أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

ما هو فحوى الرسالة السورية الجديدة إلى من يعنيهم الأمر في بيروت ؟

السبت 10 نيسان , 2010 08:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,765 زائر

ما هو فحوى الرسالة السورية الجديدة إلى من يعنيهم الأمر في بيروت ؟

والسؤال الملح حيال ذلك هو هل يسارع "الراعي" السعودي المواكب لهذه العلاقة الى معالجة الموقف على عجل، واعادة الامور بين الطرفين الى خط سيرها التطبيعي كما دللت التطورات الاخيرة، ام ان سير التطورات يذهب بهذه العلاقة الطرية العود التي تمر، كما هو معلوم، في فترة "نقاهة" واختبار، نحو التجميد او التوتير، وبالتالي تعود الامور سيرتها الاولى أي السيرة الصعبة؟

المصادر اياها ما زالت تراهن على معطى اساسي فحواه انه ليس من مصلحة الطرفين واستطراداً ليس من مصلحة بيروت ودمشق على حد سواء، على الاطلاق اعادة عجلة الامور الى نقطة الصفر وتبديد ما تحقق على تواضعه، خلال الاشهر الثلاثة الماضية وبالتحديد منذ ان ولج الرئيس الحريري عاصمة الامويين قبل نحو اربعة اشهر.

وبالتالي فان في جعبة المصادر اياها يقيناً بأن الفرصة متاحة لازالة العقد التي برزت في الآونة الاخيرة ووتّرت المناخات، التي كانت تهيئ لزيارة مرتقبة للرئيس الحريري لدمشق، ولكن هذه المرة على رأس وفد رسمي، في زيارة ادرجت في خانة تنظيم مستقبل العلاقة بين البلدين.

وتقرّ المصادر العليمة نفسها، بأن العلاقة بين الحريري والقيادة السورية مرت في مرحلة ما بعد زيارة دمشق الاولى، بأكثر من محطة، واستتباباً بأكثر من إختبار. بحسب المعلومات التي توافرت للمصادر اياها، فإن المسؤولين السوريين وحلفاء سوريا في لبنان، تملكهم شعور بعيد زيارة الحريري للعاصمة السورية بأن في محيط الرئيس الحريري من عمل بشكل جاد وسريع لتبديد كل النتائج الايجابية التي نجمت عن زيارة الاخير لدمشق. وقد تبدى ذلك من خلال جملة تطورات وتداعيات سياسية واعلامية، تصب كلها في خانة واحدة هي رفع منسوب المناخ المعادي لسوريا وسلاح المقاومة على نحو غير مسبوق.

وتذكر المعلومات نفسها ان هذا الامر استدعى ان تبادر الجبهات السورية المعنية بالملف الى لفت الجهات السعودية المعنية ايضاً بالملف نفسه. وقد استدعت طريقة معالجة التوتّر ان يسمى رئيس فرع المعلومات في قوى الامن العقيد وسام الحسن حلقة اتصال، وان يزور دمشق اولاً حيث التقى بعيداً من الاضواء الرئيس السوري بشار الاسد واستمع منه الى "خريطة طريق" من شأن التزامها اعادة بعث الروح في العلاقة بين الطرفين ودفعها نحو الهدف المنشود.

وبناء عليه، وبناء على نصيحة سعودية بأن لا مصلحة لاحد ولاسيما للطرف اللبناني الذي يريد ان يؤمن لنفسه فرصة حكم طبيعية، في اخذ العلاقة الوليدة مع دمشق الى مجاهل التوتير ومتاهات الشحن واحتمالات التفجير، بادر الرئيس الحريري الى جملة اجراءات وخطوات غايتها إقناع فريقه، بالكف عن سلوك النهج السياسي والاعلامي الذي اعتاده تجاه القيادة السورية، وكان ابرزها اجتماعه الشهير مع "اركان فريقه الاعلامي" الفاعل والمؤثر والذي حضره بحسب المعلومات المتوافرة للجميع 11 اعلامياً بارزاً (رؤساء وحدات وكتاب ومسؤولو فترات...). وثمة من تعمد ترويج محضر متكامل لمضامين هذا الاجتماع، ومن بين اعضاء الفريق نفسه من حاول الاعتراض والاستفسار، فردّ الحريري مؤكداً ان لا مجال للاجتهاد والنقاش في الامر كله، فلا مجال اطلاقاً بعد الآن لأي انتقاد سوريا، بل هو قرار متخذ عنوانه ان زمن النيل من سوريا قد انطوى بلا رجعة وعلى الجميع التزام هذا التوجه".

ثم كان اجتماع آخر مماثل جمع بين الرئيس الحريري، ومندوبي قطاعات "تيار المستقبل" كافة، وكان المحور الاساسي في هذا الاجتماع طريقة التكيف مع مرحلة سياسية جديدة عنوانها العريض: سوريا ليست عدوة ولا مصلحة لنا في التعرض لها وفق السابق".

