لبنان: 96171010310+     ديربورن: 13137751171+ | 13136996923+
23,352 مشاهدة
A+ A-

تحت عنوان وهْمُ بطاقة الدعم، كتبت رلى ابراهيم في صحيفة الأخبار ضمن عددها الصادر اليوم:

تمرّ الأيام من دون أيّ خطوة إضافية تعالج أزمة شحّ الدولارات المخصّصة لتمويل استيراد السلع المدعومة. مصرف لبنان سبق أن رمى الكرة إلى الحكومة، محذّراً من عدم قدرته على الاستمرار بدعم السلع الأساسية. الحكومة حائرة في أمرها وعاجزة عن السير بأي قرار واضح وحاسم وترمي بمسؤولياتها صوب المجلس النيابي. والنتيجة، أن مشروع «البطاقة التمويلية» لمئات آلاف الأسر الفقيرة ــــ والذي يفترض أن يُقَرّ بالتوازي مع إلغاء الدعم الذي «يهدّد» مصرف لبنان بأن أمواله تكاد تنفد ــــ لا يزال مشروعاً وهمياً ومن الصعب أن يبصر النور. لا أحد يملك الإجابة عن سؤال من أين سيتم تأمين كلفة البطاقات، وما المعايير المعتمدة لانتقاء العائلات المستفيدة. ولأن الحلول متعثرة، فإن أي خطوة غير مدروسة ستكون نتيجتها قفز الدولار الى أرقام خيالية، وصفيحة البنزين الى مئة ألف ليرة، والدواء الى أربعة أضعاف سعره الحالي

منذ أشهر، يجري الحديث عن نفاد احتياط مصرف لبنان من العملات الأجنبية، ما يستوجب إلغاء الدعم عن السلع الأساسية (الأدوية والمحروقات والخبز... وجزئياً المواد الغذائية). حكومة حسان دياب وجدت الحلّ لهذه الأزمة باقتراح إقرار بطاقة تمويلية، يجري العمل بها بالتزامن مع إلغاء الدعم، على أن توزّع لعدد من الأسر (وصل هذا العدد أخيراً الى 600 ألف أسرة) لكل منها مليون و300 ألف ليرة شهرياً، تستخدمها العائلات لشراء حاجياتها.

لكن التدقيق يكشف أن اقتراح البطاقة الذي وُضع على طاولة البحث مجدداً يوم الثلاثاء الماضي، ليس سوى بيع المزيد من الأوهام للناس، فيما الحقيقة أن المشروع يكاد يكون غير قابل للتنفيذ، وقد انفجر بمعدّيه قبل الوصول الى مسوّدة موحدة للأفكار التي سُجّلت كسيناريو. هذا المشروع يكاد يُدفن في اللجنة الوزارية قبل وصوله الى البرلمان كمشروع قانون لمناقشته. وما حصل فعلياً أن السيناريو المُعدّ من الحكومة لاقى تحفظاً من وزراء الصناعة والزراعة والمال، وبشكل جزئي من وزير الاقتصاد، فانتهى الاجتماع بورقة تتضمن أفكاراً، سيعمد كل وزير إلى تنقيحها على حدة ليُعقد اجتماع آخر، الأسبوع المقبل، تناقش خلاله التنقيحات.

