تحت عنوان "أسعار تذاكر الطيران «نار»" كتبت أسماء اسماعيل في الأخبار:
منذ ما قبل إعلان «وقف إطلاق النار» في 27 تشرين الثاني الماضي، تسجّل أسعار تذاكر الطيران على شركة «ميدل إيست» ارتفاعاً ملحوظاً، رغم استئناف العديد من شركات الطيران رحلاتها تدريجياً إلى مطار بيروت الدولي. وبذلك، فإن عودة الاستقرار النسبي وارتفاع الطلب على السفر إلى لبنان لم يلجما هذا الارتفاع في الأسعار التي أصبحت أعلى بكثير، مقارنة بالفترات السابقة.
يقول أحد المسؤولين في مكتب New west Travel للسياحة والسفر، إنه منذ شهر أيلول ارتفعت أسعار التذاكر بشكل كبير نتيجة توقف العديد من الرحلات الجوية بسبب الأوضاع الأمنية والعدوان الإسرائيلي وتجنّب شركات الطيران الأجواء اللبنانية. يومها، كانت شركة طيران الشرق الأوسط «الميدل إيست» الجهة الوحيدة المتاحة أمام المغادرين والوافدين، إذ وفّرت فقط تذاكر درجة رجال الأعمال (Business Class)، فيما أوقفت الدرجة الاقتصادية (Economy Class)، وهذا «الاحتكار» العفوي المؤقّت أدّى إلى قفزات ملحوظة في الأسعار، في ظل غياب البدائل. أما الآن، فالأسعار أيضاً مرتفعة جداً، وهذا يأتي رغم استئناف رحلات شركات مثل الخطوط: القطرية، التركية، الأردنية والإثيوبية. فعلى سبيل المثال، تجاوزت كلفة التذكرة من باريس إلى بيروت حاجز الألفَي دولار، ومن دبي إلى بيروت هناك سعر مماثل، بينما تجاوزت من لندن إلى بيروت 1500 دولار.
وبحسب المصدر نفسه، فإن استمرار ارتفاع الأسعار يعود إلى عدة عوامل، أبرزها ارتفاع أكلاف بوالص التأمين للطائرات والمسافرين بسبب المخاطر المتزايدة، وهو ما انعكس بشكل مباشر على أسعار التذاكر. إضافة إلى أن الطلب على السفر إلى لبنان تضاعف في الفترة الأخيرة مع عودة العائلات اللبنانية التي نزحت أثناء الحرب. وأيضاً بسبب تدفق أعداد كبيرة من السياح - المغتربين بشكل أساسي لقضاء موسم الأعياد في لبنان. واستجدّت أخيراً الأوضاع الأمنية في سوريا، والتي دفعت شركات الطيران إلى تجنّب المرور عبر الأجواء السورية المصنفة عالية الخطورة، ما يفرض على الرحلات مسارات أطول وأكثر كلفة.
وفي سياق ذلك، ذكر مكتب Peaceful Travel للسياحة والسفر أن نسبة الوافدين ارتفعت بنسبة تُقدر بـ 40% مقارنة بالسابق، وخاصة اللبنانيين الوافدين من العراق، ما تسبّب بنقص حادّ في المقاعد المتاحة على الرحلات. هذا النقص دفع المكاتب إلى وضع الكثير من العملاء على قوائم الانتظار لحين تأمين أماكن إضافية. وحتى الرحلات القصيرة ستشهد قفزات ملحوظة في الأسعار. فعلى سبيل المثال، تبلغ كلفة السفر من تركيا إلى لبنان، ولا سيما في شهر كانون الأول الذي يتضمّن عيدَي الميلاد ورأس الماس بين 25 حتى 29 من الشهر، نحو 426 دولاراً في بعض الخيارات، بينما ستتجاوز في خيارات أخرى حاجز الـ 600 دولار.
ورغم استئناف العديد من شركات الطيران العربية والدولية رحلاتها، إلا أن مكاتب السفر تؤكد أن عودة الأسعار إلى مستوياتها الطبيعية أمر غير متوقع في المستقبل القريب. فإلى جانب ارتفاع الطلب، ستبقى أكلاف التشغيل مرتفعة نتيجة للمسارات الأطول وزيادة النفقات التشغيلية بسبب الأحداث السورية والتي ستصنف غالباً «منطقة عالية الخطورة»، إذ أُجبرت بعض شركات الطيران، بحسب أحد المكاتب، على استخدام مسارات بديلة تتطلب المرور عبر الأجواء العراقية أو الأردنية، ما يزيد من وقت الرحلات واستهلاك الوقود. كل هذه العوامل تؤدي إلى زيادة ملحوظة في كلفة التشغيل، التي تُحمّل بشكل مباشر للمسافرين، هذه العوامل تحفّز الاحتكار ورفع الأسعار وهو الأمر الذي يعبّر عنه المعنيّون بأنه «توازن معقّد بين العرض والطلب، وسط تأثيرات واضحة للأوضاع الأمنية والجغرافية».