كتب فؤاد بزّي في "الأخبار":
إثر وقوع لبنان بالعتمة الشاملة لساعات، بادر وزير الطاقة إلى ترتيب اقتراض الفيول المخزن في منشآت النفط، ثم بادرت الجزائر إلى تخصيص كميات من الوقود لضخها في شرايين مؤسسة الكهرباء. وفي اتصال مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أبلغ رئيس الوزراء الجزائري نذير العرباوي «استعداد بلاده لتزويد لبنان فوراً بكميات من النفط لمساعدته على تجاوز الأزمة في قطاع الكهرباء».لكن مشهد الظلام الدامس كهربائياً لم يكن ليحصل لولا النكد السياسي لعدد من أعضاء مجلس الإدارة لمؤسسة الكهرباء في ظل إجازة المدير العام للمؤسسة، قبل أن يقطعها ويعود صباح أمس. إذ كان ممكناً عقد اجتماع لمجلس الإدارة الأسبوع الماضي للموافقة على «استعارة» كمية من الوقود من منشآت النفط لإبقاء المعامل شغالة، ولو جزئياً.
على أي حال، عادت أمس واحدة من مجموعات التوليد للعمل في معمل الزهراني، ومعها أتت العودة الجزئية للطاقة نتيجةً لبدء شركة عمليات النقل لـ5 آلاف كيلوليتر من مادة «الغاز أويل»، حوالى 4 آلاف طن، من منشآت النفط في الزهراني إلى المعمل. وبحسب بيان المنشآت أمس، «بدأ ضخ الكمية المطلوبة من الوقود عند الثالثة فجراً، على سبيل الإعارة، عبر خط الجر الذي يربط المنشآت بالمعمل»، وهو ما أكّده وزير الطاقة والمياه وليد فياض. ولكن هذا التدبير لن يعيد الكهرباء للمواطنين سريعاً، بل يقتصر الآن على خطوط «الخدمات العامة» التي تغذي المرافق الحيوية للدولة، مثل المرفأ، ومضخات المياه الرئيسية، والمطار الذي «أعاد أمس تشغيل مولداته الاحتياطية ليستمر بالعمل، على أنّ هذه الطريقة هي استثنائية»، بحسب تصريح لوزير الأشغال العامة والنقل علي حمية، و«ليست قاعدة يمكن الاستمرار بها».
الحل الأولي لإعادة تشغيل معامل الكهرباء الحرارية انطلق إذاً. إلا «أنّه لن يوفر طاقةً سوى بقدرة لا تتجاوز الـ150 ميغاواط»، وفقاً لفياض الذي وضع خطة من 5 مراحل، تصل في نهايتها قدرة الطاقة على الشبكة العامة لأكثر من 800 ميغاواط. وفي المرحلة الثانية التي انطلقت أيضاً، ستُضاف 100 ميغاواط من الطاقة، حولتها مصلحة الليطاني من محطاتها الكهرومائية إلى الشبكة العامة، ما سيرفع من قدرة الطاقة على الشبكة لحدود 300 ميغاواط. ولكن ما سبق غير كافٍ لإعادة التغذية إلى ما كانت عليه مطلع الشهر الحالي، أي بحدود 4 ساعات يومياً، ولن يستمر لأبعد من الخامس والعشرين من شهر آب، إذ تنفد حينها كمية الوقود «المستعارة» من منشآت النفط.
وهنا يشير فياض إلى «أنّه ابتداءً من السادس والعشرين من شهر آب الجاري، من المفترض انطلاق المرحلة الثالثة، إذ سترفع القدرة الإنتاجية من الطاقة لحدود 600 ميغاواط»، على إثر توقعه وصول الباخرة «هيلين» القادمة من مصر، والمحملة بـ30 ألف طن من مادة «الغاز أويل»، ما سيتيح تشغيل معملَي الزهراني ودير عمار بالقدرة الكافية لإعادة تغذية المواطنين بالكهرباء.
ويأتي توقع فياض هذا بناءً على تلزيم وزارة الطاقة والمياه نهائياً مناقصة شراء الوقود لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان، وتأمين ثمن المحروقات البالغ 25 مليوناً و557 ألف دولار من جباية فواتير الكهرباء.
ويذكر أنّ فياض أرسل إلى المصرف المركزي يوم الجمعة الواقع في 16 آب بطلب فتح اعتماد مستندي لمصلحة شركة «SAHARA ENERGY» لتغطية ثمن شحنة مادة «الغاز أويل» الواردة على متن الناقلة «هيلين».
وفي المدة الممتدة من 6 حتى 30 من شهر أيلول المقبل، ستبدأ المرحلة الرابعة من الخطة. وخلالها، «سيصل إلى لبنان 60 ألف طن من الوقود المستبدل بناءً على الاتفاقية مع الجانب العراقي»، بحسب فياض. وفقاً لرسالة شركة تسويق النفط العراقية «SOMO»، سيبدأ تحميل السفن بالفيول ذي التركيز العالي بالكبريت في 24 من شهر آب الجاري في مرفأ البصرة العراقي، على أن تتم عملية الاستبدال في الأيام اللاحقة. أما في المرحلة الخامسة، فـ«سيستمر تدفق الوقود من العراق، وسيجري تشغيل المحركات العكسية في معملي الذوق والجية من قبل شركة MEP، ما سيتيح رفع قدرة إنتاج الطاقة 200 ميغاواط إضافية على الـ600، وبذلك تكون الطاقة الموضوعة على الشبكة بقدرة تزيد عن 800 ميغاواط»، وفقاً لفياض.