إلى هنا وانتهى مشوار العمر بعدما كللته بمواسم الخير والإلفة. رحلت أم ياسر تاركة أحبة ينهلون من ذكريات الأمس كل ما أفرح قلوبهم، ليبكيها اليوم. أحبة يستذكرون كرمها الذي غمر قلوبهم فكان مصدر دفء في الأيام الباردة. ويفتقدون بيتها الذي حضن أغلب الطلاب اللبنانيين في العراق، حيث كانت بطيبتها تعود بهم إلى البلاد كلما هبّت نار الحنين. كانت نعم الأمهات ورفيقة الدرب الطويل الذي أسست به أجمل العائلات. عائلة فرقتها الغربة وجمعتها المحبة. وهي التي سهرت طويلاً كي تزرعها في قلوب أبنائها وبناتها، فأثمر زرعها خيراً كثيراً. بالدمع والحسرة ودعها الأهل والأحبة في بنت جبيل حيث وريت الفقيدة ثرى المدينة التي أحبت. غادرت أم ياسر في أول الشتاء، لتمطر عيون الأحبة فصولاً طويلة، فهي "أم الكل" والأمهات لو عشن أبد الدهر يبقى لفراقهن وجعاً يفوق كل ما تركوه على دروب الصبر والتضحية والمحبة. عزّ الفراق اليوم يا أم ياسر ولكن لك في قلوب كل من عرفك بيتاً تحرسه ذكرياتك الهانئة وضحكتك الهادئة.
بنت جبيل.أورغ