أخبار بنت جبيل

على جنبات الأدراج تغفو أجمل ذكريات طفولتنا

كتب عدنان بيضون
ربما يكون الشاهد اليتيم المتبقي، على رونق تراث الأبنية القديمة وفرادتها وجمالها. كان جدي لوالدتي، السيد محمود جمعة وإخوته وأبناؤهم من أشهر البنائين الذين قامت على سواعدهم جل بيوت بنت جبيل وقرى مجاورة وأحيانا بعيدة.أدراج هذا المطلع كانت معبرا يصل بين الطريق العام وأحد الأحياء المرتفعة. صعودا علي يمين الصورة نافذة وباب مخزن " الطوبار " الخشبي وعدة البناء . المسافة بين أول درجة ومدخل البيت ، ثم صعودا إلى " الشارع الفوقاني "، أحد روافد حي المحيريق كانت ،زمن طفولتنا، تقاس ببضع غمضات من العيون. على جنبات الأدراج تغفو أجمل ذكريات طفولتنا ومطالع شبابنا. وفوقها بصمات أقدام الفتية التي حفظ القلب مواقعها وناب عن العين في تلمس أسطحها . في أعلى الدرج كان جدي، السبعيني آنذاك ،يتربع على " "عرشه" بوجهه الوضاء وعينيه المائلتين إلى الخضرة ،وجسده الضخم ويرتشف أكواب الشاي بعد وجبة دسمة ويوم عمل طويل. وكنا نحن أحفاده الذين نعصى على الإحصاء ،نركن أجسادنا الطرية في ظل لحيته البيضاء ونرمق بشغف جيب شرواله العربي الذي يؤوي فيه دراهم معدنية، منتظرين بلهفة أن يتلمسها كف يده المنتفخ الخشن، من كثرة معاشرة القدوم ولَيِّ الحديد، لإخراج قطعة منها و التوجه إلى أحدنا : " خوذ يا جدي"، فنطير فرحا ،و تختزل أقدامنا الأدراج هبوطا الى دكان داود التابع للمبنى لنشتري بقروش جدي العشرة (او الخمسة والعشرين ، إذا حالفنا الحظ) سكاكر أو حلوى.

 

لمتابعة أخبار مدينة بنت جبيل عبر واتساب: اضغط هنا