أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

من طرابلس إلى صيدا بخمس دقائق فقط؟

الخميس 23 آذار , 2017 09:03 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 106,391 زائر

من طرابلس إلى صيدا بخمس دقائق فقط؟

منذ حوالى أسبوعين، كشفت "هايبرلوب وان"، شركة تطوير أول قطار هايبرلوب في العالم، عن صور جديدة من موقعها (ديفلووب) في صحراء نيفادا، وذلك خلال فعاليات الدورة الحادية عشرة من مؤتمر ومعرض السكك الحديدية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2017 الذي أقيم في مركز دبي التجاري العالمي.

الصور الأوليّة لهذا المشروع الثوريّ في عالم المواصلات، استطاعت أن توضح أكثر ملامح الحلم الذي يضرب موعداً لنفسه مع سكان الإمارات، إذ سيتمكن هؤلاء في عام 2020 من الانتقال بين أبوظبي ودبي في أقل من 15 دقيقة، وستكون الرحلة بين دبي والرياض ممكنة في غضون 48 دقيقة، وبين دبي والدوحة قرابة 23 دقيقة وبين دبي ومسقط 27 دقيقة!

وتعتمد تقنية "هايبرلوب" الخارقة التي يجري تطويرها في الولايات المتحدة الأميركية، على أنابيب مغناطيسية منخفضة الضغط وخالية من الهواء تربط بين محطتين، تحمل كبسولات ركاب (20 راكباً في الكبسولة الواحدة) تندفع بسرعات خارقة تفوق سرعة الصوت، أي بما يعادل 1220 كيلومتراً في الساعة.

هذه التقنية أطلقها رجل الأعمال والمخترع الأميركي إيلون ماسك (مؤسس شركة سبيس إكس وشركة تصنيع السيارات الذكية تيسلا موتورز)، ووصفها بأنها بمثابة هجين بين طائرة الكونكورد وراجمة صواريخ وطاولة للعب الهوكي في الهواء. ويشيد الخبراء بتأثيرها الإيجابيّ على البيئة من حيث تخفيف التلوّث، كما أنها تعدّ من أنجع الطرق التي تساهم في حلّ أزمة المرور وتقليل نسبة الحوادث، كما في زيادة الإنتاجية وتعزيز الاقتصاد، علماً أنّ تكلفة بناء الأنبوب الواحد من أنابيب "هايبرلوب" تساوي 10% من تكلفة بناء القطارات التقليدية فائقة السرعة.

هذا يحدث في الإمارات، وليس في "كوكب اليابان"! في الواقع، لا حاجة للتعجّب والدهشة أبداً، فدبي نجحت في تبوء الصدارة في شتى الميادين، محوّلة الصحراء واحات عمرانية وثقافية وجمالية وعلمية تقطر ذهباً. وبعد، تُستحدث وزارة للسعادة من أجل تفعيل الخطط الآيلة إلى إرضاء سكان تلك البلاد وتشجيعهم على النهوض بها نحو القمم.

وقد تبدو أي محاولة للمقارنة ما بين لبنان الحالي ودبي أو إي إمارة أخرى في دولة العربية المتحدة، ضرباً من جنون أو من يأس مدقع. لكنها، إن حصلت، لن تكون حتماً من باب "الغيرة أو الحسد"... بل ربما حضّ سياسيينا على التمثل بالرؤويين والجاهدين فعلاً في تحقيق المصلحة العامة!

عملياً، لا نريد كلبنانيين، "هايبرلوباً". ليس الآن، على الأقلّ. نعم نحلم بالانتقال من طرابلس إلى صيدا في خلال خمس دقائق فقط، لكن فلنحصل على القطار أولاً. ما رأيكم؟!

قطارٌ عاديّ من دون تعقيدات و"عضلات". قطارٌ لا تزال سكته موجودة رغم الصدأ الذي تآكلها ورغم التعديات، ولا يزال موظفوه يتقاضون رواتبهم حتى الساعة! هل من الضروري أن نأتي على ذكر معضلة الهدر وسوء الإدارة هنا أيضاً؟! "طلع الشعر عاللسان"...

لا نريد "هايبرلوباً" الآن، ولا كبسولات أشبه بمركبات فضائية، بل ربما نبحث عن وسائل نقل عامة تستوفي الحدّ الأدنى من المعايير والشروط؟!! لا نريد أن تستغرق رحلتنا من طرابلس إلى صيدا خمس دقائق، أقلّه في هذا الوقت الراهن بانتظار استخراج النفط... بل ربما نبحث عن خطط واقعية تقينا الانتقال من الأرض الى السماء بخمس ثوان؟! أو انتقال البحر إلى البرّ عند كلّ "شتوة" بخمسين دقيقة؟! أو انتقالنا النهائي إلى دبي وسواها بأقلّ من خمس ساعات، طبعاً بعد أن ندفع الضريبة على السفر؟!

حسناً... لا نريد قطارات ولا باصات ولا من يحزنون... لكن هل لنا بالكهرباء، بالمياه، بخدمات اتصالات جيّدة؟ هل لنا برواتب تحاكي تطلعاتنا الصغيرة وأتعابنا الكبيرة؟ هل لنا حرية تعبير بل هل تُسمع أصواتنا حين نطالب باتخاذ تدابير بسيطة مثل وقف الهدر والفساد، انتخابات نيابية في موعدها على أساس قانون عصريّ.. أم سيقال لنا "بسيطة، القصة بدها وقت"؟!

على أمل أن يكون هذا "الوقت" بسرعة "هايبرلوب" دبي...

ربيكا سليمان - لبنان24 

Script executed in 0.20943093299866