الأهم من مضمون المشروع هو سبل تغطية مصاريفه المالية، وهي مهمة مناطة بالسلطة التنفيذية. إلا أن حكومة دياب التي تتذرع بتصريف الأعمال للهروب من المسؤولية، عمدت الى صرف النظر عن هذا «التفصيل»، عبر ترك هذه المسألة لمجلس النواب حتى يقررها بنفسه. وهنا، السيناريو معروف مسبقاً. فرئيس مجلس النواب نبيه بري رفض طروحات الحكومة الأربعة المرسلة إليه حول بطاقة الدعم، وطلب إرسال طرح واحد حتى يتم درسه في البرلمان. ومن المرجح أن يعيد مشروع البطاقة ــــ إن وصل ــــ إلى معدّيه لعدم وضوح كيفية تمويلها، ولا سيما أن هذا السيناريو يحتاج الى نحو 9 آلاف مليار ليرة سنوياَ حتى يتم تغطيته. وعلى افتراض أنه تم اقتطاع نحو 300 مليون دولار (246 مليون دولار من البنك الدولي و50 مليوناً من الاتحاد الأوروبي) من هذا المبلغ الإجمالي على أساس سعر صرف يوازي 6240 ليرة للدولار، فإن المبلغ المتبقي على الدولة لتغطيته يقارب 7 آلاف مليار و560 مليار ليرة. من سيؤمن الاعتمادات لذلك؟ سبق لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن أبلغ الحكومة رفضه لتحمل هذه المسؤولية، ويقول خبراء اقتصاديون إن أي طبع لمزيد من العملة من شأنه أن يزيد التضخم الى معدلات مرتفعة جدّاً، ما سينعكس ارتفاعاً في سعر الصرف كما أسعار السلع الغذائية المستوردة وغير المستوردة. وسيفتح بازار التلاعب بالأسعار على مصراعيه.
من جهتها، توضح مصادر حكومية أن البطاقة لن ترى النور، والحديث بها يتم على سبيل إعطاء المزيد من المسكنات للفقراء لمنع الانفجار في عهد هذه الحكومة، الى حين تأليف حكومة جديدة لتتحمل المسؤولية. فحكومة دياب تخلت عن دورها تجاه المواطنين منذ اليوم الأول واستسلمت لقوى الأمر الواقع الذين أحبطوا خطتها للتعافي المالي، ثم جلست تتفرج على الانهيار وتضاعف وطأته بعدم تحركها للجم جشع التجار أو مافيا الصرّافين. واليوم، ترمي تمويل بطاقة «وهمية» على مجلس النواب لعلمها المسبق، بحسب المصدر، بأن اقتطاع هذا المبلغ من قيمة الموازنة العامة المقدّرة بـ 18 ألف مليار ليرة، سيزيد العجز ويدفع الى فرض المزيد من الضرائب والرسوم، رغم أن الموازنة لا تتضمن أي إشارة لضرائب جديدة. وإما سيكون على لبنان الاستدانة، في حين أن هذا المنفذ مغلق بأمر دولي ولن يساهم سوى بترتيب المزيد من الأعباء. ثمة مشكلة أخرى تتعلق بقرض البنك الدولي الذي تبلغ قيمته 264 مليون دولار والذي سيعمد المصرف الى شرائه بقيمة 6240 ليرة للدولار من دون أي تصوّر للجهة التي ستتحمل فارق الخسارة عند تسديد القرض. وبحسب المصدر، يتم التعامل مع القرض «على الطريقة اللبنانية، أي من ناحية أننا سنعالج هذا الوضع عندما نصل إليه بعد 15 عاماً أو أكثر. يفترض الآن تدبير الأحوال كيفما كان». لكن في مطلق الأحوال، «ثمة استحالة لإبصار البطاقة النور لأن مجلس النواب لن يأخذ على عاتقه تمويل اعتمادات للحكومة عبر إفقار الناس». وإذا ما وافق المجلس افتراضاً على تنفيذها، فإن دخول المشروع حيّز التنفيذ بعد الموافقة عليه يتطلب 4 أشهر من دون احتساب وقت صدور المشروع الموحّد من الحكومة لإرساله الى البرلمان والأخذ والرد الذي سيليه!

يشير مصدر حكومي إلى استحالة إقرار بطاقة الدعم والحديث بها هو نوع من المسكّنات لتأخير الانفجار الشعبي


باختصار، البطاقة التمويلية حتى الساعة لا تتعدى كونها شراء سمك في البحر. فألغامها منها وفيها، كما تفتقر الى الحدّ الأدنى من الدراسات العلمية، لا الطروحات العشوائية من بعض الوزراء الذين يرمون السيناريو تلو الآخر من دون إيلاء أي اعتبار للوقائع الاقتصادية والنقدية والاجتماعية المزرية. فمنذ استقالة الحكومة، يجتمع هؤلاء قسراً بغياب وزيرين أو أكثر بسبب خلافهم مع رئيس الحكومة منذ طرحهم استقالاتهم قبل التنسيق معه. السرايا باتت بمثابة غرفة انتظار لتأليف حكومة جديدة. المشكلة هنا أن الانتظار ربما سيطول. والبحث عن سبل تمويل داخلي للبطاقة دونه عقبات كثيرة. يجمع الاقتصاديون الذين تحدثت معهم «الأخبار» على أن إقرار بطاقة الدعم بشكلها العشوائي المعتمد حالياَ يعني الذهاب نحو فوضى إضافية وتضخم أكبر والمزيد من التدهور في سعر الليرة، بحيث يُتوقع أن يرتفع سعر الدولار الى مستويات قياسية فور الإعلان عن بدء إلغاء الدعم عن البنزين والمازوت والدواء والقمح والطحين، رغم أنه سيكون بشكل تدريجي.
لقراءة المقال كاملاً: الأخبار


تغطية مباشرة آخر الأخبار

  • صحيفة "يديعوت أحرونوت": نيران ومفرقعات على بعد 200 متر قرب منزل نتنياهو، مظاهرة عاصفة في "إسرائيل" بعد نشر حـm|س فيديو محتجز إسرائيلي
  • المتظاهرون الإسرائيليون يحاصرون مبنى حكومياً كان في داخله بن غفير ويواجهونه بشعارات استهجان
  • مساعدة وزير الخارجية الأمريكي: لم نمنح الضوء الأخضر لعملية عسكرية في رفح
  • مساعدة وزير الخارجية الأميركي: احتمالات التصعيد على الحدود مع لبنان حادة