سياسة ومحليات

دفنوا في اسكندرون.. شقيق ابراهيم خلف المتقاعد في الجيش اللبناني الذي قضى وعائلته في زلزال تركيا: "كان يريد أن يؤمن لعائلته ما حُرم منه في لبنان حيث بات راتبه التقاعدي يساوي 70 دولاراً"

تحت عنوان "وفاة عائلة لبنانية في زلزال تركيا: دفن الجثث في اسكندرون... "مات الحلم"" جاء في النهار:

لم يكن ابراهيم خلف المتقاعد في الجيش اللبناني، يتصوّر أن تكون أحلامه قصيرة العمر، حمل أمنياته وما تبقى له من العمر ليبدأ حياة جديدة في تركيا. من طرابلس إلى تركيا سافر ابراهيم وكله أمل أن يكون الغد أفضل، وأن تكون الحياة منصفة أكثر بعد أن تذوّق الألم والحرمان نتيجة الأزمة التي ضربت لبنان منذ 3 سنوات.
 
لم يعد البلد قادراً على احتضان أبنائه، حاول ابراهيم جاهداً التروّي قبل أن يحسم قراره في السفر إلى تركيا للبحث عن حياة أفضل. لم تكن البداية سهلة، الوضع صعب خصوصاً عندما تكون العائلة مقسّمة بين لبنان وتركيا، لكن منذ 3 أشهر اجتمع شمل عائلة خلف قبل أن تقع كارثة الزلزال التي قضت عليهم جميعاً.
 
في 6 شباط هزّ الزلزال تركيا وسوريا بطريقة قاسية، وبين الركام والأنقاض بدأت عمليات البحث لإنقاذ الأرواح، تمرّ الساعات من دون معرفة مصائر مئات الأشخاص، ومن بينهم عائلة خلف التي كانت تقطن في مبنى من 3 طبقات سقط بكامله في لحظة. 
 
تحوّلت المنطقة المنكوبة إلى حطام، فُقدان الاتصالات وانقطاع التيار الكهربائي وسوء الأحوال الجوية، سيطرت على المشهد. ومع ذلك بقي الجميع متمسكاً بالأمل في إنقاذ أكبر عدد ممكن من الناس، وهذا ما تمسك به أيضاً محمود شقيق ابراهيم في أمل نجاته مع عائلته. تضاءلت الآمال مع مرور الوقت، فكل ساعة كانت تمر كان يخفت الأمل أكثر، إلى أن جاء الخبر المفجع في العثور عليهم جميعاً تحت الأنقاض.
 
مساعٍ كثيرة قادتها العائلة بالتعاون مع السفارة والقنصلية اللبنانية في تركيا والمعنيين لمتابعة عمليات البحث عن العائلة، وفق محمد كان "الخوف من إعلان توقف عمليات البحث وعدم العثور على جثث أفراد العائلة، فهذا سيزيد من وجعنا وحسرتنا. ولكن بعد التواصل والجهود المبذولة، عُثّر على ابراهيم وزوجته وأولاده الثلاثة تحت الأنقاض ليكتب نهاية حزينة. 
 
دفنت عائلة خلف في اسكندرون - تركيا حيث يعيش بعض من أقاربه هناك، لم يكن من الممكن نقل الجثث إلى لبنان لأسباب عديدة. 
 
يسترجع محمد الإتصال الأخير مع شقيقه ابراهيم، ويقول: "كان يتحدث مع والدتي ويحاول اقناعها للمجيء إلى تركيا في الربيع بعد أن استقر ووجد أن الحياة تضحك له من جديد. كان يخاف على والديّ خصوصاً انهما يعانيان من أمراض، ووضع الاستشفاء في البلد صعب جداً بسبب كلفة الاستشفاء الباهظة. كان يريد أن يجمع العائلة من جديد في وطن يحترم أبناءه ويؤمن لهم أدنى مقومات الحياة، وهذا ما حُرم منه ابراهيم في لبنان حيث بات راتبه التقاعدي يساوي 70 دولاراً في حين أن فاتورة المولد تفوق راتبه الشهري".
 
وجد ابراهيم أن الحياة في لبنان باتت مستحيلة، لم يعد قادراً على تأمين الحاجات الأساسية، لم يكن القرار سهلاً، لكنه حسمه وقرّر السفر بغية المحاولة في بلد آخر. وقد نجح بالفعل. وكما يوضح محمد أنه "بدأ يلمس لمس اليد أنه يمكن أن يتطور أكثر وتفتح له آفاق جديدة، وبعد أن ترقى في منصبه قرر الاتيان بزوجته وأولاده ليعيشوا معه، ويسعى إلى استكمال دراستهم بعد أن تعذّر تسجيلهم في لبنان".