرّ نحو 270 ميغاواط كهرباء من سوريا لتغطية المناطق الشماليّة في لبنان والبقاعيّة الّتي هي على الحدود مع سوريا، والآن "قانون قيصر" يؤثّر على ذلك ويمنع هذا الموضوع. كما أنّنا كنّا نصدّر جميع المنتجات الزراعية لدول الخليج والأردن، وسنرى مع الأميركيين هل سنستمر في هذا الموضوع أم سيعتبرون موضوع الضرائب الّتي تدفع كـ"ترانزيت" عبر الأراضي السورية تمويلًا للخزينة السورية، الّتي هم يقطعون عنها أي تمويل".
وفي شأن الجدل حول المعابر بين لبنان وسوريا، ركّز على أنّه "ليس جدلًا، بل هو موضوع "كورونا" فقط الّذي قطع الحدود، ولكن نحن كلّ ثلاثاء وخميس من كلّ أسبوع نفتح الحدود للمضطرّين بين الحدود، وخصوصًا اللبنانيّين الّذين يقصدون لبنان من سوريا وللمقيمين السوريين للتنقّل". وعمّا إذا كان هناك تصويب سياسي تجاه موضوع المعابر، أكّد أنّ "هناك استهدافًا سياسيًّا لأي شيء في لبنان، فنحن نعيش في عالم وسائل التواصل الاجتماعي، وكل فرد له حرية التعبير عن رأيه بالطريقة الّتي يراها مناسبة، ونحن نسير في مصلحة لبنان، ونأخذ رأي الناس بالاعتبار؛ وفي النهاية هناك مصلحة عليا تحكم أي تصرّف".
وعمّا إذا كان الاستثمار الكويتي في لبنان مُفيد في ظلّ هذه الظروف، ركّز ابراهيم على أنّ "الكويتيّين لم يشعروا أنّهم كويتيّون في لبنان، بل لبنانيّون في لبنان، والتاريخ يشهد على ذلك. وأعتقد أنّ ظروف الاستثمار متوافرة بكثرة وفي قطاعات عدّة بعد هذا الركود الاقتصادي، كنا أعتقد أنّ الفرص مفتوحة أمام المستثمرين الكويتيّين بشكل كبير في بلدهم الثاني لبنان". وعن حجم الأزمة الاقتصاديّة في لبنان، شرح أنّ "لدينا أزمةً ماليّةً، وهذا أمر ليس خافيًّا على أحد، وأتت أزمة "كورونا" لتزيدها، وتكون أزمة على أزمة. وإذا أردت أن أفصّل بأسباب الأزمة فهناك سوء في الإدارة تاريخي في لبنان، وهناك عامل دخل على المستوى الوضع المالي والاقتصادي وهو نزوح مليوني سوري من سوريا إلى لبنان، نتيجة الأحداث الّتي تجري في سوريا، وكان لهذا النزوح وقع اقتصادي كبير، وأعداد النازحين تعادل ثلث سكان لبنان، بالإضافة إلى الإخوة الفلسطنيّين".
وذكّر بأنّ "لبنان يدعم المحروقات والأدوية والمواد الغذائيّة من خزينة الدولة، وهذا الدعم تستفيد منه هذه الشريحة من النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، الّذين تُقدّر أعدادهم بنحو 2.5 مليون شخص؛ وبالتالي تسبّب هذا الأمر بأعباء كبيرة على الخزينة وأصبح لبنان في هذا الوضع الحرج". وعمّا إذا كان توجّهه إلى الخارج في إطار البحث عن حلول للأزمة، يشمل الكويت فقط، أفاد بـ"أنّني بدأت بمروحة اتصالات، من العراق إلى قطر، إلى أن سمحت ظروف جائحة "كورونا" بزيارة الكويت، وأنا قد طلبت موعدًا سابقًا، ولكن بعد أن فتح المطار في بيروت وأصبح التنقّل متاحًا، قصدتُ الكويت، ونتمنّى أن تحذو جميع الدول العربية حذو الكويت وقطر والعراق في استقبال أيّ موفد لبناني، لتتمّ معه مناقشة الهموم والمصاعب الّتي تواجه اللبنانيّين".
