لبنان: 96171010310+     ديربورن: 13137751171+ | 13136996923+
14,120 مشاهدة
A+ A-

آخر الياسمينات المُعمِّرة.. في وداع الحاجة فريدة بزي "أم يعقوب"

كما النهر في أقصى الوادي وحيدًا؛ يسقي ما على ضفتيه من أشجار ونبات وزهرات دون تمييز أو فوات، كذلك كانت آخر الياسمينات؛ في طيب أخلاقها وجود عطائها حتى استراح العمر على كفيها؛ كومضة صيف ما لبثت أن هرمت في محفل القضاء الذي لا بدّ منه.. نعم، إنّه الموت الذي كان أكثر عمقًا من الوادي وأسرع من النهر في تدفقه.. إنّه الموت الورقة الأخيرة في رزنامة العمر مهما طال.. وإنّه غربتنا القصيرة عن الراحلين، وغربتهم الطويلة عنّا، لكن شفعينا أنّهم لله أقرب وهم رحاب رحمته حتى يحين اللقاء.

رحلت آخر الياسمينات المُعمِّرة من آل بزّي (1927-2021م.)، رحلت حبًّا وتعبًا وكفاحًا، فمنذ أن تزوجت وهي في الثالثة عشر من عمرها من ابن خالتها المرحوم عبد الحسن الشيخ علي بيضون، وتغرّبت عن أهلها وبلدها مع مطلع الحرب العالمية الثانية إلى الأردن كان العمر والمعيش من الثقل بمكان غير مستقر كما الأحداث التي صاحبت تلك المرحلة.

رحلت الحاجة فريدة محمد حسن الحاج إسماعيل بزي، رحلت شيخة المرض المصاحب لها منذ نصف قرن، رحلت أم يعقوب بعد أن أنجبت للحياة ستة عشر ولدًا بين ذكر وأنثى، رحلت وفصول الدهشة لا تزال تذكر صبرها على فقد أولادها الثلاثة (يعقوب، فاطمة، زهرة)، وقبلهم كانت فقدت ابنتين توفيتا في عمر الزهور، ولو كان الفصل الأخير من حياتها لا يقل صبرًا واحتسابًا بسبب اشتداد المرض عليها.

عمتي الحاجة أم يعقوب التي كانت تنفق سرًّا في سبيل الله؛ لدرجة أنّها وزّعت مصاغها من الذهب على الأيتام قبل وفاتها بسنوات، لم تكن لتوفر جهدًا في مساعدة القريب والبعيد على قدر استطاعتها.

وفي مسيرة العمر الشاق؛ كانت عادت إلى لبنان من الأردن مع حرب 1967م. ويتوفى زوجها 1979م. لتعود إلى الأردن مجددًا لتحمّل مسؤولية ما تركه الزوج المفارق من رزق وعمل، حيث ابتنت منزلًا جديدًا للعائلة في إربد 1987م. والذي كان مفتوحًا لكلّ ضيف أو قريب.

واستمر مشوار العمر بين لبنان والأردن، حتى استقر بها الحال في لبنان 2018م. فكانت تروح وتغدو بين بنت جبيل وبيروت. وفي السنوات السبع الأخيرة من حياتها كانت قضتها بين البيت والمشفى، حيث لا يمر شهر إلّا وتدخل المشفى للعلاج.

هكذا عاشت الحاجة أم يعقوب كلّ هذا التعب وكل هذه المعاناة من المرض والصبر عليه والاحتساب عند الله سبحانه، لكن البسمة التي تميّزت بها لم تفارق وجهها البشوش؛ حتى وهي في أشدّ حالات المرض.

نعم أيّتها الأم الرؤوم، نعم أيتها العمّة الطاهرة، إنّه الموت، إنّه العشرون من آب 2021م. الواقع فيه حزننا.. إنّه رحيل آخر الياسمينات، لكن هذه الياسمينة بقيت مورقة مزهرة، بقيت بأبنائها؛ وبذكرها الحسن بين كلّ من عرفها.. ورحم الله المتنبي الذي قال:

ذِكْرُ الفتى عُمْرُهُ الثّاني وَحاجَتُهُ

مَا قَاتَهُ وَفُضُولُ العَيشِ أشغَالُ.

محمد حسين بزي

 


تغطية مباشرة آخر الأخبار

  • غالانت: سنوسع المعركة ونزيد من وتيرة الهجمات في الشمال
  • غارة حربية إسرائيلية استهدفت بلدة ميس الجبل
  • استشهاد الطفلة ليا شاهين جراء تنشقها الغبار السام بعد الغارة على كفررمان منذ شهر تتمة...
  • وسائل إعلام إسرائيلية: يتم التحقق من سقوط قذيفة في كريات شمونه.