وبعد هذين التطورين اللافتين، كان للعقيد الحسن زيارة ثانية لدمشق حيث التقى مسؤولاً سورياً رفيعاً على صلة بملف العلاقات بين البلدين ونقل اليه خلاصة اجواء الرئيس الحريري واطلاعه على التوجهات الجديدة التي قرر السير بها خصوصاً لجهة ما يتصل بمستقبل العلاقة مع سوريا، والامر تم، بحسب المعلومات اياها من اقل من عشرة ايام وكانت نتيجته تطورات ايجابية وانطلاق الاستعدادات الجادة في كل من بيروت ودمشق، توطئة للاجتماع الثاني الاكثر رسمية بين الرئيس الحريري والوفد المرافق والقيادة السورية، وفي ضوء هذا التحسن الملموس والذي كانت احد مظاهره زيارة السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي للمرة الاولى للسرايا ولقاؤه الرئيس الحريري، بادر الحريري الى احاطة مجلس الوزراء علماً بأن موعد زيارته لدمشق سيكون مطلع نيسان الجاري، ثم عاد فتحدد الموعد مبدئياً في 13 من الشهر الحالي و14 منه، ثم افادت المعلومات أن رئيس الوزراء السوري العطري ابلغ الى بيروت أنه سيكون في هذين اليومين في رحلة عمل خارج سوريا وتالياً لن يكون مستعداً لاستقبال نظيره اللبناني.

أمر التأجيل يبدو طبيعياً، لو ان المناخات والاجواء السياسية لم تكن ملتبسة ومتوترة، لذا بادر من هم على تماس مع الامر الى التكهن بأن دمشق تريد ايصال رسالة "استياء" الى الرئيس الحريري" في شكل أو آخر.

وبالطبع، فإن السؤال الذي يطرح نفسه ازاء هذا التطور غير الايجابي هو ما المستجد الطارىء الذي دفع بالامور الى دائرة "التوتير"؟

الاجابة المباشرة التي يعطيها اي مراقب لا يريد ان يحمل نفسه عبء المضي في رحلة تقص وبحث عنه جملة الاسباب الكامنة وراء عودة العلاقة الى دائرة التأزم، هي ان الحريري، لم يستوعب بعد دفتر شروط العلاقة الكاملة المواصفات مع دمشق، فوضع ضوابط صارمة امام فريقه الاعلامي، تمنعه من المضي قدماً في الحملة على سوريا، ولكنه، آثر في المقابل ان يترك حلفاءه الآخرين في فريق 14 آذار وبعض اركان تياره مستمرين بخط سيرهم القديم حيال سوريا وسلاح المقاومة.

وهذا امر لا يستقيم بطبيعة الحال، مع علاقة سوية تحمل صفة الديمومة، مع سوريا، وبمعنى آخر، يقول القريبون من دمشق، ان ثمة احساساً ظاهراً لدى القيادة السورية أن  في بيروت من يحاول ان يتذاكى عليها، فيبني رهاناته على اساس انه ثمة فترة زمنية لا تتعدى الاشهر الاربعة ستكون بمثابة مرحلة انتقالية في المنطقة ككل لتبدأ بعدها معالم المرحلة المقبلة تتضح من خلال جلاء ملابسات.

- العلاقة الاميركية – الايرانية وهل تأخذ منحى التصادم عبر فرض عقوبات جديدة على ايران ام ينفتح باب التفاوض بين الطرفين؟

- احتمال انعكاس ذلك على الوضع في الجنوب او غزة من خلال تصعيد متدرج للأوضاع فيها.

- العودة الى ملف المحكمة الدولية واشهاره كسيف، وعليه فان عنوان "التذاكي" الذي تخشاه دمشق، وتجلياته تظهر واضحة من خلال عدم الجزم والحسم في كل ما هو مطلوب ومعروف لتصفية ذيول مرحلة الاعوام الخمسة الأخيرة، كالابقاء على اتفاقات تلك المرحلة وخطابها المعروف، وازدواجية اللغة حيال دمشق وسلاح المقاومة، حتى اذا انطوت المرحلة الانتقالية تلك تكون العدة جاهزة للسير بركاب المرحلة الجديدة.

وبناء عليه، فان دمشق ارادت في الايام الأخيرة ان تبعث الى يعنيهم الامر في بيروت وفي مقدمهم الرئيس الحريري برسالة فحواها أنها اولاً لا ترضى بدفتر شروط الآخرين القائم على الاستعداد لضبط جزء من حلفائه وجعله يتكيف مع التطور الجديد في العلاقة معها وترك الحبل على غاربه للجزء الآخر، فهذا الواقع عبارة عن "تقاسم ادوار" غير مرغوب فيه.

والى ان تسمع سوريا رد الآخرين على رسالتها الجديدة، سيبقى الوضع على ما هو وستبقى العيون شاخصة الى السعودية التي اعتادت ان ترسل الامير عبد العزيز بن عبدالله الذي بات المنسق والراعي. 

Script executed in 0.20531487464905