سياسة ومحليات

تفاصيل كارثة عكار... فتشوا عن التجارة والتهريب والغطاء السياسي (الأخبار)

تحت عنوان "تفاصيل كارثة عكار... فتشوا عن التجارة والتهريب والغطاء السياسي" كتبت نجلة حمود في الأخبار:

وقعت الفاجعة. المحافظة المحرومة من المحروقات أُحرقت. من تسولوا المحروقات على أبواب المحطات للتمكن من الوصول الى أعمالهم، تحولوا إلى جثث متفحمة. فجر عكار الدامي الحزين و رائحة الموت طغت على كل شيء، وتحول أمل المواطنين بتدخل الجيش اللبناني للكشف على المستودعات إلى كارثة مؤلمة تجر وراءها خيبات الأمل وصيحات الوجع، إما لفقدان عزيز تطايرت أشلاءه، وإما وجعاً من الجروح البليغة التي شوهت الروح قبل الجسد.
مشاهد الحريق مؤلمة، أطفال وشبان وثقوا يحترقون وصيحاتهم مدوية من دون أي إمكانية للتدخل، ومن نجا، نجا بالصدفة جراء تطايره بعيداً بسبب قوة الانفجار التي عصفت بالمكان.

هي عكار المحرومة من الأمن قبل كل شيء. هي عكار التي ناشدت منذ عام الدولة التدخل والضرب بيد من حديد لمنع الاحتكار، ومراقبة التجار، وفتح الطرقات والعمل على منع إذلال الأهالي يومياً. هي عكار التي إستشعرت الخطر قبل أشهر وبدأت تقترب من النار شيئاً فشيئاً، إلا أن أحداً لم يرد أن يسمع. هي عكار التي تشهد بيانات بالجملة والمفرق، وعبارات الاستنكار من دون جدوى. هي عكار التي باتت تحت سيطرة المجموعات المسلحة التابعة لجهات سياسية معروفة من دون خجل أو حياء. هي عكار التي يدخلها يومياً أطنان من المحروقات، فلا تجد طريقها إلا عبر الحدود من دون أن تمر بأهلها المحرومين الباحثين عن شمعة تنير ليلهم المظلم. هي عكار التي يتبادل مواطنوها الاتهامات السياسية من دون ضوابط ويتقاسمون الفقر والجوع والحاجة بصمت وخزي.

في تفاصيل الحادثة المروعة، أن إنفجاراً وقع في خزان يحتوي على مادة البنزين في بلدة التليل، تعود ملكيته لمتعهد يدعى (ج، ر)، وذلك عقب تجمع الأهالي من البلدات المجاورة لتعبئة البنزين من المستودع المموه الذي كان «ثوار عكار» والبيرة تحديداً، قد كشفوا عنه بعد ظهر أمس وتم بث مشاهد مباشرة من الموقع وحضرت قوة من الجيش في حينه لمعالجة الامور.
وبحسب المعلومات المتداولة، عمد الجيش الى سحب كميات لم تحدد، يرجح أنها بين (20 إلى 30 ألف لتر) من البنزين من الموقع المذكور، وبعد مغادرة الجيش المكان ليلاً، حصل تدافع كبير من قبل بعض الشبان لتعبئة ما تبقى من البنزين في غالونات. وبحسب رواية الجرحى، أن أحد الشبان هدد بأنه سيشعل قداحة سجائر عقب خلاف نشب بينهم. وعند محاولة أحد الاشخاص ثنيه عن الأمر سقطت الولاعة أرضاً، ووقعت الكارثة.

وفي معلومات خاصة لـ «الأخبار»، تبين أن المخزن المكتشف يديره ع. ف. من بلدة خط البترول في وادي خالد، ومحسوب على أحد نواب المستقبل، وهو موقوف منذ 4 أشهر بجرم التهريب. ويعمل ع.ف. مع صاحب الأرض ج. ر. المعروف بجورج الرشيدي.

أشلاء وجثث متفحمة، وجرحى تئن من حروقها البليغة، جرى نقلها فجراً إلى مستشفيات عكار وطرابلس، وبعض مستشفيات بيروت التي تتضمن أقساماً للحروق.

ثوان كانت كفيلة بتحويل شبان وأطفال من بلدات الدريب الأوسط، (الدوسة، وخربة شار، تل عباس، الكويخات، عين الزيت... ) الى ذكرى أليمة سيصعب على عائلاتهم محوها من الذاكرة الممتلئة بالبؤس والفقر وتوجت بالقهر لفقدان فلذات أكبداهم ورؤيتهم جثثا متفحمة. فماذا بعد؟ وكم خزان مشابه تحتوي المحافظة؟ ومن سيردع المحتكرين؟ وأين دور القضاء والمؤسسات الأمنية التي تركت موقع الخزان وإنسحبت؟ وكيف يمكن ترك مكان بهذه الخطورة من دون إشارة قضائية للتصرف بالكميات الموجودة؟

وفي محصلة صباحية شبه نهائية لعدد ضحايا انفجار الخزان، بلغ حتى الان 20 ضحية إضافة الى 80 إصابة بعضها حرجة للغاية.

وعقب الحادثة عمد الأهالي وتعبيرا عن غضبهم وسخطهم من صاحب المستودع الى إحراق عدد من الآليات المتوقفة على بعد أمتار أمام منزله الكائن بالقرب من موقع الانفجار.
 

(جريدة الأخبار)