وحول الحلول للأزمة اللبنانيّة غير الاتجاه إلى الخارج، توقّع ابراهيم "إذا جرت الأمور كما تكلّمنا عنه، وأصبحت التبادلات التجاريّة بين الدول قائمة، فإنّ ذلك يوفّر فاتورةً كبيرةً على الشعب اللبناني، ثم إنّ المجتمع الدولي مُجبر على مساعدة لبنان نتيجة تحمّله الأعباء الماليّة الناتجة عن النزوح، وهذا موضوع دولي وليس لبنانيًّا. لبنان يتحمّل أعباءً ماليّةً كبيرةً نتيجة نزوح الكثيرين، والرئيس عون زوّدنا بالأرقام، وهناك 25 مليار دولار صُرفت نتيجة أزمة النزوح من بنى تحتية ومدارس وصحّة ومساعدات وغيرها؛ لذلك على المجتمع الدولي تحمّل مسؤوليّته، وألّا يَترك لبنان يواجه هذه العواصف وحيدًا".
كما أشار إلى أنّ "هناك محادثات بين "صندوق النقد الدولي" ووزارة المالية اللبنانية، بغية الاقتراض من الصندوق لتسيير أمور الدولة. ونحن الآن نبحث عمليّة الاقتراض وإجراءات الشروط"، لافتًا إلى أنّ "الشروط لم تظهر بعد، هم يتكلّمون عن إصلاحات والحكومة عازمة على القيام بتلك الإصلاحات، وبدأت في جلستها الأخيرة بالقيام ببعض الإصلاحات الّتي لها علاقة بقطاع الكهرباء، وعازمة على استكمال البنود الإصلاحيّة".
وعمّا إذا كانت الخلافات بين الفرقاء اللبنانيّين تعطّل الإصلاحات، أعرب عن اعتقاده أنّ "مصلحة لبنان العليا تغلب الجميع، وفي لبنان الخلافات الديمقراطيّة والاختلاف في وجهات النظر من أُسس الحياة البرلمانيّة والديمقراطية. وإنّما بالنهاية هذا التفاعل الديمقراطي مطلوب، وبالتالي أن يكون هناك رأي ورأي آخر".
أمّا بموضوع الترتيبات لاستقبال السياح الكويتيّين، فشدّد ابراهيم على أنّ "السفير الكويتي في بيروت مهتمّ إلى أبعد الحدود بهذه الموضوع، وقد كان له في هذا الإطار لقاء برئيس مجلس النواب نبيه بري، ثمّ زارنا في المكتب واتّفقنا على بعض التفاصيل، ولم يشعر أيّ كويتيّ في لبنان وبشهادة المسؤولين الكويتيّين أنّه غريب في لبنان، ولم يتمّ اعتراض أيّ كويتيّ على أنّه كويتيّ، ونحن نتعامل مع الإخوة العرب على أنّهم لبنانيّون، فكيف بالأخص الكويتي؟". وأعلن "أنّني شخصيًّا بعد اتصال تلقّيته من بري، وبعد أن تكلّمت مع الرئيس عون ورئيس الحكومة حسان دياب، أعطيتُ تعليمات لتقديم كلّ التسهيلات الممكن الحصول عليها، وتمييز الكويتيّين لتسهيل أمورهم والدخول من المطار من دون أي عوائق، وكلّفت فريق عمل وأنشأنا غرفة عمليّات لتلقّي أي شكوى من أي وافد من أي دولة خصوصًا من الكويت".
وردًّا على ما إذا كانت الظروف آمنة للسياح الكويتيّين، قال: "أهلًا وسهلًا بالسياح الكويتيّين، وعلى مسؤوليّتي، وهذا إعلان خطير وأقول أهلًا وسهلًا، فالظروف الأمنيّة ممتازة ولا يوجد أي مشاكل أمنيّة ولكن هناك حراك شعبي في لبنان يقوم ببعض المظاهرات بين الحين والآخر، وإغلاق الطرقات، إلّا أنّ الكويتيّين معتادون على اللبنانيّين، وهم أصحاب أملاك وبيوت مثل اللبنانيّين في بيوتهم، وأكيد الإخوة الكويتيّون لن يواجهوا مشاكل وهم أمانة في أعناقنا".
للمتابعة من المصدر: غانم السليماني - الراي