كتب فؤاد بزي في صحيفة الأخبار:
مقابل 32% من النازحين لا يريدون العودة إلى سوريا نهائياً، هناك «أكثر من 56% يرغبون في العودة إلى بلادهم»، بحسب نتائج الجولة الثامنة لـ«استطلاع الآراء والنوايا لدى النازحين السوريين» الذي تجريه المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. «نقص فرص العمل»، أي العامل الاقتصادي، على رأس الأسباب التي تحول دون عودة الراغبين إلى سوريا، فيما حلّ «الوضع الأمني» في المرتبة الثانية، وتضمّن مروحة واسعة من الخيارات، منها «الخوف من الصراع الدائر، والقلق من عدم الالتزام بالقانون، والخوف من التفجيرات». وحلّ في المرتبة الثالثة «نقص الخدمات الأساسيّة وانعدام البنية التحتية»، فيما لم يشكّل «الخوف من التوقيف، والاحتجاز، أو المضايقات» قلقاً للنازحين، إذ حلّت في المرتبة السادسة. وهو ما يناقض كلّ تبريرات مسؤولي المنظمات الأممية المعنيّة بمتابعة شؤون اللاجئين السوريين، والتي ترتفع حدّتها عند كلّ «تفكير في إعادتهم طوعاً إلى بلادهم». وآخر التصريحات أتى من منظمة العفو الدولية التي رأت أنّ «إعادة النازحين إلى سوريا تعرّضهم لخطر التعذيب والاضطهاد».
طرحت المفوضية ثلاثة أسئلة رئيسية، الأول عن «الرغبة في العودة إلى سوريا خلال 12 شهراً»، والثاني حول «العودة خلال 5 سنوات»، والأخير عن «أصل الرغبة في العودة». أمّا الإجابات فبدأت بـ«كلا كبيرة للعودة، تجاوزت نسبتها الـ 93%، وفي مقابلها نعم خجولة جداً بنسبة تساوي 1.1%». إلا أنّ هذه الـ«كلا الكبيرة» لا ترتبط بالمشاكل الأمنية، أو الخوف من التوقيف، بل، بحسب المستطلعين، بـ«الحصول على فرص عمل، والوصول إلى الخدمات الأساسية، وعودة الأمن، وانخفاض معدّلات الجريمة»، وتشير النقطة الأخيرة إلى انتظار النازحين عودةً لسلطة الدولة.
وارتفعت نسبة الراغبين في العودة بشكل كبير في السؤالين الثاني والثالث، أي عند زيادة المدّة الزمنية لتحقيق العودة حتى 5 سنوات، لتتحوّل هذه النتيجة على السّؤال الأخير (الرغبة في العودة من أساسها) إلى أكثر من 40% لـ«نعم أرغب في العودة». وفي المحصّلة، تشير النتائج العامة إلى رغبة أكثر من 56% من النازحين السوريين في العودة إلى بلادهم، مقابل 32.2% لا يرغبون في ذلك إطلاقاً، مع رغبة 26% من هؤلاء في مغادرة البلدان المضيفة إلى أماكن أخرى. وتصل نسبة النازحين المتأكدين من معلوماتهم حول الأوضاع في سوريا إلى 61.5%، وهم يعتمدون بشكل أساسي لمعرفة الصورة على الأرض، على أهلهم في سوريا بالدرجة الأولى، ووسائل الإعلام السورية ثانياً.
شملت العيّنة المستطلعة حوالي ثلاثة آلاف نازح، 92% منهم يمتلكون على الأقل وثيقة رسمية صادرة عن الدولة السورية تثبت انتماءهم. ويتوزع العدد على 4 بلدان، 3 منها لها حدود مباشرة مع سوريا، العراق ولبنان والأردن، ودولة بعيدة نسبياً وهي مصر. كما يشير التقرير إلى أنّ «معظم المستطلَعين هم من الراشدين»، ويصفهم بـ«صنّاع القرار الأساسيين في أسرهم». ولم تزد نسبة اليافعين بين المستطلَعين عن 0.5%، تراوح أعمارهم بين 15 و17 سنة. وكانت الإجابة عن الأسئلة الثلاثة الرئيسية متطابقة تقريباً لدى النازحين في البلدان الأربعة، وسُجّل تدنّ طفيف في نسبة «الرافضين للعودة خلال 12 شهراً» في لبنان، إذ بلغت 91% فقط، بينما تصل إلى 97% في الأردن، فيما ترتفع نسبة «الراغبين في العودة خلال 5 سنوات» لتلامس الـ 40% في الأردن، و27% في لبنان، وتبقى هذه النسبة متدنّية في مصر، إذ لا تتجاوز الـ 6%.
وبحسب تقرير المفوضية، «يسجّل لبنان العدد الأكبر من النازحين المسجّلين رسمياً، بـ 805 آلاف نازح، يليه الأردن بـ 660 ألفاً، فيما لا يتجاوز عدد النازحين المسجلين رسمياً في مصر الـ 145 ألفاً». فيما يشير تقرير آخر إلى أنّ «أرقام الحكومة اللبنانية عن أعداد النازحين تصل إلى مليون ونصف مليون، 51% منهم أعمارهم تقلّ عن 18 سنة.
وحول أوضاعهم المعيشية في البلدان المضيفة، يؤكّد الاستطلاع على «مواجهة 71% من النازحين أوضاعاً سيئةً»، و«88% لا يكفيهم المدخول لتلبية الحاجات الأساسية لهم ولعائلاتهم». وحول الأوضاع السّيئة، احتلت «ندرة فرص العمل، والحصول على مساعدات مالية» المراكز الأولى في إجابات النازحين، فيما حلّ «الخوف من الترحيل» في المرتبة الخامسة، يتبعه «التوتر مع المجتمعات المحليّة المحيطة».