عملية الانسحاب كما أصبح معروفاً عبرت عن رفض لبعض المواقف التي أعلنت في الاحتفال، وبمعنى آخر لو لم يفاجأ الممثلون او من مثله بتلك المواقف لما كان الانسحاب وارداً في الأساس.
ولكن إذا ما أخذ الأمر في الأساس فلا بد من التوقف عند السؤال لماذا كان الاحتفال؟
يظهر جلياً ان «القوات اللبنانية» نظمت احتفالها في مناسبة حلها... والحل لم يكن لحزب إنما لـ«قوات» كانت تصنف في خانة الميليشيات وحصل ذلك بعد واقعة سياسية وأمنية وقد جاء قرار الحل من السلطة الشرعية المتمثلة في مجلس الوزراء.
واستناداً الى هذه المعطيات لا بد من السؤال لماذا تحتفل جهة ما سيان أكانت غير مدنية أم مدنية بذكرى حلها؟ فقد جرت العادة وتؤكد الاعراف ان الاحتفال بذكرى ما يكون في مناسبة التأسيس وليس في مناسبة الحل. فلماذا كان الاحتفال خلافاً للعادة؟
لن ندخل في هذه المتاهة التي تدخلنا في آتون السياسة والكلام هنا يقتصر على احكام الدستور وما يعادله ولهذا نكتفي بالاشارة الى ان الحكم عندنا استمرار. وقد صدر قرار من مجلس الوزراء قبل ست عشرة سنة قضى بحل «القوات اللبنانية» وبذلك يصبح الاحتفال بالحل يعبر عما يمكن اعتباره «استهزاء بالقرار» لأنه إذا كان من العادة احياء ذكرى الاستشهاد باحتفال فإن «القوات اللبنانية» لم تستشهد لأنها تحولت الى حزب بعد الحل فلماذا الاحتفال إذاً؟
لا جواب على ذلك الا بالاعتقاد ان قرار مجلس الوزراء في نظر المعنيين به لا يعني شيئاً وانه حبر على ورق او انه يعبر عن الاجابة على السؤال التالي: عندما يحتفل حزب او جهة او مؤسسة ما بذكرى حلها، فماذا تكون نظرة تلك الجهة لقرار الحل؟
ان هذه المعطيات تفرض طرح سؤال للذين سحبوا ممثليهم من الاحتفال: إذا كان الانسحاب موقفاً وهو من الأهمية بمكان بفعل الأسباب التي أدت إليه فهل كانت المشاركة في الاحتفال «واجباً اجتماعياً او مسؤولاً؟».
حتى تبرز معطيات أخرى يمكن الاجابة عن السؤال بنفي مطلق لأن الحكم اليوم عليه ان يحترم حكم الأمس. فإذا كان مجلس الوزراء قد أخذ قرار الحـل فلماذا يقــدم مــسؤولون اليوم على نقض هذا القرار بمشاركتـهم في الاحتفال بذكـرى الحـل؟ ان الموقـف كـان يجـب ان يظهـر بالمشاركـة وليـس بالانسـحاب.
