يناضل "أبو حاتم" صيداوي كل يوم وطوال ساعات النهار، ليؤمن قوت يومه وعائلته المؤلفة من زوجته وثلاثة أبناء وحفيد، في ظل اسوأ أزمة اقتصادية تئن تحت وطأتها العائلات الفقيرة والمتعففة، وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" من تأثيرها على الأطفال بشكل تدريجي حيث تتسبب بالجوع وتدهور الرعاية الصحية.
منذ ربع قرن و"ابو حاتم" يجول في شوارع مدينة صيدا على دراجة هوائية بثلاث عجلات يبيع القهوة، بات حاضراً في تفاصيلها اليومية، لديه الزبائن والاصدقاء والمعارف، ولكنه اليوم اضطر الى تبديل عمله ليجمع الخردة، لم يعد قادراً على شراء تكاليف البن وملحقاته من جهة، فيما عدد الزبائن تراجع كثيراً مع ارتفاع سعر فنجان القهوة الذي بات بنحو الفي ليرة ومن الكماليات.
يقول أبو حاتم لـ"نداء الوطن": "اشعر بالاسى والحزن، لانني أجبرت على العمل في جمع الخردة بدلاً من بيع القهوة نتيجة الظروف المعيشية الصعبة، انه عمل لا يحتاج الى كلفة مادية بل يعتمد على الجهد الشخصي، ولكن حتى هذا العمل بات مدخوله قليلاً نتيجة كثرة العاطلين عن العمل الذين اضطروا الى جمع الخردة من الحاويات لاعالة عائلاتهم بدلاً من الحاجة وذل السؤال".
ويضيف "ان جمع الخردة عمل مرهق ومحفوف بالكثير من المخاطر الصحية وخاصة مع تفشي وباء "كورونا"، لكن لا مفر منه اذا اراد الانسان العيش بكرامة، واجد صعوبة بالغة فيه، اذا لا استطيع العمل الا في ساعات النهار، لان نظري ضعيف ولا استطيع الرؤية الا بعين واحدة وبنسبة 20% فقط، بينما جمع الخردة يكون مع ساعات المساء".
ولا يخفي "ابو حاتم" ان مردود هذا العمل غير كاف، "لاننا نبيع الخردة بأسعار بخسة قياساً على الغلاء الذي نعيشه ارتباطاً بالدولار الاميركي وصاحب جمع الخردة يبرر بأن عليه مصاريف كثيرة من اشتراك المولد الى النقل والعمال وغيرها، نحن سواء في المعاناة. نمط الحياة تغير كلياً، تشعر ان كل شيء بات من الضروريات وليس الكماليات. هل يعقل ان يعيش الانسان في القرن الحادي والعشرين على الشمعة بدلاً من الكهرباء او اشتراك المولد، وهل يعقل ان يعزل نفسه وينقطع عن الناس من دون الهاتف والانترنت، يكفي وباء "كورونا" والحجر، ويكفي ان اللحوم والدجاج والاسماك لم تعد تدخل البيت"، قبل ان يقسم بالله بأنه لم يفعل ذلك منذ اشهر "حتى البطاطا بالكاد نؤمنها كوجبة رئيسية في اليوم".
لقراءة المقال كاملاً: محمد دهشة - نداء الوطن