أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

كيف قرأ المعنيون في لبنان مضامين رسالة "القاعدة" الإعلامية ؟

الأربعاء 07 نيسان , 2010 01:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,787 زائر

كيف قرأ المعنيون في لبنان مضامين رسالة "القاعدة" الإعلامية ؟

فهو بين الفينة والفينة يبادر الى اثبات حضوره في "الميدان" اللبناني، وتحديداً على خط التماس مع الاسرائيليين اي في اقاصي الجنوب.

ولكن الواضح أن المعنيين بهذا الشأن الذين يعتبرون ان "رسالة القرعاوي" قد بلغتهم هذه المرة، باتوا يتعاملون مع هذا الاعلان بحسب توقيت الرسالة التي يبادر هذا التنظيم (اي "القاعدة") الى ارسالها سواء عبر القنوات الاعلامية او عبر بعض التحركات في الميدان، والتي كان آخرها صواريخ خراج بلدة حولا، التي عثر عليها قبل اشهر والتي اتضح في حينه ان "هواة" وضعوها على عجل وكيفما اتفق وكانت عبارة عن رسالة الى الداخل اللبناني اكثر مما هي الى الخارج.

وعليه، فان المعنيين في الداخل بهذه الرسالة الاعلامية الجديدة من جانب تنظيم "القاعدة" بدأوا يقرأون في ثنايا سطورها ويفكون ألغاز مضامينها البعيدة، في ضوء التوقيت اولاً ثم في ضوء ما يريده هذا التنظيم او الذين يدّعون انهم وكلاؤه الشرعيون في الساحة اللبنانية ثانياً.

لذا فان هؤلاء المعنيين، الذين لم يسقطوا من حساباتهم في يوم من الايام ان لـ"القاعدة رأس جسر في الساحة اللبنانية عبر خلايا نائمة هنا او هناك او من خلال مجموعات تدرج عادة في خانة "اخوات القاعدة" او إحدى أوانيها المستطرقة، يتوقفون خصوصا عند مسألة توقيت بعث الرسالة، فهي أتت بعد سلسلة ضربات موجعة تلقاها تنظيم "القاعدة" في ساحتيه الأهم، أي في باكستان وافغانستان في الآونة الاخيرة وبدا كأن ثمة هزيمة شنعاء تحيق به، لذا فليس غريباً أن يتهدد مطارديه في هاتين الساحتين ويتوعدهم بأنه بات على وشك تحريك خلاياه النائمة ومجموعاته الكامنة في منطقة يدرك الجميع مدى حساسيتها ومدى حرص واشنطن والمجتمع الغربي والدولي على بقائها هادئة ساكنة، لا تشكّل مصدر قلق وخطر لاسرائيل في المقام الاول ولواشنطن في المقام الثاني، لاسيما وان هذه العاصمة تبذل منذ زمن جهوداً مكثفة، للحيلولة دون أي تطور يعكر هدوء هذه الجبهة الجنوبية، وهي الجهود التي تتمثل أكثر ما يكون في الحديث المستمر عن الأسلحة المهربة الى "حزب الله" وعن الانذارات المتكررة بهذا الشأن، التي يحملها بين فترة وأخرى موفد اميركي الى المسؤولين اللبنانيين خشية ان يأتي حين من الدهر، وتشكّل ترسانة "حزب الله" قوة ردع معادلة للقوة الاسرائيلية في هذا المجال.

وعليه، فإن الذين تعهدوا تفكيك "شيفرة" مضمون رسالة "القاعدة" هذه المرة، وجدوها مفاجئة على المستوى اللبناني كون الساحة اللبنانية راكدة، لكنهم رأوها تندرج في سياق فعل عام متسارع تنسبه "القاعدة" الى نفسها ويتمثل في سلسلة ضربات مدوية بدأت في موسكو ثم في انغوشيا ومروراً ببيشاور وصولاً الى بغداد.

لذا فالحديث المتجدد عن حراك تعتزم "القاعدة" القيام به في "بلاد الشام"، بحسب مضمون رسالتها الاعلامية الجديدة، يعد وصولاً الى الحدود مع اسرائيل وهو مقاربة جديدة بالنسبة الى هذا التنظيم الذي لم يتجرأ بعد باستثناء بيانات التهديد على القيام بأية خطوات عملية مؤثرة وذات قيمة مضافة تطاول الكيان الاسرائيلي.

