أخبار بنت جبيل

بالفيديو والصور/ حتى وأنت إلى مثواك الأخير، لم نتخيل أنك لست بيننا وروحك لا تسير خلف نعشك.. عزيز بنت جبيل "موسى بزي" إلى ثرى بنت جبيل وخلوده الأبدي مكسواً بالعلم اللبناني

هلْ كنتُم تعلمون أنَّ في بنتِ جبيل رجلاً يسعى فينثرُ البركةَ أينما حل؟ 
 
دعونا نخبركم عن موسى، عزيزُ بنت جبيل وحبيبُها. 
 
لطالما كان أولَ الواصلين، ليصبحَ اليومَ أولَ العائدين. ها هو موسى يحملُ اليومَ سرَّ موتِه، كما حملَ سرَّ حياتِه. 
 
كنا ما إن نرى موسى، حتى نعرفَ أنّ بنت جبيل ما زالَت هنا. بنت جبيل التي أحبَها وما إن خرجَ منها ضاعَ حتى الموت. 
 
كثيرةٌ هي كلماتُ الرثاءِ فيك يا موسى، كيف لا وأنت الذي كنتَ ترشدُنا نحو الواجب، ولا نرى فيك سوى الرحمة. 
 
اليومَ قسوْت على بنت جبيل برحيلِك، فجعلتَها تودعُ ذاكرتَها وحنينَها ودليلَ حبِّها مرةً واحدة.  جاءَ الأهلُ يا موسى، كل الأهل، ليردوا لك بعضًا من الجميل. لفوا نشعك بالعلم اللبناني وبمأتمٍ حزينٍ سارُوا خلفَك بانكسارٍ يا موسى غير آبهين بخطرِ الاعتداءاتِ والغارات. 
 
ودعتك الحاراتُ كلها، حارةً حارةً يا موسى، بكتْك أرصفتُها بعدما علمَت ألا أحد سيباركها بعد اليوم.  حتى حجارةُ المسجدِ الكبيرِ تسأل: أين زائري الأوفى عند كل صلاةٍ وجلسةٍ وكوبِ شاي؟ أما عن شقيقتِك هلا، فلن نحكي، أنت وحدَك تعلمُ الحكاية، تعلم أنها قطعةٌ من روحِك ومستودعُ طمأنينتِك.
 
ستفتقدُك صباحاتُ الأعيادِ وكل أذانٍ وإحياءاتُ ليالي القدر، ويتيمةٌ جلساتُ الشايِ بدونِك. 
 
نزحَ موسى للمرةِ الأولى وهو الذي لم يفارقْ بنت جبيلَه حتى في حربِ تموز 2006. فكان صديقَ الأحياءِ، وزائرَ الأموات الدائمَ بحضورِه بين أضرحةِ الأحبةِ، بهندامِه المعهودِ وضحكتِه الخجولةِ، ويديْه التي ما تعبَت لكثرةِ ما ارتفعَت بالدعاءِ لكلِّ عزيز. 
 
اعذرْنا يا حبيبَنا، فنحن اعتدْنا أن تجدَنا أينما كنا. لم تعلمْنا أبجديةَ البحثِ عنك، بل أنت من كنت تدلُنا إلى الاتجاهاتِ كلِها. 
 
ربما كانت سُبحتُك وسجدةُ الصلاةِ التي خبأتها في جيبِك، دليلَك وزادَك، فلم تحتجْ شيئًا بعدها أبدًا. 
 
انت الذي ما استطعْت أن تمكثَ طويلاً بين رائحةِ المدنِ وغربتِها. 
 
لستَ فقيداً، فنحن نراك شهيداً أضلَّ طريقَ بنت جبيل. وشهيد الإهمالِ حين اقتنصتك فتحةُ "الريغار". 
 
لقد حان الوقتُ يا موسى، لتفردَ زادَك من المحبةِ والخير، لتلاقي كل من ودعْت، ولتحكي كل ما لم تستطع قولَه.. فافعل يا موسى، ونمْ مطمئناً في ترابِ بنتِ جبيلِك الأحنِّ عليك والأحبِّ إليك.