أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

الصحافة تحت المجهر

الخميس 19 تشرين الثاني , 2015 03:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 3,468 زائر

الصحافة تحت المجهر

لقد ساندنا الله في قطعِ أشواطٍ طويلةٍ لإجتياز هذه المعركةِ بنجاح أو النأي بأقل خسارة ممكنة عندما خصَّ كلَّ واحدٍ منا بهويةٍ فكريةٍ ثم منحَنا الصلاحيّة العلميّة و الإبداعية للتجوال على رحابِ العالمِ بأسرِه، لا بل سكَب بكأسِ الوعي على رؤوسنا فغدينا نستبشرُ خيرَ العملِ و ننتفضُ على إثرِ شروره.

في المقابلِ رُحنا نحزُّ و نقصُّ من ثوبِ هذه الهبةِ الإلهيّة حتى بات قصيرا" ضيقا" كضيقِ صدورنا ، يفصِّل للعيان معالمِ الضعفِ و الهزل. 

ها نحن نختبأُ وراءَ هياكلٍ عملاقةٍ بُنيت من وهم الضلالِ لكنّها تراءَت لنا حرزا" ثمينا" فرحنا نقاتلُ دون البصرِ والبصيرةِ إذ أننا لا نسمع سوى ما نريدُ سماعِه و لا نرى غير ما نهوى رؤياه ، ممزّقين على أعتابِ الحقيقةِ المرّة، منقطعي الإرادة والضمير . من أجل ماذا ؟ 

من أجل تعويذةٍ سحريّةٍ تُليت على مسامعنا منذ الصغر "فليحيا الزعيم"، نحتناها على جدارِ قلوبِنا و استلهَمنا منها جلَّ أشكالِ المذلة بمنتهى المحبة .

أي مكانٍ بعدُ تلوذُ به آخر معاني الموضوعيّة أمام جشعِ مصادرِ البثِّ المتسابقةِ نحو إشباعِ نهمةِ الميلِ أو المموِّل السياسي حيث لا يُبثُّ سوى ما يروقَ الرقم الأصعَب من العملات ِكما تتجزّأ الأحداث وتتقطّع بقدرِ مصالح العرضِ على حسابِ سبايا الحقيقةِ المُعتكفات على أبوابِ إعلام التخبُّط والضلال .

أيعلمُ الإعلاميُّ بقدرِ المسؤوليات ِالإجتماعيّة والتكاليفِ الشرعية التي تقعُ على عاتقهِ حيال قيامهِ بأقدسِ المهن، كونهُ الرسالة الحيّة لا سيما في تشكيلِ الثقافاتِ وتداولها وبث الأفكاِر والأحداث والحكم عليها وبالتالي تقديم الطبقَ الخبري جاهزا" على موائدِ الوقائعِ المحليّة والعالميّة وما على المتلقّي سوى تذوق الحُلوِ والعُلقم منها .

في نهاية المطاف، إن كان أولُ ضحايا هذه الفبركاتِ المُشينة ، هم ذوي الإطلاعات الخجولة و الثقافةِ الهشّة، إذ أنه لا قدرة لديهم على النقد و الرفض، فإن أولئك المُتسلّحين بالإحاطةِ الجاريةِ هم دائما" على بيّنةٍ من أمرِهم يجذّفون التضليل ببصيرةِ عقولهم، و هنا يكمن بيت القصيد حيث الغرق في محيط التلاعب الإعلامي يحدث نتيجة للترهل الفكري، إما سبيلُ النجاة ِيقطنُ بإحيائه . فنِعمَ الإعلامي الذي مازال يقاتلُ بأقلامهِ على منصّات الحقيقة الوعرة و طُوبى لذوي العقولِ النيرة والقلوب النابضة.

زينب فرحات - بنت جبيل.أورغ


Script executed in 0.17943811416626