كتب فؤاد بزي في صحيفة الأخبار:
أدّت الاعتداءات الصهيونية إلى خروج مناطق واسعة من لبنان عن التغطية بالطاقة المنتجة عبر مؤسسة الكهرباء، لا سيّما في البقاع والجنوب والضاحية. ولو انتهت الحرب اليوم، لن يعود التيار الرسمي، أو «كهرباء الدولة»، إلى خطوطها في هذه المناطق قبل فترة طويلة، إذ تحتاج الشبكة إلى إعادة تأهيل في عدد غير قليل من النقاط. وهذا ما تشير إليه بوضوح التقارير الصادرة عن مؤسسة الكهرباء، ووزارة الطاقة.
رغم أنّ الحرب الحالية لا تشبه سابقتها في عام 2006، لجهة الاعتداء المباشر على محطات إنتاج وتحويل الكهرباء. إلا أنّه بنتيجة الاعتداءات الصهيونية المستمرة، وقعت الأضرار المباشرة على 15 محطة تحويل رئيسية من أصل 65، أي 23% من المحطات، وخرج منها 6 من الخدمة تماماً، مثل محطات صور والطيبة والنبطية والضاحية. وبلغت كلفة الأضرار المباشرة وغير المباشرة حتى نهاية شهر تشرين الأول الماضي إلى 221 مليون دولار، وفقاً لمؤسسة كهرباء لبنان. وهذا الرقم مرشح للارتفاع مع تمادي الاعتداءات، وتضرر خطوط ومحطات كهرباء إضافية.
وفي جردة لمؤسسة الكهرباء على الأعطال، عدّدت 12 عطلاً رئيسياً. شملت خطوط النقل الأساسية ومحطات التحويل، وأدّت إلى دخول مناطق واسعة في «العتمة الشاملة». مثلاً، خرجت محطة تحويل الكهرباء في الضاحية الجنوبية من الخدمة على إثر تعطل كابلات توتر عالٍ رئيسية، بقدرة 220 كيلو فولت، بينها وبين محطة عرمون، ما جعل من مناطق واسعة من الضاحية من دون أي مصدر طاقة، مع توقف المولدات في الأحياء أيضاً عن العمل تماماً. وتكرّر الأمر نفسه في صور حيث خرجت محطة التحويل عن العمل بنتيجة تضرّر خطّ النقل الرئيسي بينها وبين محطة الزهراني، ما أدى أيضاً إلى خروج محطتي وادي جيلو وتبنين والنبطية عن الخدمة. كما أدّت الغارة العدوانية على بلدة المعيصرة الكسروانية إلى قطع خطوط الربط بين محطة الإنتاج في دير عمار، وبين منطقة جبل لبنان، ما جعل من محافظة بحجم جبل لبنان مربوطة بخط وحيد مع دير عمار.
وفي تفصيل التكاليف المباشرة للحرب على منشآت الكهرباء، طلبت وزارة الطاقة في مؤتمر باريس لمساعدة لبنان مبلغ 95 مليون دولار لإصلاح الأضرار المباشرة على البنية التحتية المتعلقة بالكهرباء. إذ بلغت كلفة الأعطال على خطوط التحويل الرئيسية، وأعمدة التوتر العالي نحو 10 ملايين دولار، بحسب مؤسسة الكهرباء. وأدّت الاعتداءات إلى أضرار إضافية على قطع الغيار في الشبكة الهوائية والمطمورة قدّرتها المؤسسة بنحو 25 مليون دولار، ووصل عددها إلى 32 عطلاً. فضلاً عن 24 مليوناً لإصلاح الأضرار على محطات التحويل الرئيسية الـ15 المتضررة.
لكن لا تقتصر آثار الحرب على التدمير المباشر لمنشآت الطاقة، بل تشمل «أضراراً غير مباشرة» من أبرزها الجباية المتوقفة تماماً في المناطق التي تتعرّض للاعتداءات. وبحسب الورقة المقدمة لمؤتمر باريس من قبل وزارة الطاقة، والتي استقتها بدورها من شركات مقدمي الخدمات، تبلغ الخسارات المتوقعة من توقف عملية الجباية 134 مليون دولار. تقع بشكل رئيسي على الشركات العاملة في المناطق التي تتعرض للقصف مثل «مراد» التي قدرت أنها ستخسر 89 مليون دولار من عائدات الجباية، و«NEUC» التي توقعت بدورها خسارة 36.3 مليون دولار.
وينقل وزير الطاقة والمياه وليد فياض تخوّف مؤسسة كهرباء لبنان من تحوّل هذه الخسارات من مؤقتة إلى دائمة، لا سيّما مع تعذر جباية هذه الفواتير من المكلفين الذين دمرت بيوتهم تماماً جرّاء الاعتداءات الصهيونية. متوقعاً صدور إعفاءات في وقت لاحق عن هذه المستحقات، بعد وقف إطلاق النار وانطلاق عملية إعادة الإعمار.
إلا أنّ مصاريف الطاقة الإضافية لا تتوقف عند هذا الحد، إذ «خلقت الحرب مصاريف جديدة»، يقول فياض. فهناك أكلاف لم تكن ملحوظة قبلها، منها «تكلفة تشغيل الكهرباء وتأمين التدفئة وإيصال المياه لمراكز الإيواء». كما يشير فياض إلى أنّ «حركة النزوح أدّت إلى تغيّر على مستوى العرض والطلب على الطاقة في المناطق التي تؤوي النازحين، ووصلت الزيادة إلى 40%، ما حتّم على المؤسسة والوزارة الاستثمار في البنى التحتية، وضخ الأموال في المؤسسات العامة».