وبناء عليه فتضخيم وجود "القاعدة" الملتبس بالاصل في لبنان في هذه اللحظة بالذات ربما له في رأي هؤلاء القارئين للرسالة، هدف يتصل بصراعات وتناقضات الداخل اللبناني، بحيث تصبح الرسالة المفاجئة، إذا صحت هذه القراءة، عبارة عن نص مكتوب سلفاً ومعد بدقة واتقان، كتبه جهاز معين أو جهة بحد ذاتها، تريد العمل على تغذية هذه الصراعات والاستفادة من هذه التناقضات، دفعاً لها نحو مقاصد مضمرة ولكن رأس جبلها يكاد يكون ظاهراً للعيان.

وتكتسب هذه القراءة جديتها من خلال أمرين انطوت عليهما الرسالة الاعلامية لتنظيم "القاعدة":

الاول، إن نحو 85 في المئة من متن الرسالة يقارب شأناً لبنانياً داخلياً لم يسبق لهذا التنظيم ان اعطاه اهتماماً او جعل التداول به من مهماته واولوياته، وهو شأن المحكمة الدولية المختصة بقضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

والثاني، ان الرسالة قصدت عمداً "البكاء" بمفعول رجعي على احداث 7 ايار التي وقعت عام 2008، والتي اخذ المعنيون بها قراراً ضمنياً بدأوا التزامه وهو طي صفحتها.

ربما كان المضمر من الرسالة، نكء جرح اوشك على الاندمال، وتعريضه للنزف والشمس مجدداً. لذا فإن بعض القارئين في ما وراء سطور الرسالة الجديدة وتوقيتها، ونوعية المواضيع التي ركزت عليها وتمحورت حولها، وتحديداً موضوع المحكمة الدولية، ربما انطوى على رسالة تهدف ضمناً الى الرد ولو بشكل غير مباشر على كلام الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الاخير في شأن المحكمة الدولية ولا سيما التسريبات عن الاستدعاءات التي تمت لعناصر من "حزب الله" وآخرين محسوبين على الحزب، خصوصاً ان معظم القوى المعنية في الداخل اللبناني، لم تجد في كلام السيد نصرالله ما يمكن ان تعتبره ثغرة ما يمكن النفاذ منها لانتقاده لا بل ان هذه القوى بادرت الى الاشادة بالكلام. ذلك هو الامر الاكثر إثارة الذي وجد هؤلاء المعنيون بالرسالة الجديدة المنسوبة الى تنظيم بات الجميع يعلم أنه صار عبارة عن تنظيمات يمكن استئجارها واستخدامها في هذه الساحة او تلك.

وبالطبع، فإن حديث القرعاوي عن "المنطقة العازلة" التي يشكلها "حزب الله" والجيش اللبناني امام الراغبين في مقاتلة الاسرائيليين انطلاقاً من جبهة الجنوب، هو الكلام الوحيد الوارد في الرسالة والذي يتخذ صفة "المكرر". فمنذ زمن وجه تنظيم "القاعدة" اصابع الاتهام الى "حزب الله" محاصراً اياه بتهمة سد السبل امام من يرغب بمقارعة الاسرائيليين.

وهذا الكلام يقرأه المعنيون بالرسالة على انه بات شعاراً يردده هذا التنظيم الذي دائماً توجه اليه الاسئلة المكثفة عن سبب حضوره في اربع رياح الأرض وفي اقاصي الجبهات وسبب غيابه عن الجبهة الاكثر الحاحاً والأكثر شرعية وهي جبهة مواجهة الاسرائيليين.

لذا فإن هذا التنظيم يعود الى هذه اللازمة كلما شاء ان يرد على التهمة التي ستبقى تلاحقه كوصمة عار.

وفي كل الاحوال لا تقيم هذه الجهات المعنية كبير اهتمام بهذه الرسالة التضخيمية، وتنظر اليها على انها "فقاعة" اعلامية.     

Script executed in 0.20024800300598