كتبت صحيفة الجمهورية:
مع انتهاء العام 2021، يمكن القول ان لبنان واجَه خلال هذه السنة معاناة مالية واقتصادية قاسية. ولعل المحطات الاساسية التي طبعت الوضع يمكن اختصارها بالنقاط التالية:
أولاً - انتهاء زمن الدعم، بحيث ارتفعت اسعار السلع بنسب مئوية هائلة، وتراجعت القدرة الشرائية للمواطنين الى مستويات غير مسبوقة.
ثانياً - هطلت التعاميم عن مصرف لبنان مثل زخات المطر. واحيانا كان يصدر التعميم ثم يليه تعميم آخر لتصحيح ما أفسده التعميم السابق. لكن أشهَر التعاميم التي حفظها المواطن، هي 151، (سعر السحب)، 154 (اعادة رسملة المصارف)، 158 (اعادة الودائع الصغيرة)، 161 (سحب الودائع والرواتب بالدولار الطازج).
ثالثا - استمرار ارتفاع اسعار صرف الدولار بالوتيرة نفسها تقريبا لما جرى في العام 2020، حيث بدأ العام 2021 بسعر دولار يقارب الـ8 آلاف ليرة وانتهى بسعر قريب من الـ28 الف ليرة.
رابعا - انهيار القطاع الصحي بسبب الأزمة المالية، حيث اصبح المواطن مكشوفا صحيا، اذ لم يعد الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي قادراً على تغطية التزاماته، وبات اللبناني عاجزا عن دخول المستشفى، الا اذا امتلك قدرات مالية ذاتية تسمح له بذلك.
هذه المحطات القاتمة التي شهدها العام 2021، هل ستستمر في العام 2022؟ وما هي القراءات التي يمكن استخلاصها من المؤشرات؟
يوضح خبير اقتصادي لـ"الجمهورية" ان لبنان سيكون امام مفترق طرق في هذا العام الذي يُفترض ان يشهد استحقاقين اساسيين يقرران مصيره. الاستحقاق الاول يرتبط باستكمال المحادثات مع صندوق النقد الدولي والوصول الى اتفاق على برنامج يموّله الصندوق للتعافي. والثاني يرتبط بالانتخابات النيابية، التي قد تُحدِث تغييراً ما في المشهد السياسي.
يضيف المصدر نفسه، ان البلد سيكون امام احتمالين متناقضين في العام الجديد. اذا جرت الانتخابات النيابية في موعدها، واذا تمّ التوصّل الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، فهذا يعني ان مسيرة التعافي بدأت، وسنكون في مرحلة صعود ولو بطيء من الحفرة في اتجاه النور. وهذا يعني أيضاً انّ سعر صرف الدولار، والمالية العامة للدولة، والوضع الاقتصادي برمّته سيكون في حال افضل من العام 2021. أما اذا حصل العكس، ولم تجر الانتخابات النيابية، وفشلت المفاوضات مع صندوق النقد في التوصّل الى اتفاق، فهذا سيقود البلد الى كارثة كبيرة والى ما يتوافق على تسميته الارتطام الكبير، حيث سيصبح سعر الدولار متفلتاً وبلا سقف، وسيكون الوضع الاجتماعي برمّته قابلا للانفجار، ولا احد سيضمن الى اين سيقود مثل هذا الوضع غير القابل للضبط.
المصدر: الجمهورية